جامعة سوهاج تنظم دورات تدريبية في التسويق وإدارة الجودة للطلاب    في يومها العالمي.. لغة الإشارة ليست مجرد ترجمة للحديث المنطوق    وزير الأوقاف: التصوف خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب    رحلة منتدى شباب العالم.. من شرم الشيخ إلى منابر الأمم المتحدة|صور    عضو "منتجي الدواجن": نعيش مرحلة حساسة وزيادة السعر تجعلنا مجرمين في حق الشعب    محافظ أسيوط يتفقد مركز شباب المندرة قبلي بمنفلوط للاطمئنان على سير العمل    وزير الصحة: المنظومة الصحية في مصر قوية ومتطورة ومتمرسة للتعامل مع الأزمات    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    زيلينسكي يزور مصنعا للذخيرة بولاية بنسلفانيا الأمريكية    الجيش الأردنى يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    حسين السيد يسافر إلى السعودية على نفقته الخاصة لمؤازرة الزمالك في السوبر الأفريقي    العين الإماراتي: سننظم رحلات إلى مصر لحضور مواجهة الأهلي في كأس الإنتركونتنينتال    برشلونة يعلن إصابة حارسه «تير شتيجن» بتمزق كامل في وتر الرضفة بالركبة اليمنى    محمد صلاح يتواجد في التشكيل المثالي للجولة الخامسة في الدوري الإنجليزي    وزير الصحة: الدولة لن تخفي شيء عن المواطن بخصوص وباء أسوان    تنازل ضحيتا الفنان عباس أبو الحسن عن الدعوى الجنائية أمام المحكمة    المجلس الأعلى للثقافة يُكرم الروائي الكبير يوسف القعيد    سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام يعلن عن المشروعات المشاركة في الدورة السابعة    القاهرة الدولي للمونودراما يهنىء محمد سيف الأفخم لاختياره رئيسا فخريا للهيئة الدولية للمسرح    إحالة 3 أطباء للتحقيق بمستشفى الغنايم المركزي    «معندناش حاجة نخبيها».. وزير الصحة: الدولة لا تخفي أي شيء في تعاملها مع الحالات المرضية    في خدمتك| كيفية الوقاية من ميكروب «الايكولاي» بعد إصابات أسوان    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    بيراميدز يكشف حجم إصابة محمد حمدي ومدة غيابه    ووكر قائد مانشستر سيتي يتهم الحكم بتوريطه في هدف لصالح أرسنال    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    «أبو الغيط» يلتقي وزير العلاقات الخارجية في بنما    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    قرار جديد بشأن عاطل متهم بالتحرش بفتاة في حدائق القبة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    حكومة غزة: جيش الاحتلال ارتكب مجزرتين في مدرستين بمخيمي النصيرات والشاطئ    الجيش الإسرائيلي: ضرب أكثر من 300 هدف لحزب الله في لبنان حتى الآن    تعيين وكلاء ورؤساء أقسام جدد بكليات جامعة بنها    إعلام إسرائيلي: حزب الله قد يضرب أهدافنا في تل أبيب.. ومستعدون للرد    رابط نتيجة تقليل الاغتراب للمرحلة الثالثة 2024 والدبلومات الفنية فور إعلانها على الموقع الرسمي    مواجهة مشكلة المخلفات الزراعية بالتطبيقات الحديثة في الوادي الجديد    وزيرة التنمية المحلية تبحث تقنين أوضاع عيادات الأسنان على مستوى الجمهورية    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    جامعة القاهرة تعلن برنامج ال100 يوم للقوافل التنموية التي تشارك بها في مبادرة «بداية»    مواعيد وقنوات عرض مسلسل تيتا زوزو الحلقة 3.. خلال ساعات    وفاة والد الإعلامية حياة عبدون .. موعد الجنازة والعزاء    منظمة خريجي الأزهر تناقش مكانة المرأة في الإسلام بورشة عمل للطلاب الوافدين    الأزهر للفتوى يوضح تواضع النبي الذي كان عليه    «حياة كريمة» تُعيد الأمل.. توزيع