قرارات عاجلة من التعليم قبل بدء العام الدراسي غدا    وزير التعليم العالي يكرم رئيس جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر    مصر تشارك بجناح فرعوني في معرض سياحي بباريس لتعزيز القطاع -(صور)    مسؤول أممي: 16 مليونا في سوريا بحاجة للمساعدة.. ومعاناة الأطفال تتفاقم    أوكرانيا: مقتل 1340 جنديا روسيا خلال 24 ساعة    واشنطن: الحرب بين إسرائيل وحزب الله "ليست حتمية"    15 دقيقة من التعادل السلبى بين الزمالك والشرطة الكينى    أرنولد نجم ليفربول يستهدف شراء نادي نانت الفرنسي    جلس بجوار جثة العشيق.. تفاصيل "جريمة شرف" في المرج    أمير رمسيس: صورت فيلم «وسط البلد» في شوارع حقيقية    صبري فواز: الرقابة تتربى داخل كل إنسان ونتماشى مع ما يناسبنا    4 أبراج أقل حظا في شهر أكتوبر.. «الفلوس هتقصر معاهم»    الصحية النفسية والذهنية فى خريف العمر    إعلام فلسطيني: 13 شهيدا فى غارة إسرائيلية على منزلين برفح الفلسطينية    قصائد دينية.. احتفالات «ثقافة الأقصر» بالمولد النبوي    الجناح المصري في معرض Leisure السياحي بموسكو يحصل على جائزة «الأفضل»    خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت 80 مليون خدمة مجانية خلال 50 يوما    زيدانسك تضرب موعدا مع سرامكوفا في نصف نهائي تايلاند    طرح الإعلان التشويقي لفيلم "دراكو رع" تمهيدا لعرضه تجاريا    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    تفاصيل التحقيق مع صلاح الدين التيجاني حول اتهامه بالتحرش    على رأسهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا للجولة الخامسة من فانتازي الدوري الإنجليزي    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    خبير يكشف تفاصيل جديدة في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية بلبنان    محافظ قنا ونائبه يتابعان تنفيذ أنشطة بداية جديدة بقرية هو    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    "بداية".. قافلة طبية تفحص 526 مواطنًا بالمجان في الإسكندرية- صور    هذا ما يحدث للسكري والقلب والدماغ عند تناول القهوة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    البورصة المصرية تربح 22 مليار جنيه خلال أسبوع    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    البيت الأبيض: الجهود الأمريكية مستمرة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    لجنة "كوبرا" بالحكومة البريطانية تبحث تطورات الوضع فى لبنان    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    معلق مباراة النصر والاتفاق في الدوري السعودي اليوم.. والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    حبس سائق ميكروباص تسبب في مصرع طالبة بعد دهسها في أبو النمرس    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحول القوى العالمية من الغرب إلى الشرق ( 1)
نشر في الشعب يوم 05 - 11 - 2012

إعداد: * كريستوفر لين - ترجمة: ممدوح المنير - عبد الرحمن عبد الوهاب
عندما فتح المسلمون قبرص ووزعت الغنائم والسبى.. انتحى أبو الدرداء جانبا, وأخذ يبكى.. فسأله الصحابة أتبكى فى يوم أعز الله فيه الإسلام.. فقال: أبكى على هذه الأمة وقد كانت قاهرة وها هى سلط الله عليها السبى وإذا سلط الله السبى على قوم.. لم يعد لله فيهم حاجة.. ثم أضاف أبو الدرداء: ما أهون الحق على الله إذا ضيعوا أمره.
لا أعرف لماذ تذكرت موقف أبى الدرداء وأنا أترجم هذه الدراسة التى لأهميتها أنجزتها من الواحدة مساء حتى التاسعة صباحا، فهى دراسة صادمة إياى.. وكل من يقرأها عن نهاية الدور الأمريكى. المترجم
عندما تبدأ القوى العظمى تجربة تآكل مكانتها على الصعيد العالمى، يحاول قادتهم الإنكار، فعلى سبيل المثال أعلن الرئيس أوباما فى خطابه عن حالة الاتحاد: "أى شخص يقول لكم إن أمريكا هى فى أفول فهو لا يعرف ما يتحدث عنه"، بل إن المرشح الجمهورى للرئاسة ميت رومنى ذكر صراحة أنه"يرفض فلسفة الأفول فى كل مشتقاتها اللغوية"، والسفير الأمريكى سابقا لدى الصين "جون هنتسمان" أعلن ببساطة أن الأفول "غير أمريكى" أى لأقوام آخرين ليسوا بأمريكان.
