الزمان: حج سنة 2010 ... تجمعني الخيمة في "منى" مع مجموعة رائعة من المصريين ... نتحدث ليلاً في أيام التشريق وسط أحاسيس إيمانية ومشاعر لاتنسي ... أغلبهم من كبار السن... هناك رجل صامت معظم الوقت يكتفي بالإبتسام ... لحيته صغيرة وبيضاء ووجهه مريح للغاية ... في هذه الليلة تحدث قليلاً كعادته وطلب إيقاظه لصلاة الفجر ... نمت قليلاً ثم صحوت علي صخب في الخيمة، سألت فقالوا أن هذا الرجل قد توفاه الله! يا ألله، كان يجلس معنا منذ ساعات قليلة وينتظر صلاة الفجر! كان راقداً أمامي بهدوء وسكينة كأنه نائم وليس "ميت"... تحدثنا إلي أهله فطلبوا دفنه في مكة حسب وصيته قبل السفر ... وغادر الحياة بعدما وقف بعرفات ودعي وطلب مغفرة الخالق! أخاف من الموت! نعم أخاف منه ... أحب لقاء ربي ولكني أخاف من الموت ولا أدعي الشجاعة المفرطة، أخاف من ذنوبي وأخطائي وأخجل من لقاء "ربي" وأسئلته ولا أعرف كيف سأرد ... لكن هذا الرجل "مات" وكأنه ينتقل بسهولة من حياة إلي حياة أخري! وكأنه مسافر انتهت رحلته القصيرة (وإن طالت) وعادة إلي وطنه الحقيقي! في هذه الأيام المباركة أسأل الله أن يحسن خاتمتنا وأن يعفو عنا ويتجاوز عن عثراتنا ... وكما قال أحد الصالحين قديماً مناجياً ربه بحسن ظن بعد عمل صالح "أتعذبنا وفي أجوافنا التوحيد؟ لا أراك تفعل!" نعم يارب لا أراك تفعل!