أدوات مدرسية لمستقبل أكثر إشراقًا    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    طلائع كفر الشيخ ضمن معسكر «حياة كريمة» بمركز التعليم المدني في دمياط الجديدة    هكذا استعدت جامعة المنوفية لاستقبال الطلاب الجدد فى العام الدراسي الجديد    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    إصابة فى مقتل    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    فودافون تتصدر منصة "إكس" بعد تعرض الشبكة لعطل مفاجئ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي قرقر يكتب: المشروع العربى الإسلامى فى مواجهة المشروع الصهيونى
نشر في الشعب يوم 21 - 05 - 2013

هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية: الدولة اليهودية تمتد من وادى مصر إلى الفرات
الرؤية الإستراتيجية الصهيونية تعتبر القدس عاصمة موحدة وأبدية للشعب اليهودى
المشروع الصهيونى الغربى لتفتيت الدول العربية والإسلامية محاولة لتحقيق حلم ما يسمى بإسرائيل الكبرى
المشروع العربى الإسلامى يعتمد خيار المقاومة خيارا وحيدا لتحرير كامل التراب الفلسطينى من النهر إلى البحر
فلسطين عربية إسلامية وستعود عربية إسلامية
ست أساطير مؤسسة للكيان الصهيونى فى مواجهة ست حقائق قرآنية تشكل القيم الحاكمة للمشروع الإسلامى
اقترب الوعد الحق يا بنى صهيون.. فتحرير فلسطين والقدس حقيقة قرآنية لا يكتمل إيماننا إلا بالإيمان بها
تناولنا فى المقال السابق مكانة القدس وفلسطين عند أمتنا العربية والإسلامية، وأشرنا إلى أن الصراع بين المشروعين الصهيونى والإسلامى صراع تاريخى ممتد ومستمر، وللوقوف على أبعاد الصراع وماهيته يجب أن نعرض للرؤى الإستراتيجية لكلا المشروعين، والقيم الحاكمة لهما، والغايات والأهداف الإستراتيجية، وتقييم الوضع الراهن عند كلا الطرفين فى بيئتيه الداخلية والخارجية، وسياسات وإجراءات ومشروعات كلا الطرفين لتحقيق أهدافهما الإستراتيجية فى إطار المشروع الكبير. وسنكتفى فى مقال اليوم بعرض الرؤى الإستراتيجية والقيم الحاكمة لكلا المشروعين.
الرؤية الإستراتيجية للكيان الصهيونى
يعرف تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الدولة اليهودية بأنها "منطقة تمتد من وادى مصر إلى الفرات". ووفقا للخريطة الموجودة بالكنيست، فإن ما يسمى ب"إسرائيل الكبرى" أو "أرض الميعاد" تمتد من النيل إلى الفرات، وتشمل أجزاء من لبنان والأردن وسوريا وسيناء، وكذلك أجزاء من العراق والمملكة العربية السعودية.
وقضية المياه تشغل مساحة مهمة من فكر زعماء العصابة الصهيونية، فدولتهم المزعومة تمتد من مياه النيل إلى مياه الفرات، وتشمل بداخلها مياه نهر الأردن ونهر الليطانى.
وتعتبر الرؤية الإستراتيجية الصهيونية القدس عاصمة موحدة بجزئيها الشرقى والغربى "عاصمة أبدية ونهائية للشعب اليهودى". كما أن القدس مقر رئيس البلاد والكنيست والحكومة والمحكمة العليا.
ولأن المشروع الصهيونى يمتد ليشمل هذه المساحة الكبيرة من النيل إلى الفرات كان لا بد من مشروعات مكملة تمهد الأرض لتحقيق الحلم اليهودى -الرؤية الإستراتيجية- ومن هنا فقد اعتمدت الولايات المتحدة مشروع "برنارد لويس" لتقسيم الدول العربية والإسلامية. وبرنارد لويس مستشرق بريطانى الأصل، يهودى الديانة، صهيونى الانتماء، أمريكى الجنسية. تخرَّج فى جامعة لندن 1936م، وعمل فيها مدرسا فى قسم التاريخ للدراسات الشرقية الإفريقية. ويعرف "لويس" بأنه صاحب أخطر مشروع فى هذا القرن لتفتيت العالم العربى والإسلامى من باكستان إلى المغرب. (الموقع الرسمى لجماعة دعوة الحق الإسلامية - مصر - 18 فبراير 2012).
