بنى سويف تواجه الآن كارثة بيئية خطيرة ومأساة ينتظرها نهر النيل. نظرا إلى قرب نهر النيل من المدينة الصناعية بقرية بياض العرب؛ فنهر النيل يأخذ منحنى يقترب وبشدة من الطريق الذى يربط مدينة بنى سويف الجديدة بقرى الشيخ على وقرية بياض العرب وقرية الأمل وقرية العلالمة، وهذه القرى تقع أسفل المنطقة الصناعية التى تضم أكثر من مائة وخمسين مصنعا تقع شرق الطريق فى منطقة مرتفعة نسبيا، وهى أعلى بكثير من السطح المنحدر باتجاه النيل لطبيعة الأرض فى هذا المكان وهذا كله قد أغفله السادة مهندسو التخطيط القائمون على تقسيم الأراضى الخاصة بالمدن الصناعية، سواء بأجهزة المحافظة أو بجهاز المدينة الصناعية ببياض العرب وعدم النظرة المستقبلية إلى التخطيط العمرانى فى المنطقة المنحدرة، وسوء التخطيط والمتابعة وإغفال الدور الممثل فى الصيانة من شركة مياه الشرب والصرف الصحى، وإسنادها إلى مقاولين مرتزقة غير مؤهلين والنتائج خير دليل. أو عن طريق الوساطة والمحسوبية التى تفشت فى مجتمع مبارك المخلوع. تكونت أركان جريمة النهر البداية منذ أكثر من سنة ونصف عندما التقى مراسل «الشعب» ببنى سويف الأستاذَ المحاسب حامد صديق، المدير بجهاز المدينة الصناعية، وكان منسوب المياه بالأحواض الخاصة بالصرف لم يرتفع، ولكن كانت هناك «بلا عات» تتسرب المياه منها تحت الأرض، وأنفاق حفرتها المياه فى الأحواض؛ ولكن لحرصنا على أن الأمور تحل فى مهدها بتكلفة أقل وقبل أن يتحول الأمر إلى كارثة، كما هو الآن طرقنا أبواب الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، وحدثنا اللواء يسرى، مدير الشركة بأن هناك غابة شجرية تم تخصيص الأرض لها من قبل الجهاز وبانتظار الموافقات اللازمة والاعتمادات والميزانية، والتى ستخلص البشرية من المياه والرائحة الكريهة، وستتحول مدينة بياض العرب الصناعية إلى أشجار تتزين بها الطرقات، وتأتى بالخير الوفير إلى مصر عندما نصدر الأخشاب المزروعة بمياه الصرف. ولكثرة الأرض الصحراوية الموجودة شرق مصنع أسمنت بنى سويف تخيل الجميع أن هناك نهضة زراعية منتظرة قائمة على كميات المياه التى تقدر بآلاف الأمتار المكعبة من الصرف بعد معالجاتها ليستفيد منها الإنسان والحيوان, وتوفيرالكثير من فرص العمل فى مجال الزراعة ونأتى بالدولارات.. وعاش الجميع حلم المدينة الخضراء، وتوقع الجميع أن الكلام يخرج بصدق لأنه من مسئول ومصدر موثوق به. وجاء كلام السيد المستشار محافظ بنى سويف ليصدق على كلام اللواء يسرى والمحاسب حامد صديق، وذلك فى لقاء السيد رئيس الوزراء هشام قنديل واللواء أحمد زكى عابدين والسيد وزير الصناعة؛ فى افتتاح بعض المصانع بمنطقة بياض العرب ببنى سويف، وطالب السيد المستشار ماهر بيبرس محافظ بنى سويف من رئيس الوزراء على مرمى ومسمع الجميع سرعة توفير الميزانية اللازمة للانتهاء من مشكلة مياه الصرف الصحى، ولم يحرك السيد رئيس الوزراء ساكنا منذ ما يقارب خمسة أشهر. جريدة إقليمية تتحدى الفساد وتتصدى للتخريب فى المنشآت وفى أول بادرة من نوعها جمعت جريدة «الوتر» ببنى سويف كل محرريها وعلى رأسهم المهندس الدكتور جمال القليوبى وهو يعمل فى مجال البترول وعبد الباسط عبد الحى ووفاء خليفة ولمياء الريدى وسامى محمود. وعند علمهم بأن المواطنين تجمعوا وتجمهروا للعبث فى محطة المياه التى تغذى المدينة الصناعية وقطع المياه وقطع الطريق لإيجاد من يسمعهم والتعبير عن رأيهم، وكانوا في طريقهم إلى المصانع لإيقافها بالقوة.. تحدث الحاج سليمان من قرية العلالمة، قائلا: مياه الصرف أغرقت المنازل وقطعت الطريق، ومحطة الكهرباء امتلأت بالمياه الملوثة كريهة الرائحة، وتتجة المياه الآن إلى نهر النيل. «نحن فى خطر والمحافظ يجلس بمكتبه» هذا كلام الرجل المكتوى بنار الإهمال والسكوت المخيب للآمال. وقال الحاج على، من العلالمة أيضا؛ مياه الصرف باتجاهها إلى النيل.. مياه الصرف أتلفت محصول القمح والبرسيم وبورت عشرات الأفدنة.. الأرض احترقت وتحولت إلى برك ومستنقعات. وقال سليم فراج: يوجد العديد من أحواض الصرف المبنية لتجميع المياه الخاصة بكل المصانع أعلى القرى، حتى مبانى محطة الصرف الموجودة غرقت بمياهها.. المياه أغرقت العلالمة وقرية الأمل التى هجرها أهلها ومحطة الكهرباء.. الجميع يفر من انحدار المياه وقد جاء البحر الأحمر ليغرق بنى سويف وقراها انتقاما من مسئوليها. وقال حسن على حمد: الرائحة دمرت الجهاز التنفسى لأطفالنا، والباعوض والحشرات تسببت فى أمراض الجدرى والأمراض الجلدية، والمياه أغرقتنا وقطعت كل سبل وموارد الرزق.. آدميتنا انتهكت على أيد مسئولى صرف بنى سويف والسيد المحافظ.. نحن الآن بلا منازل وبلا أرض زراعية، وبلا مورد أو مأوى، وباقى المواطنين يترقبون وهم الآن فى طابور الخوف، وكل هذا لا يحرك ساكنا.. أين أنتم يا سادة الدولة.. أين أنتم يا أصحاب القرار.. أين أنتم يا حماة الحرية والعدالة.. بمن نستنجد وبمن نستغيث؟؟ نرفع أكفنا للسماء ننتظر عدالة السماء إذا لم تتحقق من حكام الأرض. وطالب الأهالى بمحاكمة كل من تسبب فى كارثة نهر النيل الوشيكة.. الأمل غرق فى مياه الصرف، والقمح مات فى مهده، والأمراض تفشت بين الناس.. فمتى يتحرك المسئول؟ شبكة مياه الشرب أكلتها أملاح مياه الصرف وانتشرت أوبئة الفشل الكلوى وفيرس سى ومسئولو بنى سويف ما بين الفشل الإدارى ومطرقة الميزانية المنتظرة حين ميسرة, والرسالة الأخيرة نوجهها إلى كل راع فى مصر.. أنتم مسئولون عن رعيتكم، أنقذوا الأطفال.. أنقذوا الحيوان.. أنقذوا نهر النيل من كوارث, صنعها الإهمال وورثها الفقراء، و رعاها معدومو الض