التقى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عدة شخصيات نسائية في إطار الإعداد ل "وثيقة الأزهر لحقوق المرأة"، واستمع إلى ملاحظاتهن بهذا الشأن، والتي قال إنه سيتم وضعها في الحسبان لإعادة صياغة الوثيقة بما يتلاءم مع ثوابت الإسلام وهذه الاقتراحات. وقال الطيب خلال اللقاء الذي عقد بمشيخة الأزهر الاثنين، إن الأزهر تلقى عددًا من الملاحظات الخاصة بالمرأة المصرية على مشروع وثيقته التي أصدرها، وتتم الآن عملية مراجعتها وتضمينها تلك الملاحظات مع ذوي الرأي والاختصاص من علماء الأزهر. وأكد أن حقوق المرأة المصرية تنبع من ثوابت الإسلام التي لا يمكن تجاوزها، مع الأخذ في الاعتبار العادات والتقاليد التي يشهد لها الشرع، والتي تميز بها المجتمع الشرقي العربي الإسلامي، والبعد بالمرأة المصرية عن دعوات التغريب والتشويه. وأضاف أن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم – جاء في وقت تسترقّ فيه النساء، وتوأد فيه البنات، فأعلنها صريحة مدويّة: " النساء شقائق الرجال"، وكان صلى الله عليه وسلم يسافر بنسائه، فإذا حضرت الصلاة كان النساء يصلين خلف الرجال. وشددت المشاركات على ضرورة الاهتمام بحقوق المرأة التي كفلها لها الإسلام، وعدم تركيز الوثيقة على القضايا الشكلية، وعلق الطيب قائلاً إن مناقشة حقوق المرأة تتم في إطار الثوابت الإسلامية، والموروث الحضاري الشرقي العربي الإسلامي. وطالبن أيضًا بإيجاد موسوعة خاصة بفقه المرأة، يكون مصدرها الأزهر وحده، واصفة الأزهر بأنه يمثل قبلة الأسرة المصرية، ومحل ثقتها بدوره الرائد الذي يمثل الوسطية والاعتدال، بعيدًا عن المغالاة التي تلمسها المرأة المصرية عند كثير من الفئات. كما طالبت المشاركات بضرورة تواجد آليات فاعلة لتحقيق وثيقة المرأة على أرض الواقع، والتشديد فيها على سن قوانين لحماية المرأة من التحرش وكافة صور الإيذاء المادي والمعنوي. وشددن على أهمية تضمين الوثيقة حق المرأة في المشاركة السياسية وتولي المناصب. وأعربن عن أملهن في وضع تصور في المناهج الدراسية يوضح دور المرأة في المجتمع، ويحدد مسئولياتها في خدمة الوطن. وشارك في صياغة وثيقة الأزهر الخاصة المرأة مثقفون مصريون بينهم من هو معروف بمواقفه المعادية للحجاب والتعامل مع المرأة من منظور إسلامي ومن بينهم الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والأديب جمال الغيطاني، والدكتور صلاح فضل، الناقد الأدبي، والدكتور مصطفى الفقى، والسفيرة ميرفت التلاوى، والدكتورة منى مكرم عبيد. وكان مقررًا أن يصدر مجمع البحوث الإسلامية الوثيقة في أواخر ديسمبر، إلا أن خلافات بين أعضائه حول بعض بنودها خاصة المتعلقة بالطلاق، والزي الإسلامي للمرأة أدت إلى تعطيل إصدارها. وإثر ذلك كلف شيخ الأزهر مجموعة من علماء الأزهر لإجراء مزيد من البحث والدراسة والتدقيق في الوثيقة. إذ نصت الوثيقة على أن "الثابت في الشرع هو أنه يجوز للمرأة كشف الوجه والكفين"، وهو ما اعترض عليه بعض أعضاء المجمع مطالبين بإضافة الآراء الشرعية التي توضح أنه "لا يجوز للمرأة كشف الوجه وضرورة ارتدائها النقاب". كما اعترض البعض على أن يكون الطلاق بين الرجل والمرأة بالتوافق حفاظًا على الأطفال، وقالوا إنه لا يجوز أن يكون اشتراط طلاق المرأة بالتراضي، لأن التراضي بين الرجل والمرأة لا يكون إلا في الخلع. وانتهى لقاء شيخ الأزهر مع الوفد النسائي إلى طرح مشروع وثيقة الأزهر لحقوق المرأة، تمهيدًا لعرضها على لجنة البحوث الإسلامية، وهيئة كبار العلماء ، قبل إصدارها المتوقع أن يكون قريبًا. وينص مشروع الوثيقة على أن "موضوع زي المرأة في الإسلام أمر حسمته الشريعة، وجرى عليه جمهور فقهاء المسلمين وعلمائهم، وفحواه أن الحشمة في الزي مطلوب شرعي، وأن كشف الوجه والكفين أجازتهما الشريعة، ولا ينبغي أن تمنع عادة، أو تحول دونه ثقافة". وتنص على أن الطلاق يكون بالتراضي مثلما كان الزواج؛ إذ تقول إن "الأسرة كيان تعاقدي لكونها علاقة إرادية تنشأ بالاتفاق وتنتهي إما بالاتفاق أو بحكم القضاء مع التعويض أو بدونه. وللرجل والمرأة في ذلك كله إرادة متساوية في إنشاء الأسرة وإنهائها بالأصالة أو التفويض، فتتم حسب ما يقرره الشرع في محكم آياته وحسب ما تنص عليه شروط العقد، وأساسه الأول هو التراضي والقبول المتبادل، ومسألة التوثيق إنما هو لحماية الطرفين وبخاصة حقوق المرأة". جدير بالذكر أن الأزهر أصدر حتى الآن، ثلاث وثائق أساسية منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، وهذه الوثائق هي: وثيقة الأزهر حول مستقبل مصر في 11 يونيو 2011، ووثيقة إرادة الشعوب العربية في 30 أكتوبر 2011، وثيقة الحريات الأساسية في 8 يناير 2012.