إستراتيجية تقسيم الدول العربية
ووفقا للدكتور علاء أبو عامر فى موقع "ميدل إيست أونلاين" بتاريخ 2 نوفمبر 2011 "فلقد عقدت المنظمة الصهيونية العالمية بالتعاون مع منظمة إيباك الخاصة باليهود الأمريكيين مؤتمرا لتفعيل العمل من أجل تقسيم الدول العربية على مرحلتين زمنيتين تنتهى الأولى عام 2020 والثانية عام 2030 ابتداءً بالصومال وانتهاءً بمصر والسعودية". وأضاف "وقد نشرت الخطة الإسرائيلية لأول مرة باللغة العبرية بقلم الصحفى أويديونسون الذى كان يعمل موظفا فى وزارة الخارجية الإسرائيلية وتحت عنوان "إستراتيجية إسرائيل خلال الثمانينات" فى مجلة "كيفيوم" الناطقة باسم قسم الإعلام للمنظمة الصهيونية العالمية فى العدد 14 شباط - فبراير 1982. وقد ترجم هذه الخطة من اللغة العبرية إلى الإنجليزية الكاتب الإسرائيلى "إسرائيل شاهاك"، وأوضح وبيّن طابعها العنصرى باعتبارها نسخة طبق الأصل من الفكر النازى التوسعى الذى ساد أوروبا فى العقد الرابع من القرن العشرين.
إن تحالف الصهيونية والصليبية العالمية يهدف إلى تفتيت العالم الإسلامى، وتجزئته وتحويله إلى "فسيفساء ورقية" يكون فيه الكيان الصهيونى السيد المطاع، أى أن مشروع "برنارد لويس" يمهد للغايات الإستراتيجية الصهيونى فى تحقيق حلم "إسرائيل الكبرى" المزعومة كهدف إستراتيجى باتجاه الرؤية الإستراتيجية. ويهدف التحالف الصهيونى الصليبى إلى تفتيت العالم العربى والإسلامى إلى دويلات ضعيفة لا تملك مقومات الدول (وفقا للموقع الرسمى لجماعة دعوة الحق الإسلامية - مصر - 18 فبراير 2012) عن طريق تقسيم:
1- مصر (4 دويلات): على أساس طائفى (ديني) وعرقى.
2- السودان (4 دويلات): على أساس طائفى وعرقى.
3- المغرب العربى (6 دويلات) بدلا من أربع دول.
4- شبه الجزيرة العربية (والخليج) (3 دويلات): بإلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخريطة، ومحو وجودها الدستورى بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط تقوم على أساس مذهبى (سنى - شيعى).
5- العراق (3 دويلات) على أساس مذهبى وعرقى.
6- سوريا (4 دويلات): على أساس طائفى ومذهبى.
7- لبنان: (8 دويلات وكانتونات): على أساس طائفى ومذهبى.
8- إيران وباكستان وأفغانستان (10 دويلات): على أساس عرقى.
9- تركيا: انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها فى العراق.
10 - تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين.
11- فلسطين: يكون العرب فى الأردن واليهود فى المناطق الواقعة غربى النهر.
الدراسة التحليلية لمكونات إستراتيجية إسرائيل 2028
ووفقا ل"المصرى اليوم" بتاريخ 22 نوفمبر 2011 فإن مركز الدراسات الإسرائيلية بجامعة الزقازيق قد أصدر قبل ذلك بأيام قليلة "الدراسة التحليلية لمكونات إستراتيجية إسرائيل 2028"، التى أعدها الدكتور إبراهيم البحراوى مع فريق عمل علمى متميز فى تخصصات متنوعة تناسب جوانب ومكونات هذه الإستراتيجية. وأشارت الدراسة إلى أن هناك عنصرين يستحقان الاهتمام من جانبنا فى إستراتيجية إسرائيل 2028 الهادفة إلى إحداث تنمية شاملة والوصول بإسرائيل إلى مرتبة متقدمة بين الدول العشر أو الخمس عشرة الأولى فى العالم.
ولقد صدرت الإستراتيجية فى طبعتين إحداهما إنجليزية والثانية عبرية عام 2008 تحت عنوان "إسرائيل 2028 - رؤية وإستراتيجية للاقتصاد والمجتمع فى عالم الإطار الواحد العولمى.
