أكتب اليوم عن مشاهد رأيتها بعينى فى ميدان الصمود والكرامة ميدان رابعة العدوية على مدى خمسة أيام قضيتها هناك قبل وبعد الإنقضاض الخسيس على إرادة الأمة الذى خرج بالملايين لينتخب أول ر ئيس شرعى للبلاد فى التاريخ. شعرت بمشاعر لم أشعر بها من قبل فى حياتى سوى فى الحرمين الشريفين من السكينة والطمأنينة رغم جسامة الحدث وغدر الطعنة , منتهى الصبر والاحتساب والإيمان بأن فرج الله قريب, فقد هب الشعب المصرى بكل عفوية من جميع محافظات مصر رغم وعثاء السفر وفراق الأهل والأحبة حمية للكرامة المهدرة على ظهر الدبابات , محتسبين عند الله أعمالهم , رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً , حتى أصحاب الإعاقة , خجلت من نفسى وأنا أرى العجائز يهتفون بكل حرقة وحماسة إنتصاراً للشريعة والشرعية , بعدما شعروا بإهانة قيادتهم العسكرية لهم ولإرادتهم التى سلبت قسراً . إنقلب الفريق السيسى على الرئيس مرسى الذى ولاه منصب وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة , رغم إدعاء إعلام العار آنذاك أن الرجل ضمن الخلايا النائمة للإخوان , وأن الجيش فى طريقه للأخونة بل, والأسلمة وكأننا فى بلاد الهندوس والمجوس. إنقلب السيسى بفعل فاعل ليس إنتصاراً للشعب الذى خرج فى 30 يونيو لكن فى إطار سيناريو مدبر ومحكم للإنقلاب على رئيس شرعى (إسلامى) وتلك هى المشكلة , وإلا بم نفسر عدم إكتراثه بالشعب الذى خرج وهب للدفاع عن الشرعية فى رابعة العدوية وميدان نهضة مصر وكل ميادين مصر؟! ألم يكن هؤلاء مصريون يتمتعون بالجنسية المصرية ويحملون بطاقة الرقم القومى ؟! أم أن الإسلامى أو الملتحى والمحجبة فى نظرهم ليسوا مصريين؟!. لم ينتظر السيسى أسبوعاً ليعرف مدى إصرار وطول نفس المتمردين من معتصمى التحرير, بل سارع بتنفيذ السيناريو من اليوم الثانى.. لقد خُدعنا فيك يا سيسى كما خُدعنا فى الكثيرين ممن انكشفت وجوههم العكرة الكالحة. قلت قبل ذلك وسأظل أقول , إن ما حدث وما يحدث ضمن سيناريو الحرب على الإسلام وليس الإخوان المسلمين أو أى فصيل إسلامى , يكرهون الإسلام ديناً وشريعة , ثم يدعون أنهم ضد سياسات الإخوان الفاشلة كنوع من دس السم فى العسل , إلى هذا الحد وصل بهم الحقد والغل على الإسلام لمجرد وصول فصيل إسلانمى للحكم. فمنذ انتخابات الرئاسة وهم يكيدون للإخوان فى صورة الإخوان طبعاً عبر الدسائس كى يصرفوا الناس عن دينهم ويجذبوهم قسراً وجهلاً وقهراً نحو معسكر العلمانية والليبرالية , لقد اقتحم الأحزاب فى عهد التتار الذى نعيشه الآن المساجد وروعوا الآمنين وقتلوا الأبرياء , ثم يقنعونا بكل استغفال أن الأمر لا يتعدى الصراع السياسى وليس له علاقة بالدين من قريب أو بعيد. لقد تآمروا وهم يعرفون أن النتيجة ستكون لهم بالإنقلاب الذى قاده الفريق السيسى , وأعلنوها حرباً على الإسلام, قال أحدهم , إن 30 يونيو ستكون نهاية الإسلام , وقال عميل آخر : لن نكتفى بالإخوان المسلمين فى 30 يونيو بل سنقضى على كل مايسمى بالإسلام السياسى, وقال مريض : لن يكون هناك لحية أو نقاب فى 30 يونيو , وقال شاذ: 30 يونيو ستكون نهاية ابن تيمية , والقائمة تطول لمن أراد أن يتذكر أو ألقى السمع وهو بصير , فالمشكلة ببساطة فى نظرهم ودون تلبيس على الناس هى فى " الإسلام" وليس فى الإسلاميين. لو رأيتم ما رأيته فى رابعة العدوية من إيمان ويقين وإبتهال وذكر وتضرع وصلاة وتوحد فى المشاعر والآمال , لتمنيتم الزحف نحو ميادين الكرامة لإسترداد كرامتكم وحريتكم التى سلبت بكل خسة , كنا نفترش الأرض وننام فى العراء لا تحرسنا سوى عين الله التى لا تنام , ثم إخواننا من أبناء وشباب التيار الإسلامى فى تناوب محكم ومنظم من اللجان الشعبية , نأكل الطعام فى جماعات وإيثار, نتسابق فى الصلاة والذكر والدعاء , تتعالى أصواتنا فى البكاء بعفوية وذل وضعف لله واثقين فى نصر الله وفرجه القريب تضرعاً وخيفة فى صوت واحد " حسبنا الله ونعم الوكيل" مصرين على المضى قدماً فى طريق دعم الشرعية مهما كلف من تضحيات. أرأيتم هل يخذل الله تعالى كل هذه الحشود الهادرة فى معظم ميادين مصر بإيمانها وصدق مسعاها ؟! لا والله بكل يقين سننتصر على الأحزاب , وسيهزم الجمع ويولون الدبر- "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا , وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل." – فالله حسيبنا ونعم النصير. [email protected].