حثّ البنك الدولى على ضرورة القضاء على القرصنة الصومالية. وأضاف البنك فى تقرير نشر مؤخرا أنه على الرغم من أن عدد الهجمات انخفض كثيرا منذ عام 2011 بفضل تشديد الأمن على السفن وزيادة الدوريات البحرية الغربية، فإن القرصنة النابعة من الصومال ربما لا تزال تكلف الاقتصاد العالمى نحو 18 مليار دولار سنويا، تتحمل مصر 8% منها، أى 1.44 مليار دولار. ووفقا لإحصاءات البنك الدولى الواردة فى بيانه، فقد اختُطفَت منذ عام 2005، 149 سفينة فى سواحل الصومال، دفعت فدية مقابل الإفراج عنها بمبالغ تراوحت بين 315 و 385 مليون دولار أمريكى. وفى الفترة نفسها، احتًجز 3 آلاف و741 شخصا من طواقم السفن من 125 بلدا، قضى بعضهم فترة احتجاز استمرت ثلاث سنوات، فيما قُتل ما بين 82 و97 بحارا نتيجة هجمات القراصنة الصوماليين. ويقدر التقرير أن التأثير الاقتصادى للهجمات يشمل زيادة تكاليف الشحن، وتغيير المسارات؛ إذ تضطر شركات الشحن إلى تغيير طرق التجارة ودفع مبالغ أكبر مقابل الوقود وأقساط التأمين؛ ما كلف الاقتصاد العالمى 18 مليار دولار سنويا، وفقا لتقدير الدراسة. ومنذ عام 2006، انخفضت عائدات السياحة وصيد الأسماك، فضلا عن نواتج أخرى كانت تحققها التجارة الساحلية، فى البلدان المجاورة فى شرق إفريقيا. وذكر التقرير أن مصر من أكبر المتضررين من عمليات القرصنة؛ إذ تستهدف هذه العمليات 8% من السفن المارة عبر قناة السويس؛ ما يترتب عليه انخفاض عائدات القناة. وأشار التقرير إلى أن تركيز الحرب العالمية ضد القرصنة فى الصومال على ملاحقة القراصنة وحشد القوات البحرية ليس كافيا، وأن الوصول إلى السبب الجذرى للمشكلة يتطلب أن يركز المجتمع الدولى على مساعدة هذا البلد على بناء نظام سياسى فعال. ويقول كوى- توان دو الخبير الاقتصادى الأول بإدارة البحوث فى مكتب نائب رئيس البنك الدولى لشئون إفريقيا وكبير مؤلفى تقرير «قراصنة الصومال.. إنهاء التهديد وإعادة بناء أمة»؛ إن القرصنة عرَض من أعراض انهيار النظام السياسى فى الصومال، ومن ثم يجب استهداف النظام، لا القراصنة فحسب. ووفقا لهذه الدراسة، تشكل ثلاثة عناصر -هى: رأس المال السياسى، والقوة البشرية، والموارد المالية- أساس ظاهرة الاختطاف مقابل الحصول على فدية فى الصومال؛ إذ ترك تاريخ من المنافسة داخل العشيرة الواحدة، وبين العشائر والاستعمار الأوروبى؛ العديد من المناطق دون مؤسسات فعالة تؤدى وظيفتها. وقد سمح ذلك للقراصنة بتجنيد الشباب المحلى وشراء البنادق والزوارق السريعة. والأهم من ذلك، تأمين مناطق ساحلية يستخدمونها لإرساء السفن المختطفة أشهرا أو سنوات. وتوضح الدراسة أن المسئولين الحكوميين ورجال الأعمال والعشائر والمليشيات والزعماء الدينيين، يحصلون على مبالغ كبيرة تصل فى بعض الأحيان إلى 300 ألف دولار عن كل سفينة؛ وذلك فى صورة رشاوى و«رسوم تنمية» لضمان عدم تدخل السياسيين فى أعمال القرصنة. ويحصل أفراد الأطقم البحرية، الذين غالبا ما يجرى جلبهم من عشيرة معينة أو مكان معين؛ على مرتبات أعلى كثيرا من الأجور المحلية. ويدفع القراصنة أيضا ثمنا أعلى من السكان المحليين مقابل خدمات الطعام والطاقة والمياه. ونظرا إلى العرف المحلى لتقاسم الموارد، فإن عائدات عمليات القرصنة تُوزّع على السكان المحليين وغيرهم من أصحاب المصلحة؛ ما يخلق بيئة سياسية مواتية يمكن أن يعمل فيها القراصنة.