"Israel 2028, vision and strategy for Economy and society in a global world"
وشارك فى وضع الإستراتيجية 73 من الخبراء والعلماء ورجال الأعمال والمديرين اليهود من الكيان الصهيونى ودول أوروبا والولايات المتحدة، فى إطار لجنة من المجتمع المدنى، وقد اعتمدت حكومة الكيان الصهيونى هذه الإستراتيجية وتبنتها كأساس لجهود التنمية حتى عام 2028.
وحددت الإستراتيجية الصهيونية ثلاثة أهداف كبرى هى:
1- تحقيق نمو اقتصادى سريع ومتوازن.
2- تقليص الفجوات الاجتماعية.
3- إشراك جميع شرائح المجتمع فى مواجهة التحديات، ووضع سياسات محددة لتطوير وجوه الحياة بما يحقق هذه الأهداف.
الرؤية الإستراتيجية للمشروع العربى الإسلامى
ونزعم هنا أن أمتنا العربية والإسلامية وحتى وقت قريب وربما حتى الآن لا تملك رؤية إستراتيجية واضحة للصراع، وإن وجدت فهى غير متفق عليها، بل ويوجد لديها أحيانا عدة رؤى قد تتعارض فيما بينها فتكون المحصلة صفرية أو فوقها بقليل، ففى حين يتبنى البعض منهج المقاومة يتبنى البعض الآخر منهجا استسلاميا، كما أن رؤيتنا تعتمد على سياسة رد الفعل فى مواجهة الصهاينة.
ويعوض غياب الرؤية أو ضعفها إيماننا بثوابتنا الوطنية والإسلامية.
ويمكن أن نلخص رؤيتنا المقاومة فى أن فلسطين عربية إسلامية ويجب أن نحررها لتعود إلى حظيرة أمتها العربية الإسلامية، وتعتمد هذه الرؤية خيار المقاومة خيارا وحيدا لتحرير كامل التراب الفلسطينى من النهر إلى البحر، وأن القدس المحررة عاصمة فلسطين.
ونؤمن بأن اليهود ليسوا أول ولا آخر من حكم المدينة، فقد بناها العرب اليبوسيون قبل نحو سنة 4000 قبل الميلاد إلى أن دخلها داود حوالى سنة 1000 ق.م بعد أن وحد قبائل إسرائيل التى خرجت من مصر باتجاه فلسطين فى القرن الثالث عشر ق.م، على أن القدس لم تكن طيلة هذه الفترة تحت حكم العبرانيين، ولم يمتد هذا الحكم سوى 73 عاما فى عهد داود وسليمان.
القيم الحاكمة للمشروعين
وإذا تطرقنا إلى القيم الحاكمة لكلا المشروعين نجد أن هناك أساطير صهيونية مؤسسة للكيان الصهيونى فى مواجهة حقائق قرآنية إسلامية. والأساطير نصيب الحقيقة فيها قليل بعكس الحقائق القرآنية التى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
الأساطير الصهيونية الحاكمة للصراع
يشير الشهيد سيد قطب فى كتابه "مشاهد يوم القيامة" إلى أنه لا يوجد ذكر للعالم الآخر فى العهد القديم "التوراة"، ويفهم من السياق العام أن الجزاء على الشر يتحقق فى الدنيا، فإله بنى إسرائيل لم يكن يغفل عن أخذ المسىء منهم بإساءته فردا كان أو جيلا من أجيالهم، والذى لا شك فيه أن العهد القديم –على هذا– لا يمثل العقيدة السماوية التى جاء بها موسى عليه السلام، فالعقيدة التى جاء بها موسى تحتوى صورة واضحة للعالم الآخر الذى يلقى الناس فيه جزاء أعمالهم فى الدنيا، وهذا ما جاء فى كلام الله سبحانه لموسى عليه السلام فى أول موقف للنداء من جانب الطور الأيمن "إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى" (طه: 15)، وكذلك السحرة الذين آمنوا بموسى عليه السلام ردوا على تهديد فرعون "قَالُوا لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَّغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ" (الشعراء: 50، 51).
ويضيف الشهيد رحمه الله: على أن الإشارة فى الإنجيل وفى أعمال الرسل إلى اعتقاد اليهود بيوم القيامة كافية لإثبات وجود هذا الاعتقاد فى النهاية، وإن يكن حدث متأخرا جدا كما يبدو، مما يدل على أنهم نبذوا فكرة اليوم الآخر التى جاء بها موسى عليه السلام لأنها لم تتفق مع جبلتهم ولم تتلاءم مع طبيعتهم المنحرفة!، قوم هذه جبلتهم ماذا ننتظر منهم؟!.
