77% عجزًا فى ميزانية الزراعة المخصصة لتوفير اللقاحات الحمى القلاعية تسببت بنفوق 30 ألف رأس ماشية عام 2006 د. سهير حسن: القصور فى الأمصال يخلق بيئة خطرة على الثروة الحيوانية د. علاء عكاشة: توفير مصادر بديلة للإنتاج والبُعد عن الاستيراد د. مخلوف بكر: عدم انتظام التحصين وقلة عدد الوحدات يساعدان على انتشار الوباء نقص اللقاحات والأمصال من أهم المشكلات التى تؤثر فى الثروة الحيوانية. والعجز فى توفير اللقاحات يجعل الحيوانات عرضة للإصابة بالأمراض والأوبئة، وسبب مشكلات خلال الفترات الماضية؛ لعل أبرزها فى عام 2006؛ حين تسبب وباء الحمى القلاعية بنفوق ما يزيد عن 30 ألف رأس ماشية؛ ما أدى إلى انهيار الثروة الحيوانية لمدة غير قصيرة بعدها. وتجددت أزمة اللقاحات هذه الفترة الأخيرة نتيجة إعلان المسئولين فى وزارة الزراعة عن عجز فى ميزانية وزارة الزراعة المخصصة لتوفير اللقاحات والأمصال بقيمة 101 مليون جنيه من أصل 130 مليون إجمالى الميزانية؛ ما يشكل عجزا بنسبة تفوق 77%؛ إذ وفرت الوزارة 29 مليون جنيه فقط لجلب اللقاحات. وهذه بالطبع لا تكفى لتحصين الأعداد الهائلة من الثروة الحيوانية الموجودة فى مصر، وتهدد حياة ما يقرب من 7 إلى 10 ملايين رأس ماشية، وبإمكانية إصابتها بالأوبئة والإمراض، وانتشارها لعدم وجود تحصينات كافية. واقع مخيف تعقيبا على ما سبق، أكدت د. سهير حسن رئيسة الإدارة المركزية للطب الوقائى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية؛ أنه «مما لا شك فيه أن فى مصر أمراضا متوطنة نعمل جاهدين على علاجها بشتى الطرق، لكن بالفعل نواجه عجزا فى توفير اللقاحات فى الوقت الحالى؛ فقد وصلت قيمة العجز إلى ما يقارب 101 مليون من أصل 130 مليون هى القيمة المراد تحقيقها فى ميزانية وزارة الزراعة من أجل توفير اللقاحات الكافية لتحقيق التحصين الكافى للثروة الحيوانية فى مصر. والواقع أن المخصص من ميزانية الوزارة لتوفير اللقاحات، هو 29 مليون، وهى قيمة ضئيلة جدا إذا نظرنا إلى إجمالى القيمة المراد توفيرها. ومع الأسف، فإن الموارد المحدودة هى ما تفرض علينا ضغوطا عدة فى الثروة الحيوانية. والوضع الحالى يفرض واقعا خطرا على الثروة الحيوانية؛ وذلك لوجود أمراض عدم مواجهتها بالسلاح المناسب يخلق بيئة ملائمة لانتشار الأوبئة وتهديد صحة الحيوان». وأضافت د. سهير أن الهيئة تبذل ما فى وسعها لإيجاد مصادر ذاتية لتوفير اللقاحات، وجار التنسيق مع العديد من الجهات؛ على رأسها مجلس الشورى ووزارة العدل للوصول إلى بدائل مناسبة لتمويل الحصول على اللقاحات؛ للقضاء جذريا على مشكلات الأوبئة المفزعة من الواقع المصرى. مخاطر جديدة وأشار د. علاء عكاشة مدير الإرشاد البيطرى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية بكفر الشيخ؛ إلى أنه «كثيرا ما واجهتنا مشكلات نتيجة العجز فى توفير الأمصال، لكن الأخطر هو ظهور أنواع جديدة من الأوبئة، كانت الحمى القلاعية أشهرها؛ فقد ظهرت منها أنواع غريبة على البيئة الحيوانية المصرية، وكان من الصعب إيجاد علاج فورى لها، ومن ثم أخذت مزيدا من الوقت والجهد إلى أن توصلنا إلى المصل أو اللقاح المناسب لعلاجها، وعجزت مصر حتى الآن عن تحقيق اكتفاء ذاتى من هذه الأمصال نتيجة ندرة مراكز توفيرها؛ فالثروة الحيوانية فى مصر تعتمد على مصدر واحد لجلب اللقاحات؛ هو معهد العباسية لإنتاج اللقاحات. وباقى الأمصال تأتى من شركات