ارتفعت حصيلة تفجير سيارة مفخخة قرب أحد أسواق حي الشعب الواقع إلى الشمال الشرقي من العاصمة العراقية بغداد مساء أمس الثلاثاء إلى 21 قتيلاً و36 جريحًا. وقالت مصادر بالشرطة العراقية إنَّ سيارة كانت متوقفةً انفجرت وقت المغرب موعد خروج كثير من السكان لشراء حاجاتهم من السوق. وفي بغداد أيضًا قُتل ضابطان عراقيَّان في هجومَيْن منفصلَيْن، بينما نجا عقيد بالشرطة من تفجير سيارة مفخَّخة استهدف موكبَه لدى مروره بأحد شوارع مدينة كركوك الشمالية حيث لقِيَ اثنان من المواطنين حتفَهما وجرح 19 آخرون بينهم سبعة من الشرطة جراء هذا الهجوم. على الصعيد الأمني والعسكري واصَل جيش الاحتلال الأمريكي عملياته المسلَّحة غرب البلاد حيث زعم أنه قتل 23 مسلحًا بزعم الاشتباه في صلتهم بتنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين بالقرب من الرمادي بمحافظة الأنبار. وضمن المحاولات الأمريكية الفاشلة لاحتواء هجمات المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال الموجودة في البلاد قالت وزارة الحرب الأمريكية إنَّها أقرَّت تسريع إنتاج مركبات مقاوِمَة للألغام وشراء أعدادٍ أخرى منها لحماية جنود الاحتلال الأمريكي من التفجيرات بعبوات ناسفة والتي تُعتبر من الأسباب الرئيسية وراء تزايد خسائر جيش الاحتلال الأمريكي في العراق. على الصعيد السياسي أجرى الرئيس الأمريكي جورج بوش اتصالاتٍ هاتفيةً منفصلةً مع كبار المسئولين العراقيين، بمن فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس جلال الطالباني ونائباه طارق الهاشمي وعادل عبد المهدي. وزعم المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو – بحسب الجزيرة - أن بوش شجَّعهم جميعًا على التحرك بقوة إلى الأمام بشأن الإصلاح السياسي، وعلى العمل جيدًا بعضهم مع بعض. جاءت تلك الاتصالات بعد ساعاتٍ من إقرار مجلس الوزراء العراقي تعديلاتٍ على مشروع قانون للنفط والغاز وإرساله للبرلمان لمناقشته كمطلبٍ أمريكي. وقال المالكي- في تصريحاتٍ للصحفيين- إنَّ مشروع القانون سيُطرح اليوم الأربعاء لقراءةٍ أولى من قِبَلِ النواب، مضيفًا أنَّه تمَّت مناقشة مشروع قانون الموارد المالية وآلية توزيع الموارد في العراق الجديد على أساس "التعددية وإشراك الجميع دون التفريق بين مكونٍ وآخر". وأكد أنَّ مجلس الوزراء سيَشهد الأسبوعَ القادم قراءةَ ومناقشةَ مشاريع قوانين تتعلق ب"المساءلة والعدالة- اجتثاث البعث- والمحافظات". إلا أنَّ حكومة إقليم كردستان العراق سارعت إلى إعلان موقفٍ سلبيٍّ من مشروع قانون النفط الجديد، وقالت حكومة كردستان العراق إنَّها لم ترَ مشروع القانون، ولم تُصادق عليه، وألمحت بأنَّها قد تعارضه عند طرحه أمام البرلمان في حالِ أُدخلت عليه أي تعديلاتٍ أساسيةٍ غير مُتفقٍ عليها. وقال بيان لحكومة الإقليم إنَّها تأمل ألا يكون النص مخالفًا لما تمَّ الاتفاق عليه مع الحكومة المركزية، مشيرةً إلى أنَّ ذلك سيخرق ما وصفته ب"الحقوق الدستورية لإقليم كردستان العراق". وفي ملف الأزمة التركية- الكردية المزمن حذَّر جنرالٌ أمريكيٌّ أنقرةَ من الإقدام على التَّوغُّل شمال العراق لتعقب مسلَّحي حزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي، والذين يتخذون أراضي العراق الشمالية منطلقًا لهم لتنفيذ هجمات في المناطق التركية الواقعة إلى جنوب شرق إقليم الأناضول التركي ذي الأغلبية الكردية. واعتبر الجنرال بيري ويجينز- مساعد مدير عمليات القوات في قيادة أركان الجيوش الأمريكية- أنَّ أيَّ توغُّلٍ من هذا القبيل من شأنه أنْ يزعزع الاستقرار في العراق، إلا أنَّه قال في لقاءٍ مع الصحفيين بالبنتاجون: "إنَّ الجيش الأمريكي يقيم علاقاتٍ جيدةً مع العسكريين الأتراك". وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية قد نقلت يوم الأحد الماضي عن أعضاءٍ سابقين في حزب العمال الكردستاني- قالت إنَّهم سلموا أنفسهم للقوات التركية- قولهم: إنَّ المتمردين الأكراد الأتراك يهجرون معسكراتهم في شمال العراق خوفًا من احتمال توغُّل القوات التركية في المنطقة، وقال هؤلاء إنَّ الأعضاء المذكورين قالوا إنَّهم شاهدوا مركبتَيْن أمريكيتَيْن مدرعتَيْن تنقلان أسلحةً إلى متمردي حزب العمال في معسكراتهم، وهو ما أكَّد الاتهامات التي توجِّهها بعض الأوساط السياسية التركية والقوميين الأتراك لواشنطن بتأييد إقامة دولة كردية مستقلة شمال العراق، وهو تحركٌ يخشون أنْ يؤدي لزعزعة الاستقرار جنوب شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية. وكان جيش الاحتلال الأمريكي قد نقل مسئولية الأمن في المحافظات الكردية الثلاثة شمال العراق إلى الحكومة الإقليمية في كردستان في 30 مايو الماضي، ودعت تركيا القوات الأمريكية في العراق أكثر من مرة إلى التَّصدِّي للمتمردين الأكراد، وتقول واشنطن إنَّها تتفهَّم موقف تركيا، لكنها تعتبر أنَّ طاقات قواتها مستنفدة في مواجهة العمليات المقاومة للاحتلال الأمريكي وسط العراق. وكان وزير الخارجية التركي عبد الله جول صرَّح بأنَّ بلاده أعدَّت خططًا مفصلةً لعمليةٍ عسكريةٍ عبر الحدود داخل العراق ضد المقاتلين الأكراد، وقال جول- في مقابلةٍ مع صحيفة (راديكال) التركية- إنَّ "تركيا ستتحرك إذا لم تقُم القوات الأمريكية أو العراق بمواجهة مقاتلي حزب العمال الكردستاني".