الإيمان باليوم الآخر عند يهود اليوم غير صحيح، الإيمان بالثواب والعقاب فى الآخرة فيه انحراف، ماذا ننتظر منهم؟! يجيب فضيلة الشيخ صلاح أبو إسماعيل فى كتابه اليهود فى القرآن الكريم "عبادة العجل من دون الله – الجدل واللجاجة – قسوة القلب – تحريف الكلم – الافتراء على الله والاجتراء عليه – التحايل على أوامر الله – كسب السيئات والخطايا – أخلاق القردة والخنازير – الغدر بالعهود ونقض المواثيق – عبادة الأهواء – اتباع الشياطين – الحسد – انحراف الطباع – الالتواء والاحتيال – البخل – الضلال والإضلال المتعمد). ومن يريد المزيد من أخلاق اليهود يرجع إلى العهد القديم ليرى ما زيفوا به التوراة وما أساءوا به إلى الله سبحانه وتعالى وإلى رسله.
ويتمادى الصهاينة بملء التراث اليهودى بالخلط بين الدين والتاريخ، ولقد ضمن المفكر الفرنسى المسلم رجاء جارودى -رحمه الله- فى كتابه الأساطير المؤسسة لإسرائيل على أساطير إسرائيلية ست فى كتابه المهم الذى أقام قائمة الصهاينة ولم يقعدها، لأنه كشف زيف الدعاوى الصهيونية، واتهم جارودى على إثرها بالمعاداة للسامية، وتعرض للسجن فى باريس عاصمة العلم والنور والحرية كما يقولون!!، ثلاث أساطير دينية وثلاث أساطير تاريخية ضمنها جارودى فى كتابه، والأساطير كما أشرنا الزيف فيها أكثر من الحقيقة.
الأساطير الدينية
1) أسطورة الأرض الموعودة التى وعد الله بها شعب إسرائيل.
2) أسطورة التطهير العرقى أو الحق الذى أعطاه الله لليهود لإبادة كل من هو ليس يهوديا، وحاش لله أن يبيح قتل الحى بشرا كان أو حيوانا أو نباتا.
3) أسطورة شعب الله المختار، وكان هذا صحيحا إلا أنهم فقدوا هذه الخيرية بقتلهم الأنبياء والافتراء على الله والاجتراء عليه والغدر بالعهود ونقض المواثيق وعبادة الأهواء واتباع الشياطين وانحراف الطباع.
الأساطير التاريخية:
1) معاداة الصهيونية للفاشية والعكس، فلقد أثبت جارودى وجود تعاون بين زعماء العصابات الصهيونية والزعماء الفاشست.
2) أسطورة الإبادة الجماعية (أفران الهولوكوست)، وأثبت جارودى حجم المبالغة فى أعداد القتلى اليهود الذين يدّعون حرقهم فى أفران النازى، والتى على أساسها يبتزون أوروبا بالحصول على مليارات الدولارات سنويا كتعويض منذ الحرب العالمية الثانية. وكان هذا السبب الرئيسى لمحاكمة جارودى لأنه كان من الممكن أن يغلق عليهم صنبور الدولارات المتدفق من أوربا.
3) أسطورة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، ويقصدون أرض فلسطين التى لا يوجد عليها شعب وكأن شعب فلسطين لم يكن شعبا فى نظرهم، ويقصدون الشعب اليهودى فى الشتات الذى لا يجد أرضا تأويه.
الأساطير المسيحية الصهيونية
ثم نأتى للأسطورة الأكبر التى تؤمن بها المسيحية الصهيونية، التى تحكم الإدارة الأمريكية فى دعمها للكيان الصهيونى، خاصة مع وصول اليمين الدينى المتطرف للحكم فى عهد ريجان وبوش الأب والابن.
فى كتابه المهم "يد الله" لغريس هالسل الذى ترجمه الأستاذ محمد السماك يشير إلى أنه فى مطلع عام 1999 اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مجموعة من القدريين الأمريكيين الذين قدموا من دنفر بكولورادو، لقد اتهمتهم الشرطة الإسرائيلية بالتخطيط للقيام (بنهاية دموية) بهدف تسريع العودة الثانية للمسيح، وقيل إنهم خططوا لتدمير الصرح الإسلامى الأكثر قداسة فى القدس.