إن عصر الهيمنة الأمريكية يقترب من نهايته مع تراجع القوة النسبية للبلاد، إلى جانب تراجع قدرتها على إدارة الاقتصاد والأمن العالميين؛ إذ استنفدت الولايات المتحدة قوتها بداية من عام 1945م فى تشكيل و توجيه الأحداث العالمية فيما يعرف ب "الباكس أمريكانا".
هذا لا يعنى أن الولايات المتحدة سوف تنحسر قوتها كبريطانيا العظمى خلال النصف الأول من القرن العشرين، كما ذكر ستيفن والت من جامعة هارفارد، ولكن غير مؤكد إذا كان يمكن الحفاظ على هذا المنصب على مدى السنوات العشرين المقبلة.
بغض النظر، فإن قوة أمريكا ونفوذها السياسى الدولى أصبح ملحوظا أنه يقل عما كانت عليه فى أوج "باكس أمريكانا"، هذا النظام القديم المصاغ من خلال أحداث الحرب العالمية الأولى والكساد العظيم والحرب العالمية الثانية لما يقرب من سبعة عقود، أصبح يتلاشى من المشهد و هو ما يحاول إنكاره قادة الولايات المتحدة، أو يشعرون بأنهم يجب عليهم الفخر عندما يتحدثون إلى الشعب الأمريكى، لكن الأسئلة الحقيقية لأمريكا وقادتها هى: ما الذى سيحل محل النظام القديم؟ كيف يمكن لواشنطن حماية مصالحها فى عصر العولمة الجديد؟.
بوادر النظام العالمى الجديد الناشئ كثيرة منها
أولا- هناك النهوض السريع فى الصين بشكل مذهل كقوة العظمى عسكريا واقتصاديا على حد سواء؛ فى المجال الاقتصادى توقعات صندوق النقد الدولى أن حصة الصين من الناتج المحلى الإجمالى العالمى (15٪) سوف يقترب تقريبا مع حصة الولايات المتحدة (18٪) بحلول عام 2014.
مع العلم أن حصة الولايات المتحدة فى نهاية الحرب العالمية الثانية كانت تقترب من 50 فى المئة، وهذا مذهل خاصة بالنظر إلى أن حصة الصين من الناتج المحلى الإجمالى العالمى لم يكن سوى 2 فى المئة فى عام 1980، و 6 فى المئة منذ وقت قريب فى عام 1995.
وعلاوة على ذلك، فإن الصين فى طريقها لتتفوق على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر اقتصاد فى العالم (قياسا إلى سعر الصرف فى السوق) فى وقت ما من هذا العقد، وكما قال خبراء الاقتصاد مثل أرفيند سوبرامانيان: إن العملية تقاس بتعادل القوة الشرائية، قد يكون الناتج المحلى الإجمالى فى الصين بالفعل أكبر من ذلك الذى للولايات المتحدة.
حتى أواخر الستينات، كانت الولايات المتحدة قوة التصنيع المهيمنة على العالم، اليوم أصبحت تعتمد أساسا على الاقتصاد الريعى، فى حين أن الصين هى الدولة الأولى والرائدة حاليا فى عالم التصنيع، كما كشفت دراسة نشرت مؤخرا فى صحيفة فاينانشال تايمز تشير إلى أن 58 فى المئة من إجمالى الدخل فى أمريكا يأتى الآن من أرباح الأسهم ومدفوعات الفائدة.
منذ نهاية الحرب الباردة، والتفوق العسكرى الأمريكى وظف كحاجز لمنع ظهور قوى ناشئة قد تتحدى الولايات المتحدة فى مصالحها، لكن قدرة البلاد على الحفاظ على هذا الحاجز صار يواجه مقاومة عند كل من الطرفين:
أولا- فإن تفاقم الأزمة المالية أجبر الولايات المتحدة على تخفيض نفقاتها، مما يجعلها على نحو متزايد أقل قدرة على الاستثمار فى جيشها.
