يشهد مناخ الاستثمار في مصر، لاسيما في محافظات الصعيد تحديات كبيرة خلال الفترة الحالية نظراً للظروف المتعلقة بالانفلات الأمني وانتشار أعمال الشغب والبلطجية من قبل العديد من القوى السياسية والجهات المحسوبة على النظام السابق "الفلول"، وتستمد غطاءها السياسي من تبريرات المعارضة التي لا ظل لها على الأرض ما يؤثر سلباً وبقوة على مناخ الاستثمار، وتدفقات النقد الأجنبي، برغم توافر عدداً من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات الاقتصادية مقسمة على أقاليم مصر الجغرافية. والفرص الاستثمارية متاحة وعديدة تتضمن مشروعات في قطاعات البنية الأساسية والمرافق العامة في المحافظات المختلفة باستثمارات إجمالية تصل إلى 16 مليار دولار، وتتنوع المشروعات بين الطرق والسكك الحديدية والموانئ ومحطات الصرف الصحي ومحطات المياه ومشروعات التنمية المتكاملة في طريق الصعيد - البحر الأحمر والمناطق الاقتصادية المتخصصة في شمال غرب خليج السويس ومشروعات التنمية السياحية وإدخال مدن السياحة الطبية. وتهدف هذه الخطة الشاملة للشراكة بين القطاع العام والخاص إلى تحسين جودة الخدمات المتاحة على مستوى الدولة. التهميش التهميش والنسيان جعل أهالي الصعيد يشعرون بالغربة في أوطانهم، لكنها طويلة استمرت لأكثر من ثلاثة عقود منذ تولى النظام البائد الفاسد حتى قيام ثورة 25 يناير، برغم أن الصعيد وحده كفيل بأن تصبح مصر دولة من أقوى الدول لما يحويه الصعيد من خيرات ومقدرات منها نهر النيل وأراض زراعية خصبة سواء على ضفاف النيل أو في الصحراء الشرقية والغربية؛ فالصعيد يقع على بحيرة من المياه الجوفية ومنبع للمناجم من مختلف المعادن وكثيف بالموارد البشرية؛ والمعابد والمتاحف التي تعد من أهم مصادر الدخل القومي لمصر؛ فهو غني بالمبدعين والسياسين والمفكرين والمخترعين. وقد تعمد النظام البائد تهميش الصعيد ومسحه من خريطة التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية، وتعمد غلغلة شعور الغربة لدي أهل الصعيد وكأنهم يعيشون فى دولة أخرى. ويعاني الصعيد من مشكلات تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتدنى الخدمات العامة والفقر المجحف وسوء الأحوال الاجتماعية وسوء التعليم والصحة وغيرها. وعن تدهور المستوى التعليمي بالصعيد نجد أن لكل 14 تلميذا مدرسا في محافظات الوجه البحري ، بينما لكل 26 تلميذا مدرس في محافظات الصعيد ، كما نجد ارتفاع معدلات الأمية بشكل غير طبيعي ، والأمثل كثيرة منها انه تم قفل معهد دينى منذ ست سنوات لعدم تجديد المعهد. ولا يخفى عليكم تدهور المستشفيات التي أصبحت مقبرة الموتى، وليست شفاء للمرضى، فلا يوجد بها علاج إنما يوجد بها وسائل منع الحمل، ووسائل المواصلات، فيأتى قطار الصعيد في المقدمة الذي يطلق عليه قطار حورس الذي يحمل بين عرباته المظلمة شيوخا ونساءً. أما عن الخدمات العامة متدنية تماماً وتعانى من إهمال شديد بل الكثير من المؤسسات قد تعطلت واُغلقت بسبب عدم الصيانة والرعاية، وعن مياه الصرف الصحي التي يشربها أهل الصعيد. ونذكر أهم مشكلة تحتاج لثورة لتحرير العقول والفكر للقضاء عليها وهي مشكلة العصبية القبلية التي تهدد الصعيد بشكل مخيف ولافت للنظر، فالعالم يفكر ويخترع ويبنى فوق كوكب المريخ والصعيد مازال يعانى من العصبية القبلية. مرسي وتنمية الصعيد أطلق الرئيس مرسي خلال زيارته الأخيرة إلى سوهاج خطة تنمية الصعيد التي تشمل تطوير المثلث الذهبى للثروة المعدنية قفط - سفاجا - القصير، وانشاء 10مجتمعات عمرانية جديدة وتنمية مدينة قنا الجديدة، وإنشاء مركز اقتصادي لوجيستي في شمال غرب سفاجا، فضلاً عن إقامة 5962 وحدة سكنية بمحافظات ومدن الصعيد اعتبارا من 1 أغسطس 2012 حتي مارس 2013 في إطار المشروع القومي للإسكان الإجتماعي. وجارى الإنتهاء من بناء 22380 وحدة وذلك في محور تنمية الصعيد. وفي مجال مياه الشرب تم تنفيذ 52 مشروعاً، بطاقة 312 ألف متر مكعب يوميا، وبتكلفة إجمالية تبلغ 618 مليون جنيه، علماً بأن 97 % من الأسر فى الصعيد لديها مصدر للمياه النظيفة .. كما تم الانتهاء من 7 مشروعات صرف صحى بتكلفة إجمالية تبلغ 377 مليون جنيه، هذا فضلاً عن 55 مشروعاً أخرى فى مجال مياه الشرب، و34 مشروعاً فى مجال الصرف الصحى سوف يتم الانتهاء منها قبل 30 يونيو 2013. وفي مجال