• سوف يتم تدمير ما يسمى بالمقدسات الإسلامية لأن الكتاب المقدس يقول بوجوب بناء الهيكل.
• إننا نقترب من نهاية الزمن وسيفجر اليهود الأرثوذكس المسجد، وسيثير هذا الأمر العالم الإسلامى. وستنشب حرب دينية مع إسرائيل، مما سيحمل قوات المسيح على التدخل وأن ما يقومون به هو إرادة الله.
• منذ عام 1967 -وهو العام الذى سيطر فيه الإسرائيليون عسكريا على القدس- قام المسلحون اليهود وكان معظمهم من الحاخامات المسلحين والجنود وطلاب المدارس الدينية بأكثر من مائة اعتداء على الأراضى الإسلامية الأكثر قداسة. وكان فى مقدمة هؤلاء شلوموجورين الذى أصبح فيما بعد رئيس حاخامات إسرائيل.
• إنهم يؤمنون بقضية الولادة الثانية انتظارا للمسيح المخلص؛ فالبحث عن المسيح فى هذه الحالة يعنى التصديق بعقيدة القدرية، التى تقول إن الله يريد أن يرى الهيكل اليهودى قد بنى من جديد قبل أن يعيد المسيح إلى الأرض.
• يعمل القس كلايد لوت راعى كنيسة العنصرة -بنتوكوستال- على إنتاج بقر أحمر غير مبرقع يمكن التضحية به لإنتاج رماد لاستخدامه فى القداس (الصلاة) فى الهيكل المقبل. ومن أجل أن يحدث هذا الأمر فإن على الصروح الإسلامية مثل قبة الصخرة أن تزال. ويثق لوت أن الله سيتولى ذلك فى الوقت المناسب.
• جمع أموال لمساعدة اليهود الذين يخططون لتدمير الصروح الإسلامية.
• إن القضية كلها هى قضية سيادة، إن من يسيطر على جبل الهيكل يسيطر على القدس، ومن يسيطر على القدس يسيطر على كل أرض إسرائيل.
أخبرنى ريزنهوفر -المولود ثانية- أنه كان يدعى باستمرار إلى البيت الأبيض خلال إدارة الرئيس ريجان، للاشتراك فى لقاءات القدريين حيث كان يعتبر صاحب مبادرات منفردة. لقد تحدث ريزنهوفر إلىّ بحرية عن خططه لنقل تبرعات من الأمريكيين معفاة من الضرائب إلى إسرائيل.
بهذا يؤمن الأصوليون الإنجيليون، بل يؤمن سبعة من رؤساء أمريكا قبل بوش ويؤمن بها بوش ولو مجاملة. وينقل كتاب (البعد الدينى) عن الرئيس كارتر أنه قال: لقد آمن سبعة رؤساء أمريكيين، وجسدوا هذا الإيمان بأن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل هى أكثر من علاقة خاصة، بل هى علاقة فريدة؛ لأنها متجذرة فى ضمير وأخلاق ودين ومعتقدات الشعب الأمريكى نفسه. لقد شكلت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرين طليعيين، ونحن نتقاسم تراث التوراة.
وقد صرح الرئيس ريجان أكثر من 11 مرة بأن نهاية العالم باتت وشيكة، وأنه يؤمن بمعركة هرمجدون، وقال حينما أتطلع إلى نبوءات العهد القديم وإلى العلامات المنبئة بهرمجدون أجد نفسى متسائلا عما إذا كنا نحن الجيل الذى سيرى ذلك واقعا ولا أدرى إذا كنت قد لاحظت مؤخرَا أيا من هذه النبوءات، إنها قطعا تنطبق على زماننا الذى نعيش فيه، وقال ريجان إننى دائما أتطلع إلى الصهيونية كطموح جوهرى لليهود. ويقول مايك إيفانز أحد زعماء الأصولية الإنجيلية: فى يناير 1985 دعا الرئيس ريجان: جيمس بيكر وجيمى سواغارت وجيرى فولويل (وهم من زعماء الأصوليين) ودعانى أيضا مع مجموعة صغيرة أخرى للقائهم بصورة شخصية، لن أنسى ما قاله لنا، أعرب الرئيس عن إيمانه بأن أمريكا على عتبة يقظة روحية، وقال إننى مؤمن بذلك من كل قلبى، إن اللّه يرعى أناسا مثلى ومثلكم فى صلاة وحب ابتهالين لإعداد العالم لصورة ملك الملوك وسيد الأسياد - يعنى السيد المسيح.
