يتتبع الإعلام والمشاهد المصري هذه الأيام بشغف وحماسة خطوات الداعية الإسلامي الشيخ محمد عبد الرحمن العريفي الذي يزور البلاد حاليا ، في ظاهرة تعكس مدى التغير الجذري في المزاج العام وثقافة المصريين ، ممن كان معظهم بالأمس همه الأكبر وشاغلته العظمي اقتفاء آثار أهل الفن والرياضة. انعكست ثورة يناير بالإيجاب على اهتمامات المصريين وشواغلهم الفكرية ، وأتت بثمارها ، وردتهم ردا جميلا لثوابتهم الأصلية التي تتسق مع فطرتهم السلمية التي لا اعوجاج فيها ، بعيدا عما يصدون عن سبيل الحق ويبغونها عوجا ، وبات المصريون قادرون على التمييز بين الغث والسمين ، وعاد احترام وإجلال العلماء وتتبع خطاهم من سيرهم الأساسية وأحاديثهم الجانبية بين الطرقات. وإن تعجب فعجب ما سمعنا خلال الأيام الماضية بأن أشهر نجوم الفن والفنانين على مستوى الوطن العربي قد زاروا مصر قريبا ومنهم هيفاء وهبي وإليسا ، ولم يحدث عنهم الإعلام ، أو يلتف إليهم ، اللهم إلا إشارة من قريب أو الظهور في أحد البرامج ضعيفة المشاهدة ، بهدف اصطناع قدر من الشو الإعلامي أو كسد خانة لأحد الحلقات. فزيارة هيفاء وهبي لمصر الشهر الماضي لم تستمر أكثر من 24 ساعة ،وهي الأولى لها منذ طلاقها من رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة ، وذلك لتكريمها بجائزة الإبداع لعام 2012 من مونديال الإذاعة والتليفزيون ، وغادرت ظهر الخميس 13 ديسمبر، ناهيك عن إتجاه أغلب الفنانين المصريين حاليا للظهور كمقدمي برامج في العديد من برامج التوك شو ، لاسيما بعد توقف المنتجين عن إنتاج إفلام سينمائية أو أعمال درامية في تلك المرحلة ، سواء لعدم المحازفة المادية لردائة السيناريوهات ، أو الخوف من السقوط الذريع بعد التحول الفكري الواضح في أولويات المصريين ، وهو الأمر الذي دفع العديد منهم للإتجاه لتقديم البرامج ومنهم هاني رمزي وأحمد حلمي ومحمد هنيدي وغيرهم ممن أتيح له مثل هذه الفرصة ، خوفا من قلة ظهورهم على شاشات الفضائيات ، فينسون وتضل ذكراهم لدى الجماهير التي باتت تفرز وتنتقي ما تشهده وما تلفظه. ولاننس الختام الحزين للدورة 35 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في المسرح الكبير بدار الاوبرا المصرية وسط الأجواء المشحونة بسبب أحداث الاتحادية التي نجم عنها مقتل عدد كبير من أنصار الإخوان المسلمين على أيدي بلطجية حاولوا اقتحام قصر الرئيس والنيل منه. ومع توقف الدوري المصري لأكثر من عام تقريبا ، لم تعد برامج الرياضة تجد ماتقوله للمشاهدين، حتى أن بعض مقدميها انصرفوا للحديث عن السياسة والأوضاع التي تمر بها البلاد ، ولم يعي المصريون كثيرا بتوقف الدوري أو الكرة المصرية بأي حال ، فلم يعد فارقا لدى المصريين ما يحدث في هذه الأوساط الكروية ، فبؤرة الاهتمام اختلفت تماما ، ومضمار المشاهد بات ممهدا بالعديد من القضايا الأكثر تأثيرا وفعالية في حياته اليومية. لعل زيارة الدكتور العريفي قد كشفت معدن المصريين الثمين ، لاسيما بعد التهافت على الداعية الإسلامي ، والسعي لحضور خطبه ولقاءاته سواء في المنصورة أو مسجد الحصري ب6 أكتوبر، وأصبح الشاغل الوحيد لوسائل الإعلام حاليا إلى جانب الموضوعات السياسية ، الوصول للداعية وعقد حوار معه سواء في الصحف أوبرامج التوك شو مثلما كان بالأمس مع الإعلامي عمرو الليثي. يذكر أن الشيخ محمد العريفي قد ألقي في أحدى محاضراته خطبة أكثر من رائعة عن مصر ، ودورها ومكانتها في المنطقة ، ماأحيا في نفوس المصريين بالكامل الأمل حيال تحسن الأوضاع في البلاد ، والعودة إلى الريادة مجددا ، فضلا عن دعوته لرجال الأعمال في العالم للاستثمار بمصر كقوة اقتصادية واعدة ، وأنها قادت الأمة الإسلامية وصدرت ثقافتها للغير ، مطالبا الجميع بالعمل على استقرار مصر لتصبح من الدول المتقدمة قريبا.