الزراعة تم الانتهاء من 35 مشروعاً زراعياً فى محافظات الصعيد من إجمالى 85 مشروعاً فى محافظات الجمهورية. وفي مجال الري، تم تنفيذ مشروعات صرف مغطى في 5000 فدان، وافتتاح وتشغيل 7 محطات رفع، وتنفيذ أعمال تغطيات 2 كلم ترع ومصارف، وإنشاء 5 كبارى على مجارى مائية. في التعليم العالى، تم الانتهاء من إنشاء مجمع المستشفيات الطبية بجامعة المنيا بتكلفة 250 مليون جنيه، ومبنى كلية الطب الجديد بجامعة الفيوم بتكلفة 85 مليون جنيه، ومبنى كلية الهندسة بجامعة بنى سويف بتكلفة 37 مليون جنيه. وفي التربية والتعليم تم الانتهاء من 100 مشروعاً تعليمياً، و1275 فصلاً دراسياً، وفي مجال النقل تم تطوير 8 محطات سكك حديدية بتكلفة 45 مليون جنيه، كما تم إنشاء الوصلة من الطريق الرئيسي (قسطل - وادي حلفا) حتي منفذ قسطل البري بطول 700 متر، والإنتهاء من تنفيذ المنشآت والمرافق اللازمة للتشغيل الجزئي لميناء قسطل البري بتكلفة 45 مليون جنيه، وفي مجال القوى العاملة، تم الإنتهاء من إنشاء مركز تدريب مهنى حى الكوثر (محافظة سوهاج) على مساحة (3000) م2 .. والإنتهاء من مركز تدريب مهنى بنى غالب (محافظة أسيوط) على مساحة (23614) م2 ، كما تم الإنتهاء من إنشاء وتجهيز مركز تدريب مهنى قفط (محافظة قنا ) على مساحة (3500) م2. علماً بأن تلك المراكز تولى الاهتمام بتوفير فرص عمل للمرأة ، والمرأة المعيلة من خلال التدريب على مهنة التفصيل والحياكة. وفى مجال المجتمعات العمرانية الجديدة، يوجد 10 مجتمعات جديدة بالصعيد (الفيوم الجديدة - بني سويف الجديدة - المنيا الجديدة - اسيوط الجديدة - سوهاج الجديدة - قنا الجديدة - طيبة الجديدة - اخميم الجديدة - الأقصر الجديدة) .. وتم إنجاز عدد من المشروعات بها منها محطة تنقية مياه طيبه الجديدة لتصل طاقتها إلى 35 ألف م3 يوميا، وجارى تنفيذ المرحلة الأولى من محطات تنقية المياه بالتجمعات العمرانية أسوان الجديدة ( 25 ألف م3 / يوم ) وسوهاج الجديدة ( 25 ألف م3 / يوم ) وقنا الجديدة ( 25 ألف م3 / يوم ). حوافز استثمارية إن الصعيد من أكثر مناطق مصر فقراً، غير أنه يعج بالعديد من الحوافز الاستثمارية، التي تحتاج لمساندة من الدولة بالشراكة مع القطاع الخاصة ومساندة الشركات الكبرى في الداخل والخارج للترويج لتلك الفرص الاستثمارية بمحافظاته مترامية الأطراف. ينبغي الاستفادة من الفرص المتاحة في منطقة الصعيد بمصر لاسيما وأن به نحو ثلث سكان مصر، وبه العديد من الموارد البشرية والطبيعية، كما أن الحوافز الاستثمارية في الصعيد ساهمت في ارتفاع نسبة الاستثمار هناك حيث تم تأسيس نحو 673 شركة في الصعيد وذلك قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير. وسعت تلك الشركات منذ الوهلة الأولى للاستثمار إلى تأسيس مراكز تدريب وتأهيل لأبناء الصعيد بدلاً من استجلاب عمالة من الخارج، وذلك بفضل مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث أنها فرصة ذهبية لتنمية الموارد والبنية التحتية . ويزخر الصعيد بالعديد من المشروعات الكبرى والتنموية بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص بتكلفة مالية تصل الي 5.52 مليار دولار، وأغلب تلك المشروعات لديها ضمانات سيادية من وزارة المالية والدولة، وترتبط بمشروعات البنية الأساسية كالطاقة المتجددة والمخلفات الصلبة. وهناك العديد من مشروعات البنية الأساسية كطريق الصعيد البحر الأحمر ومطار في سوهاج وتحديث مطار أسيوط، ومنحت لشركة البحر الأحمر نحو 200 ألف فدان و150 مترا علي جانبي الطريق. يحتاج الصعيد لخطة متكاملة للتنمية سواء من خلال تطوير البنية الأساسية بإنشاء الطرق أو بإنشاء شركات جديدة بمدن وقري الصعيد أو من خلال جذب المزيد من الاستثمارات له، فضلاً عن الإرادة السياسية التي تضع في مقدمة أولوياتها عملية تطوير أقليم الصعيد وتحويله لمناطق جاذبة للاستثمار ولمشروعات التنمية من أجل زيادة فرص العمل لأبنائها ورعاية الفئات محدودة الدخل في هذه المحافظات. كما يحتاج إلى ضرورة تسليط الضوء إعلاميا علي عمليات الاستثمار وحوافزها وما تحتاجه من تسهيلات بصفة عامة، مع التركيز علي الفرص الاستثمارية المتاحة بالصعيد والتعريف بمزايا وحوافز الاستثمار التي تقدمها الدولة للمستثمرين من أجل تحفيزهم علي الاستثمار في مدن وقري الصعيد المختلفة.