في خطوة أخرى وجديدة للبلطجة الصهيونية التي دائمًا ما تجد الغطاء الأمريكي - الغربي لممارسات خارجة عن القانون والأعراف الدولية، شن الطيران الصهيوني غارة على مركز للأبحاث بالقرب من العاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء 30 يناير الماضي. فقد جاءت الغارة برسالة واضحة مفادها أن مؤشر التوتر والتصعيد الأمني بالمنطقة في تزايد، حيث اُعتبرت بمثابة رسالة وبداية وامتحان لرد سوريا وحلفائها على هذا التصعيد الصهيوني، فيما أفادت تقارير صحفية بأن تل أبيب قد تشاورت مع واشنطن وأبلغتها بالعملية قبل القيام بها. فقد أقر الكيان الصهيوني ضمنياً بأنه شن غارة جوية في الداخل السوري، حيث أكد وزير الدفاع إيهود باراك أمام مؤتمر الأمن الدولي بميونيخ :"ما حصل قبل أيام يثبت أنه حين نقول شيئًا إنما نلتزم به لقد قلنا إننا لا نعتقد أنه يجب السماح بنقل أنظمة أسلحة متطورة إلى لبنان"، في إشارة إلى حزب الله حليف دمشق. منطقة عازلة ولم يكتف الكيان الصهيوني بهذه الغارة لكن ينوي إقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية لمنع الجماعات "المتشددة" من الاقتراب من الحدود إذا انهار نظام الأسد، وأوضحت مصادر صهيونية أن القيادة العسكرية للشمال لديها خطة اليوم التالي التي تفترض أن الأسد لم يعد رئيساً لسوريا وأن هناك خوفاً من رؤية عناصر مسلحة تسعى إلى الاقتراب من السياج. وأضافت المصادر "يريدون إقامة نوع من المنطقة العازلة في الأراضي السورية وإخطار الكل بها، ذلك لمنع اقتراب مسلحين من السياج من دون أن نتمكن من منعهم أو من رؤيتهم". ورفض متحدث عسكري صهيوني التعليق على هذه الخطط، مذكرا بأن الحاجز الأمني الجديد على طول خط فض الاشتباك مع سوريا عند هضبة الجولان بات شبه مكتمل. إيران كلمة السر ويرى الكثير من المراقبين والخبراء والمتابعين للمشهد السياسي في المنطقة، أن إيران هي كلمة السر وراء التصعيد الصهيوني الأخير ضد سوريا، بل وذهب بعضهم أن اتهم الأسد بتدبير هذه الغارة بالتنسيق مع تل أبيب، حتى يورط المعارضة السورية في أن تكون السبب في اشتعال حرب إقليمية بالمنطقة، أو على الأقل يتم إشغال الكيان الصهيوني عن المشروع النووي الإيراني. وليس دليل على الدعم الإيراني اللا محدود لنظام الأسد، من تصريحات أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، والتي أعرب فيها عن ثقته بحكمة القيادة السورية في التعامل مع هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف الدور الريادي لسوريا في محور المقاومة، مؤكداً دعم الجمهورية الإسلامية الكامل للشعب السوري المقاوم في مواجهة العدو الصهيوني وحرصها على التنسيق المستمر مع سوريا للتصدي للمؤامرات والمشاريع الخارجية التي تهدف إلى زعزعة أمن المنطقة واستقرارها. كما عبر المسؤول الإيراني عن تقدير بلاده لخطة الحل السياسي التي طرحها الأسد لحل الأزمة في سوريا والخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية لتنفيذ مراحل هذه الخطة، مجدداً استعداد طهران لتقديم أي مساعدة تساهم في إنجاز الحوار الوطني باعتباره "السبيل الوحيد لخروج سوريا من أزمتها". إرهاب الدولة من جانبه، ندد رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بالغارة الجوية الصهيونية، معتبراً أنها خرق غير مقبول للقانون الدولي، متهما الكيان الصهيوني باعتماد "إرهاب الدولة"، وقال :"لا يمكننا أن نعتبر مقبولاً خرق المجال الجوي لأي بلد، وما قامت به إسرائيل يتعارض مع القانون الدولي". وأضاف "أنا قلق لأنه في هذا النوع من الحالات يمكن توقع أي سيناريو في المستقبل". مبادرة الخطيب هذا فيما أجرت المعارضة السورية للمرة الأولى اتصالات مع أبرز دولتين داعمتين لنظام الأسد، روسياوإيران، اللتان رحبتا برغبة الائتلاف الوطني السوري المعارض بفتح حوار ولو مشروط مع النظام السوري. ورحب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي برغبة رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب في التحاور مع النظام في دمشق، قائلاً :"إنها خطوة جيدة إلى الأمام"، مشيراً إلى عرض الخطيب الذي عقد معه اجتماعاً جيداً جداً على هامش المؤتمر حول الأمن في ميونيخ. وهذا الاجتماع هو الأول بين صالحي والخطيب الذي التقى أيضاً وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونائب الرئيس الأمريكي جو بايدن. وكان لافروف وصف مبادرة رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض بأنها خطوة مهمة جداً ووعد بإجراء اتصالات منتظمة مع المعارضة. وترفض موسكو تغيير النظام بالقوة في سوريا وهي نقطة الخلاف الرئيسية مع واشنطن التي تطالب برحيل الأسد من السلطة. من جهته أكد الائتلاف الوطني السوري المعارض أن على روسيا أن تضغط الآن على نظام الأسد لوضع حد للنزاع في البلاد. من جهتها أبدت تركيا وهي من أبرز الجهات الداعمة للمعارضة السورية، شكوكاً حيث اعتبر وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو أن حواراً بين النظام والمعارضة في سوريا لن يتيح إيجاد حل للنزاع في هذا البلد. وقال داود أوغلو في اليوم الأخير للمؤتمر الدولي حول الأمن "يقول البعض إنه يجب أن يكون هناك حوار بين النظام والمعارضة ، لكن ذلك طريق خاطئ، لا يمكن أن يكون ذلك حلاً".