استمرارًا لحالة التوتر السياسي الراهنة بين الخرطوم والغرب على خلفية أزمة دارفور حذَّر الرئيس السوداني عمر البشير الغربَ من تكرار سيناريو الأزمة العراقية في السودان.. وجدد البشير تهديدَه بمقاومة أيَّ تدخلٍّ غربيٍّ في دارفور مؤكدًا على رفضه أي تدخلٍ دوليٍّ لمراقبة إيرادات صادرات النفط السودانية قائلاً إن الخرطوم لن تقبل أبدًا ببرنامج "نفط مقابل الغذاء" آخر في إشارةٍ إلى العقوبات التي فُرضت على العراق في التسعينيات الماضية. واتهم البشير الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي بالتبعية للقرار والمواقف الأمريكية في صدد أزمة دارفور. وفي مواقفه الأخرى أوضح الرئيس السوداني- خلال الاحتفال الذي جرى بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لتولِّيه رئاسة البلاد- أنَّه لا يمكن اعتبار القوة المختلطة من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي التي وافقت بلادُه على نشرها بمثابة تدخلٍ أجنبيٍّ في دارفور نظرًا لأنَّ الحضور الإفريقي سيطغى عليها رافضًا مجددًا تولِّي الأممالمتحدة قيادة القوة المختلطة المزمعة بالإقليم، كما أكد أن الخرطوم سترفض أيَّة محاولةٍ للالتفاف على ما تمَّ الاتفاق عليه، مثلما رفضت من قبل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1706 بنشر قوات دولية في دارفور. وتأتي تصريحات البشير ردًّا على الدعوات التي وجَّهتها منظماتٌ غير حكومية لتطبيق برنامج بالسودان لتمويل العمليات الإنسانية في دارفور، شبيه بذلك البرنامج الذي فرضته الأممالمتحدة على العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وتعكس هذه التصريحات مخاوف الخرطوم من أنْ تتحوَّل الضغوط الغربية إلى عقوباتٍ حقيقيةٍ على غرار تلك التي فُرضت على العراق، بل وأنْ تُفضي إلى عمليةٍ عسكريةٍ لاحقًا. وفي هذا الصَّدد تساءل البشير عن المغزى من فرض عقوباتٍ أمريكيةٍ جديدة على السودان من طرفٍ واحدٍ؟ مشيرًا إلى أنَّ أيَّة عقوبات تضر المدنيين في المقام الأول ولا سيما في دارفور؛ حيث ستحرمهم من التنمية، كما ستضرُّ ببعضِ القطاعات الاقتصادية الأخرى الحيوية في البلاد، مثل السكك الحديدية. وتساءل (منتقدًا الموقف الأمريكي): "هل هذه العقوبات ستساعد نازحي دارفور على مغادرة المخيمات، وستمنحهم سبل العيش؟!". وفي السياق اتهم الرئيس السوداني نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي باتباع الخطّ الأمريكي والابتعاد عن السياسة التي كان ينتهجها سلفه جاك شيراك, وذلك في إشارةٍ إلى المؤتمر الدولي حول دارفور الذي استضافته باريس يوم 25 يونيو الماضي، وهو المؤتمر الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة في دارفور عام 2003م، وشاركت فيه 18 دولة بينها الولاياتالمتحدة والصين وروسيا، بجانب عددٍ من المنظمات الدولية في مقدمتها الأممالمتحدة، فيما غاب عنه الاتحاد الإفريقي والسودان، وتعهَّد المشاركون- بمَن فيهم الصين التي لديها مصالح نفطية مهمة في السودان- بمضاعفة جهودهم من أجل "وضع حدٍّ لمأساة الإقليم المضطرب". وقال البشير إن مشكلة دارفور "في طريقها إلى الحل النهائي" بعد الاتفاق الذي وقَّعته الخرطوم مع الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي لنشر القوات المختلطة، إلا أنَّه اعتبر أنَّ الحل الأمثل لأزمة دارفور "يجب أنْ يتم عبر الحوار الدارفوري- الدارفوري"، كما تعهَّد الرئيس السوداني بالسير في طريق السلام الشامل، وعدم النكوص عن الاتفاقات الموقَّعة في هذا الصدد. على صعيد متصل دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ألفا عمر كوناري أمس- في افتتاح القمة التاسعة للاتحاد الإفريقي في العاصمة الغانية أكرا الأممالمتحدة- إلى إصدار قرارٍ ينصُّ على نشرِ قوةِ سلامٍ مختلطة بدارفور، وتعكف بريطانيا وغانا حاليًا على إعداد قرار ينص على تمويل قوة حفظ سلام في دارفور، بعدما وافقت الخرطوم على نشر تلك القوات وقوامها 20 ألف جندي.