هناك خطأ كبير يكاد يكون شائعاً في أوساط الأميركيين (وغيرهم) مؤداه أن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في عام 2014 سوف ينهي ما يراه البعض حرباً بين الولاياتالمتحدة مع العالم الإسلامي، الحرب التي بدأت في الحادي عشر من سبتمبر 2001. وعلى ما يبدو فإن الإدارة الحالية في واشنطن، والجزء الأكبر من مجتمع السياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة، مصممون على إثبات صحة نبوءة مشؤومة تنبأ بها صمويل هنتنجتون تقول إن الحرب "التالية" التي سيشهدها العالم سوف تكون حرباً بين الحضارات! وقد أظهر المرشحان الرئاسيان الأميركيان، اللذان يخوضان الانتخابات يوم غد الثلاثاء، التزاماً بمواصلة هذه الحرب من خلال اتباع إجراءات قتل مبرمج من جانب واحد، لأفراد منتقين في بعض الدول الإسلامية، ما يضمن امتداد هذه الحرب إلى ما لا نهاية، وذلك نتيجة لعمليات الانتقام من تلك الضربات التي سيوجهها أفراد ذلك المجتمع حتماً، وبأي وسيلة تتاح لهم. وعدم قانونية ضربات الطائرات من دون طيار في نظر القانون الدولي، سوف تؤدي حتماً إلى زيادة العزلة السياسية عن الحلفاء، والتي تعاني منها الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن، وزيادة سمعتها سوءاً. وقد سئل المرشح ميت رومني، منافس أوباما في الانتخابات الرئاسية، في المناظرة الأخيرة بينهما عن رأيه في استخدام الطائرات من دون طيار، فكان جوابه: "أعتقد أننا يجب أن نستخدم أي وسيلة ضرورية للتخلص من الأشخاص الذين يمثلون تهديداً لنا ولحلفائنا... وأرى أن الرئيس كان على حق عندما زاد من وتيرة استخدام هذه التقنية". والحقيقة أن الطائرات القاذفة التي تطير من دون طيار، باتت السلاح المناسب تماماً لما أصبح يمثل الأسلوب والطموح الأميركي، نظراً لأنها تعتبر سلاحاً قادراً على التواجد نحو أي مكان، وعلى مدى شاسع، كما تستطيع قتل الأعداء من دون أي خطر على الجندي الأميركي الذي يقوم بتشغيلها والذي يكون في الغالب جالساً أمام شاشة كمبيوتر في مكان ما داخل الولاياتالمتحدة. وتلك الطائرات تستخدم للقتل، وفق رغبة الرئيس، وحسب اختياره للشخص أو الأشخاص الذين يريد التخلص منهم ضمن قائمة بأسماء هؤلاء الذين يمثلون تهديداً للولايات المتحدة وحلفائها، تقدم إليه من قبل مسؤولي الاستخبارات. وهذه القائمة يتم تعديلها على الدوام، حتى تكون تحت إمرة الرئيس، من قبل هيئة الموظفين البيروقراطيين الآخذة في الزيادة في واشنطن، والتي تستخدم معياراً سرياً ولا تخضع لأي مراجعة قضائية من أي نوع. والاستخدام غير القانوني لذلك السلاح يتسق -للأسف- مع غيره من الممارسات غير القانونية للمؤسسة العسكرية الأميركية، مثل استخدام ذخائر مدفعية مصنعة من اليورانيوم المخصب، واستخدام القنابل الانشطارية، واستخدام تكتيكات "الصدمة والرعب" ضد السكان المدنيين، واستخدام التعذيب والتسليم غير القانوني للأسرى، والاستمرار في حبس المساجين إلى ما لا نهاية ومن دون محاكمة، ورفض الأحكام الصادرة من محاكم جرائم الحرب الدولية. وأميركا تواصل هذه الممارسات بزعم أنها تتعرض للتهديد من جانب الإرهاب الدولي، رغم حقيقة أنه لم يقع حادث إرهابي في الولاياتالمتحدة منذ الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي والبنتاجون في سبتمبر 2001 ،كما لم يقع حادث إرهابي ذا شأن ضد أحد من حلفائها في غرب أوروبا منذ هجمات مدريد والهجمات ضد محطات مترو لندن بعد ذلك بفترة قصيرة. وهجمات الحادي عشر من سبتمبر المروعة في حد ذاتها، كانت حسب تعريف مخطط هذه الهجمات (بن لادن) عملية انتقامية من الولاياتالمتحدة لإصرارها على استمرار بقاء قواتها في المنطقة. وليس هناك أسباب تدعو لعدم توقع وقوع هجمات انتقامية من جانب المسلمين بسبب الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين الأبرياء- وغالباً ما يكون عدد كبير منهم من النساء والأطفال- جراء ضربات الطائرات من دون طيار التي تقول الولاياتالمتحدة إنها تستهدف بها الإرهابيين. وفي الوقت الراهن تكثف أميركا أنشطتها العسكرية في غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والقرن الأفريقي كما تعمل على توسيع وزيادة عدد قواعدها العسكرية المنتشرة في مختلف أنحاء العالم. ويقدر عدد المسلمين في العالم بحوالي 1.6 مليار نسمة، يعيش معظمهم في قارتي آسيا وأفريقيا، حيث تخوض الولاياتالمتحدة وحلفاؤها حرباً في الوقت الراهن. وبالإضافة إلى الباكستانيين، هناك عدد معتبر من الأفارقة وغيرهم من المسلمين الذين يعيشون في أماكن أخرى من العالم ويعتبرون متعاطفين ومتضامنين مع العرب.