قطاع خاص أو بالاعتماد على الاستيراد؛ لذلك يجب على الدولة إيجاد مصادر جديدة لإنتاج اللقاحات، بدلا من اللجوء إلى الاستيراد الذى يكلف الدولة الملايين. خطوات جدية وأضاف «عكاشة» أن «الثروة الحيوانية فى طريقها إلى الانهيار إذا لم نتخذ خطوات ثابتة لحمايتها. والفشل فى توفير اللقاحات قد يكون الخطر الأكبر لتهديد مستقبل الثروة الحيوانية التى تؤثر بالطبع فى قطاعات كبيرة بالدولة؛ أولها اللحوم وصناعات الألبان؛ ما يرفع أسعار الدواجن والثروة السمكية، وكذلك الخسائر الشديدة على الفلاح المصرى المتضرر الأول من الأزمة، وعلى المواطن البسيط من بعده، الذى لا يحتمل مزيدا من الزيادات فى الأسعار التى أنهكت (جيوب) المصريين؛ لذلك يجب على الدولة أن تعمل جاهدة لإنقاذ الفلاح المصرى والمواطن البسيط من أزمة نحن فى غنى عنها فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتدنية هذه الأيام». وأوضح د. مخلوف بكر مدير إدارة الطب الوقائى بمديرية الطب البيطرى بالفيوم: «إننا لا نستطيع أن نحكم على مدى وفرة الأمصال أو عدمها؛ لأننا لا نزال فى بداية العام، ولم يتضح بعد وجود عجز فى نسبة اللقاح، لكن من أجل أن نحافظ على ثروتنا الحيوانية، يجب أن نعمل على توفير الأمصال واللقاحات فى مواعيدها المنتظمة؛ حتى لا نتعرض لمشكلات كبيرة خلال الفترة القادمة مع حلول فصل الصيف الذى تنتشر فيه الأوبئة والأمراض مع ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يشكل بيئة مساعدة على انتشار هذه الأوبئة. واجهنا العديد من المشكلات والأزمات خلال الشهور القليلة الماضية؛ نتيجة عدم توفير القدر الكافى من اللقاحات؛ فعلى سبيل المثال كنا نطلب 700 وحدة، لكن ما نتحصل عليه لا يعادل ربع الكمية المطلوبة؛ أى 100 - 120 وحدة، وهو بالطبع لا يكفى لتحصين الحالات المصابة، لكنها كانت تأتى على فترات متقطعة وقد تكون مرضية، إلا أنها كانت تتسبب بمزيد من المعاناة والتعب نتيجة انتشار الأمراض والأوبئة وارتفاع عدد الحالات المصابة ونفوق بعضها». أزمة متوطنة ولا يخفى على أحد الخطورة الكبيرة من انتشار الأوبئة والأمراض، وما يترتب عليها من آثار سلبية؛ فقد أثبت تقرير حكومى سابق أعده معهد صحة الحيوان التابع لمركز البحوث الزراعية، خطورة مرض الحمى القلاعية على الثروة الحيوانية لمصر. ويعد من أخطر الأمراض الحيوانية سريعة الانتشار التى تصيب الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والغزلان والخنازير. وأوضح التقرير أن المرض سبق دخوله مصر عام 2006، وتسبب بنفوق أكثر من 30 ألف رأس بسبب استيراد حيوانات مصابة من إثيوبيا. وأكد التقرير أن عدم السيطرة على معدلات الإصابة بالمرض يصيب الحيوان بضعف عام ونقص دائم فى كمية اللبن، مشيرا إلى أنه يسبب ارتفاعا فى نسبة النفوق فى الحيوانات البالغة بنسبة تتراوح من 2 - 5% وتزيد كثيرا حتى تتراوح من (20 - 50%) فى الحيوانات الرضيعة؛ لحدوث الإصابة فى عضلة القلب. لذلك يجب على الدولة المضى قدما فى تفعيل أجهزتها المختلفة؛ لتدارك الأزمة قبل تفاقمها، واتخاذ خطوات ثابتة للعمل على تحصين الثروة الحيوانية، وتفعيل خطط مطروحة للتحصين الإجبارى تستهدف تقليل العجز فى ميزانية تحصين المواشى ضد الأمراض المتوطنة والوبائية، وخطرها على الثروة الحيوانية فى مصر، التى تبلغ 10 ملايين رأس ماشية؛ منها 6 ملايين بقرة، و3.5 ملايين رأس أغنام وماعز، ونصف مليون رأس جمال.