كان هذا السؤال يجول بخاطري وأنا أرتدي حذائي خارج المسجد! اعتدت أن أشاهدها وأطفالها الستة أمام المسجد في منطقة المعادي "الراقية!" أحيانا يظهر زوجها "المغيب" وكثيرا ما يختفي... تبيع المناديل ولديها بنت وولد في المدرسة القريبة، يحضرون بعد المدرسة للجلوس معها حتي صلاة العصر ثم تختفي الأسرة (تماماً كما تختفي أحلامهم)! أدخلتهم المدارس رغم صعوبة الحال ومازلت تحاول وتحلم بمستقبل مختلف (والله قادر ولاشك)... زملاء الدراسة يمرون عليهم ولابد أنهم يسخرون منهم في ظل تربية منعدمة وأخلاق شحيحة من أولياء الأمور فكيف بالأبناء؟! طفلها الصغير دائماً ما يلعب ويضحك ويجري علينا بعد الصلاة مبتسما وحاملا أكياس المناديل التي تعني للأسرة الكثير! لايدرك بعقله الصغير وقلبه البرئ صعوبة الموقف الذي أدركه إخوته الأكبر سنا... في وجوههم حزن دائم ونظرات يائسة... في هذه المواقف لا أنظر في عيني السائل وأخجل جداً من نظرات الأطفال عند مساعدتهم بجنيهات قليلة فإني فعلا وكما قال من سبق "أخجل أن أري في أعينهم ذل السؤال"! عندما ينعم الله عليك وتجد نفسك ترجو صغيرك أن يشرب كوب اللبن أو أن يتكرم وينهي وجبته أو أن يقبل مشكوراً نوع الشيكولاته التي أحضرتها! فتذكر -بعد أن تحمد الله- أن الله قد ابتلاك بالمال كما أنه قد ابتلي غيرك بالفقر، ثم علم أولادك أن هناك جانباً أخر للمدينة ووجه أخر للحياة لابد أن يروه ويتعرفوا عليه حتي يقدروا النعمة ويشعروا بغيرهم ولا يسخروا منهم! يرن في أذني الآن صوته الدافئ الحكيم صلي الله عليه وسلم "صنائع المعروف تقي مصارع السوء"، نعم وحقا وصدقاً، إذا كنت خائفاً من المستقبل قلقاً علي أبنائك وتخشي مصارع السوء فجرب متعة العطاء واصنع المعروف واستمتع -فعلا- بحياتك!