في محاولة منها لتهميش الدور الأمريكي في المساعدة في إعمار لبنان، دخلت إيران بقوة ما بات يطلق عليه محللون "سباق التنافس" الدولي على إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الصهيونية خلال عدوانها الأخير على لبنان. فقد أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التزام إيران بالمساهمة في إعادة الإعمار؛ وذلك بالتزامن مع المساعدات الإنسانية التي تقدمها منذ بدء العدوان. وقال نصر الله في لقاء مع شبكة تليفزيون "الجديد" اللبناني مساء أمس: "إن السفير الإيراني في لبنان أعلن التزام إيران بإعادة بناء جسور وطرقات ومدارس ودور عبادة ومستشفيات". واعتبر نصر الله أن هذا "حد أدنى.. وسيأتي فريق من إيران للاتفاق مع الدولة والبلدات". وأشار إلى أنه "خلال الأسبوع المقبل سيأتي نائب رئيس الجمهورية الإيراني للبحث في أوجه المجالات الأخرى التي ستدعم فيها إيران". وشدد نصر الله على أن "أهم شيء أن المال حلال، والمال الذي ينفق على الإعمار وينفق على المقاومة القائمة وكل أوجه القوة لن يخضع لأي شروط لا تمس إلا المصلحة الوطنية. أنا وإخواني لا نأخذ دعما من أحد بشروط سياسية". وتزامنا مع تصريحات نصر الله عبرت الشحنة العاشرة من المساعدات الإنسانية الإيرانية الجنوبية بين سوريا ولبنان أمس الأحد، وتضمنت 25 سيارة إسعاف مجهزة موجهة إلى الحكومة اللبنانية. وقال غضنفر ركن عبادي، القائم بأعمال سفارة إيران في دمشق لوكالة رويترز: "هذه المساعدات تتألف من سيارات إسعاف، ولكن بعدها ستأتي المساعدات خلال يوم أو يومين". وأضاف عبادي: "تستمر هذه المساعدات حتى يعلن أنه لا حاجة لإيفاد المساعدات بعد عودة جميع النازحين اللبنانيين إلى ديارهم؛ ونظرا لحاجتهم لما يحتاجون إليه بعد مرحلة وقف العمليات العسكرية، ستستمر هذه المساعدات بشكل يومي". وترسل إيران منذ بداية شن الهجمات الإسرائيلية في 12 يوليو الماضي على لبنان مساعدات إنسانية طارئة إلى لبنان، وتعهدت بمواصلة تقديم المساعدات على أساس يومي. وتسلم كل المساعدات الإيرانية إلى الحكومة اللبنانية، وتتضمن الغذاء والدواء والملابس ويقدمها الهلال الأحمر الإيراني، ولجنة إمدادات تابعة للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. ويرى خبراء اقتصاديون أن معركة الإعمار بدأت تأخذ أيضا بعد "سباق تنافسي" خارجي بين إيران التي تدعم جهود حزب الله في هذا المضمار، والسعودية وسائر دول الخليج التي سيكون دعمها المادي لصالح الحكومة وقوى 14 آذار المناهضة لسوريا. وعن الدور العربي في إعادة الإعمار قال نصر الله: "حتى الآن بعض المبادرات التي قدمتها بعض الدول العربية مشكورة ولكنها متواضعة.. قيل إنه بسبب الحرب ارتفع سعر النفط وأنا أدعو الدول العربية للتبرع بفارق سعر النفط، وهذا سيساعد لبنان". وتابع: "حجم ما قدم لا يتناسب مع حجم ما أصاب لبنان، ولا يتناسب مع حجم الصداقة". وكانت الحكومة اللبنانية قد لفتت إلى أن لبنان تلقى مساعدة عاجلة من السعودية قيمتها 500 مليون دولار، وأخرى من الكويت قدرها 300 مليون. كما تعهدت مصر بإصلاح محطات الكهرباء التي دمرتها إسرائيل خلال حربها على لبنان، إضافة إلى تعهدات من دول عربية أخرى من بينها الإمارات وقطر التي تعهدت بإعادة إعمار بلدة بنت جبيل الجنوبية. وكان حزب الله بدأ مباشرة بعد توقف العدوان في 14 يوليو الماضي في توزيع 12 ألف دولار نقدًا لكل عائلة دُمّر منزلها خلال الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت لمساعدتها على إيجاد مأوى جديد. وقوبل هذا بإعراب إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش عن القلق من كون حزب الله يتمتع بميزة مبكرة في إعمار الجنوب اللبناني المدمر؛ ولذا فقد سارعت بالتعهد بتقديم المساعدات وتشجيع الدول العربية على الإسهام بسرعة في عمليات الإعمار لتستبق بذلك حزب الله. وأعلن الرئيس بوش في وقت لاحق أن الولاياتالمتحدة زادت قيمة مساعداتها الإنسانية ومساعدات إعادة الإعمار في لبنان إلى 230 مليون دولار لمساعدته على التعافي من الحرب التي استمرت 33 يوما. وقال بوش: إن المبلغ سيساعد المواطنين اللبنانيين على العودة إلى قراهم وإعادة بناء منازلهم، وترميم البنية التحتية كالجسور والطرق، وإعادة تأهيل المدارس بحيث تكون جاهزة لبدء العام الدراسي في فصل الخريف.