حقائق قرآنية
نأتى للقيم الحاكمة للمشروع الإسلامى وهى تشكل البعد العقدى لأمتنا العربية الإسلامية؟ ونقصد المشروع الإسلامى بمفهومه الحضارى الذى يشارك فيه المسلمون والمسيحيون على السواء.
فى مواجهة هذه الأساطير الصهيونية الست هناك حقائق قرآنية ست على سبيل المثال لا الحصر:
1. اليهود والذين أشركوا أشد الناس عداوة للذين آمنوا.
2. إن الاتفاقات والعهود بين الدول لا تدوم، فما بالنا باليهود خونة العهود، ونشير هنا إلى نقضهم العهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى غزوة الخندق، فما كان من الرسول بعد أن كتب الله له النصر إلا أن خاطب أصحابه "من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة"، حتى أجلاهم عن جزيرة العرب لاستمرارهم فى خيانة العهود.
3. الحقيقة الثالثة أن تحرير القدس حقيقة قرآنية، وترتبط القدس ارتباطا كبيرا بالإسراء والمعراج وشهر الإسراء والمعراج، ففى ليلة الإسراء والمعراج كانت القدس هى المحطة الوسط بين المسجد الحرام وسدرة المنتهى، كان المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين والذى أمّ فيه رسولنا الكريم الأنبياء والرسل قبل العروج به إلى سدرة المنتهى. ولقد أكرم الله القدس والمسجد الأقصى بأن استهل به سورة الإسراء، فى أول السورة نتذكر حكمة الله سبحانه وتعالى وقدرته فى الإسراء بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، إنها السورة الوحيدة فى القرآن التى تصور نهاية بنى إسرائيل وزوال دولتهم، إن الله بما سبق إليه من علم يخبرنا بأنهم –أى اليهود الصهاينة بنى إسرائيل– سيفسدون فى الأرض مرتين وأنهم سيعلون فى الأرض علوا كبيرا، وفى كل مرة يرسل الله عليهم عبادا له أولى بأس شديد وأولى بطش وقوة يجوسون خلال الديار، إنه وعد الله القاطع، فإذا جاء وعد الآخرة أو الثانية، دخل عباد الله المسجد كما دخلوه أول مرة ليسوءوا وجوههم وليتبروا ما علو تتبيرا، إنه الدمار الشامل الذى لا يبقى على شىء، إنه الوعد الحق واليقين الصحيح الذى لا يكتمل إيماننا إلا به، بنفس إيماننا بالله وملائكته وكتبه ورسله نؤمن بالحقيقة القرآنية بأننا سندخل المسجد الأقصى كما دخله عباد الله أول مرة. وهو ما يؤكده حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "حديث الحجر والشجر".
4. الحقيقة الرابعة تؤكد دور مصر فى معركة التحرير مصداقا لحديث رسولنا الكريم "إذا فتحت عليكم مصر فاستوصوا بأقباطها خيرا فإن لنا فيهم ذمة ورحما وهم خير أجناد الأرض وهم فى رباط إلى يوم القيامة"، هذه الحقيقة تؤكدها أحداث التاريخ فى دور مصر فى صد الغزاة عن مصر والشام (معركة حطين – معركة عين جالوت – معارك 1948 حتى 1973).
5. الحقيقة الخامسة أننا خير أمة أخرجت للناس، ولكنها خيرية مشروطة أيضا بأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.
6. الحقيقة السادسة أن القتال قد كتب علينا وهو كره لنا.
*****
عرضنا فى المقال للرؤى الإستراتيجية للمشروع العربى الإسلامى والمشروع الصهيونى، والقيم الحاكمة لهما، وندعو الله أن يوفقنا فى مقال قادم لعرض الغايات والأهداف الإستراتيجية، وتقييم الوضع الراهن عند كلا الطرفين فى بيئتيه الداخلية والخارجية، وسياسات وإجراءات ومشروعات كلا الطرفين لتحقيق أهدافهما الإستراتيجية فى إطار المشروع الكبير.
والحمد لله رب العالمين
20 مايو 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.