لا يمكن بحال من الأحوال أن تقوم زراعة بدون مياه، لأن المياه هى مصدر الحياة لكل كائن حى بما فيه " الزرع " ولأن المياه ،كما جاء فى القرآن الكريم ،لها دورها المهم والرئيسى فى الحياة، كما ذكر المولى عز وجل "وجعلنا من الماء كل شىء حى "، فبدونها لا توجد حياة ولا تقوم حضارة – ولذلك كلما توافرت المياه عم الخير والرخاء واخضرت اليابسة وتزينت الأرض وشعر الناس بالبهجة والسعادة وأكلوا ما لذا وطاب لهم من خيرات الأرض، والعكس صحيح، فحين تنعدم المياه أو تنقص تصاب الحياة بالشلل ويموت الزرع ويسود الغضب والاستياء، وهذا هو ما ينطبق على حال مزارعى البحيرة هذه الأيام ومنذ فترة طويلة يشكو «الفلاح البحراوى» من نقص المياه وقلتها وجفاف زرعه، فمنذ أيام قليلة ماضية قام فلاحو «شبراخيت» بالبحيرة بقطع الطريق الرئيسى، الذى يربط البحيرة بمدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وذلك بسبب عدم وجود مياه لرى أراضيهم الزراعية؛ حيث منع الأهالى السيارات جميعها من المرور على هذا الطريق و أغلقوه بالحجارة وأشعلوا النيران فى الكاوتش على الأسفلت وحملوا العصى لتهديد أى سائق يحاول المرور عنوة. وأكد الفلاحون أن أراضيهم جفت من المياه، وكذا المساقى والترع لا يوجد بها مياه ، والزرع بدأ يذبل، وهم لا يمكنهم رؤية ذلك بأعينهم ويسكتون بعد أن ملوا من الشكاوى للمسئولين برى البحيرة – كذلك أشار الأهالى إلى أن ماكينات رفع المياه فى بعض المناطق التابعة لمراكز الرحمانية وشبراخيت والمحمودية وأبو حمص وكفر الدوار لا تعمل ولا يدرون سببا لذلك – كما أن إهمال تطهير الترع والمصارف وتراكم أكوام القمامة بها يؤدى لمنع وصول المياه لمساحات شاسعة من الأراضى، كما هو الحال فى "ترعه شاكر" التى تغذى أراضى مدينتى المحمودية والرحمانية -وفى مدينة الدلنجات أكد المزارعون ومنهم «محمد على بربرى»أن الكثيرين من الفلاحين لجأوا إلى رى أراضيهم بمياه الصرف الصحى رغم علمهم بمدى خطورتها على الصحة العامة للمواطنين، ولكن لا بديل للرى سواها لأن المياه بالترع قليلة ولا تروى المساحات الشاسعة من الأراضى، كما أن إهمال تطهيرها وتكسيتها يقلل من كمية المياه الموجودة بها، فلا تكفى للرى، وأكد أن مسئولى الرى البحيرة لا يولون هذه المشاكل أهمية -وأكد «سيد أبو على – فلاح» أن ورد النيل يتزايد بالعديد من الترع على مستوى محافظة البحيرة وهذا الوضع يسبب ضياع كميات كبيرة من المياه، وأن المسئولين يعلمون ذلك ولا يتحركون لرفع ورد النيل من الترع والمساقى -وأشار محمد محمود «فلاح» من مركز إيتاى البارود إلى أن عددا كبيرا من الفلاحين بدأ يترك الأرض بدون زراعة؛ لأنه يكلفها ويصرف عليها ويحرم نفسه من الكثير من احتياجاته ليشترى السماد و التقاوى ويجهز الأرض، ثم يأتى فى النهاية ولا يجد المياه لرى الأرض ليحصد زرعه ويكسب ويعيش " فلماذا التعب ؟! ..وفى قرية عبد المجيد المرسى، التابعة لمدينة بدر شاهدت "الشعب "على الطبيعة مأساة بكل المقاييس، حيث وجدنا محطتين من أكبر محطات رفع المياه وهما محطتا رقم 4 ، 5 وهما ترويان مساحة 3000 فدان وجدناهما مغلقتين "بالضبة والمفتاح"، وعند سؤال الفلاحين الذى تجمعوا حولنا قالوا إنهما معطلتان منذ عدة أشهر، كما شاهدنا مآخذ المياه تتكدس بها القمامة والرمال فى حين أن المياه بالترعة قبل المحطة موجودة ومن السهل لو أنه تم إصلاح هاتين المحطتينن رفع المياه ورى الأراضى ، ولكنه الإهمال والتجاهل من مسئولى الرى بالبحيرة -وأشار الفلاحون إلى أنه لو كان هناك شخصية مهمة بالمنطقة ولها أراض تروى من هذه المحطات لكانت تعمل على أكمل وجه، ولكن لكونهم فلاحين فقراء لا واسطة لهم فهى معطلة وستظل معطلة -وأشار محمد عبد الحفيظ من أهالى القرية إلى أن المحطة المجاورة لهاتين المحطتين وهى بجوار المسجد كان مرصودا لها مبلغ 2 مليون جنيه لعمل إحلال وتجديد لها من شركة الكهرباء، ورغم ذلك لم يحدث شىء منذ ذلك الوقت، حيث «ردمت التباطين»التى تحمل المياه للأراضى وتلفت الزراعات وتفرغ الفلاحون للعب«السيجة»بجوار هذه المحطات الميتة وهى مكلفة على الدولة ملايين من الجنيهات ومتروكة مهجورة يأكلها الصدأ وتسكنها الغربان. كذلك هناك مأساة أخرى يعانيها فلاحو هذه القرية وهى أن العديد من الفلاحين عليهم «مديونيات»للجمعية الزراعية بقرية صلاح الدين، وعند قيام مجموعة بسداد ما عليها من مديونية وطلب توصيل المياه لرى أراضيهم ترفض الجمعية ذلك بحجة أن الجميع لم يسدد ما عليه من ديون حتى لو كان فلاحا واحدا –وفى منطقة مركز 2 سائقين ببدر يشكو عدد كبير من المزارعين الذين يروون أراضيهم من المياه الجوفية من عدم وجود السولار لتشغيل ماكينات رفع المياه من باطن الأرض، وقد أدى ذلك لتلف زراعتهم لعدم ريها، وأكدوا أن السولار يباع فى السوق السوداء بأسعار مرتفعة لا يقدرون عليها، وهكذا فإن نقص المياه وعدم وجود السولار وتعطل محطات رفع المياه وتجاهل المسئولين بالرى بالبحيرة لهذه المشاكل كلها أسباب تؤدى لتلف وهلاك المحاصيل الزراعية وخسارة الفلاح وهجره للأرض الزراعية؛ مما يؤثر فى الاقتصاد القومى للبلاد.