أشار الكاتب الصحفي فهمي هويدي إلى إن من مفارقات الأقدار وسخريتها أن الرئيس الأسبق حسني مبارك لم يحاسب في سجله الذي جعل منه كنزًا استراتيجيًّا ل"إسرائيل"، في حين يتهم الدكتور محمد مرسي بالتخابر مع حماس (وهي تهمة غير معروفة إلا في "إسرائيل"). وأضاف في مقال له بصحيفة الشروق بعنوان "أسئلة مسكوت عليها": ورغم أننا لا نعترض على محاسبة أي مسئول، إلا أننا نتساءل عما إذا كان الحساب سيظل مقصورًا على الدكتور مرسي وحده، أم أنه سيشمل أيضًا ما نسب إلى المجلس العسكري من اتهامات خاصة بقتل المتظاهرين، وهل سيتم غض الطرف عن تواطؤ مبارك ونظامه مع الآخرين وعن مسئوليته هو ونظامه عن عمليات التزوير والتعذيب وقتل المتظاهرين ضمن قائمة طويلة من الكوارث التي حلت بمصر في عهده؟ وتساءل هويدي: "بماذا نفسر الهجوم الإعلامي وإجراءات التشدد الرسمي في مواجهة الفلسطينيين عامة وأهل غزة بوجه أخص، وضد السوريين الذين ألغيت التسهيلات المقدمة للوافدين منهم، وضد اليمنيين الذين فرضت عليهم تأشيرات الدخول المسبقة؟ في حين يتصاعد منسوب خصامنا مع الأشقاء العرب. فإننا نلحظ سكونًا أشبه بالثبات مع "إسرائيل" عدو مصر والعرب التاريخي". وأوضح أنه قد يفهم المدائح التي يكيلها الإعلاميون للفريق أول عبد الفتاح السيسي، "لكن الذي لم أستطع أن أستوعبه هو لماذا يلجأ البعض إلى الحديث عن تأثر شخصيته بالرئيسين عبد الناصر والسادات؟ لأن مبلغ علمي أن الاثنين لا يجتمعان في شخص واحد، باعتبار أن مشروع السادات يمثل انقلابًا على مشروع عبد الناصر. لا أظن أنهم أرادوا أن يذموا الفريق السيسي وليس لدي اعتراض على مديحه. وفي الأجواء الراهنة فإنني ما عدت أستنكر انتشار النفاق في أوساط السياسيين والإعلاميين، لكنني فقط أدعوهم إلى إتقان العملية! وأوضح أنه يوم 23/7 نشرت جريدة الأهرام عنوانًا رئيسًا ذكرت فيه أن النائب العام أمر بحبس الدكتور محمد مرسي 15 يومًا بتهمة التخابر مع حركة حماس. وأثار الانتباه آنذاك - وفق ما يقول هويدي - أن المتحدث العسكري سارع إلى نفي الخبر وتكذيبه «جملة وتفصيلاً»، واتهم الجريدة بأنها استهدفت به «إثارة البلبلة وتهييج الرأي العام لتحقيق أغراض مشبوهة لخدمة تيارات سياسية معينة». ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، وإنما أعلن رسميًّا أن رئيس تحرير الأهرام الزميل عبد الناصر سلامة أحيل إلى التحقيق لسؤاله فيما اقترفت يداه، وفي حين تحول الأمر إلى فضيحة مهنية نالت من صدقية الأهرام، ودعت بعض محرري الجريدة إلى التعبير عن غضبهم إزاء ذلك، حين طالبوا بإقالته، ونشرت الصحف أن رئيس التحرير خضع للتحقيق، ثم أفرجت عنه النيابة بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه. إلا أنه لم تمض ثلاثة أيام حتى أعلن قرار النائب العام حبس الدكتور محمد مرسي، ونشرت الأهرام الخبر مذيَّلا بكلمتين هما: «لا تعليق»، وهو ما فتح الباب لسيل من الأسئلة حول الجهة السيادية التي قامت بتسريب الخبر ودوافع تكذيبه من جانب القوات المسلحة، مع اتهام من سربه ونشره بالبلبلة وتهييج الرأي العام «لتحقيق أغراض مشبوهة»، الأمر الذي وضعنا أمام مشهد غامض مشحون بالوقائع الملتبسة وأقنعنا بأن مبلغ الخمسة آلاف جنيه التي دفعها رئيس تحرير الأهرام كفالة لإخلاء سبيله، إما أنها كانت تمثيلية، أو أنها كانت شدَّة أذن له، لأنه نشر الخبر قبل الموعد المقرر، وكانت الخلاصة أننا ظللنا نسأل دون أن يسمح لنا أن نفهم.