ثانيا- القوى الصاعدة مثل الصين أصبحت أكثر ثراء وتوسعا فى نفقاتها العسكرية، الأيكونومست توقعت مؤخرا أن الإنفاق الدفاعى للصين سوف يماثل ذلك الذى فى الولايات المتحدة بحلول عام 2025.
وهكذا، على مدى العقد المقبل أو نحو ذلك سيكون رد الفعل الداخلى الأمريكى يعمل على تحجيم نشاط الولايات المتحدة فى العالم، مما سيساعد على توزيع السلطة و عدم استئثار واشنطن بها.
كذلك تتناقص قدرة الولايات المتحدة على تشكيل النظام الدولى الجديد من خلال تقديم نموذج يحتذى فى النفوذ والسخاء، مثلما حدث عقب الأزمة المالية لعام 2008 والركود الأعظم اللاحق مثلما كانت فى أوج قوتها العسكرية والاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ كانت تمتلك الولايات المتحدة القدرة المادية لمساعدة النظام الدولى حينها.
وهذا كله يطلق العنان للتحديات المتزايدة للنظام القديم من قوى إقليمية طموحة مثل البرازيل والهند وروسيا وتركيا وإندونيسيا، وبصفة خاصة "الصين"، التى خرجت من "قرن الإذلال" على أيدى الغرب لتحقق أخيرا وضع القوة العظمى، مما يجعل منها شريكا أساسيا فى النظام الدولى الذى بنته الولايات المتحدة وصممته ليناسب المصالح والقيم الأمريكية.
هذه التطورات تثير تساؤلات عميقة حول من سيرأس العالم، ودور أمريكا فى الفترة الانتقالية وما بعدها. ومع ذلك فإن مركز جاذبية النظام الدولى الاقتصادى والجيوسياسى يهاجر من العالم الأوروبى الأطلسى إلى آسيا، ونحن نشهد بدايات تحول السلطة بين الحضارات.
لقد استغرق الأمر الحربين العالميتين فى القرن العشرين، والكساد العالمى لصياغة المرحلة الانتقالية بين هذه الأنظمة الدولية.
بعد انتهاء الحروب النابليونية فى العام 1815، تجاوزت بريطانيا بسرعة كل منافسيها فى بناء قوتها الصناعية واستخدمت عضلاتها المالية لبناء نظام اقتصادى دولى مفتوح، وكان حجر الزاوية فى هذا "باكس بريتانيكا" دور لندن كونها مركز المالية العالمية والتفوق فى البحرية الملكية البريطانية من دون منازع فى جميع أنحاء العالم، مع مرور الوقت بدأ النظام الدولى الذى ترعاه بريطانيا للتجارة الحرة يقوض مكانة لندن على مستوى العالم عن طريق تسهيل نشر الخبرة ورأس المال والتكنولوجيا والابتكار والنظم الإدارية لمراكز السلطة الناشئة الجديدة، مما ساعد فى صعود المتنافسين الاقتصاديين والجيوسياسيين.
بين 1870 و 1900 ظهرت الولايات المتحدة وألمانيا واليابان على الساحة الدولية فى وقت متقارب، وكل من توازنات القوة الأوروبية والعالمية بدأت تتغير، مما حكم فى نهاية المطاف على باكس بريتانيكا بالموت، فى بداية القرن العشرين أصبح من الصعب على بريطانيا التعامل مع العدد المتزايد من التهديدات التى تتعرض لها مصالحها الاستراتيجية وعلى التنافس مع اقتصادات متنامية من الولايات المتحدة وألمانيا.
حرب البوير من 1899-1902 فعلت الأمر على نحو دراماتيكى من ناحية التكلفة العالية للشرطة الإمبراطورية، وكانت بمثابة نذير على سرعة أفول بريطانيا، مع الوقت اتسعت الفجوة بين التزامات بريطانيا الاستراتيجية والموارد المتاحة للحفاظ عليها.
وأصبح العالم أقل استعدادا للإذعان لنفوذ بريطانيا وسلطتها على نحو ما قال ويلكنسون سبنسر، المراسل العسكرى لصحيفة التايمز وقتها: "ليس لدينا أصدقاء، وليس هناك أمة تحبنا".
بحلول عام 1900، كانت ألمانيا قد تجاوزت بريطانيا فى القوة الاقتصادية و بدأت تهدد تفوق لندن البحرى فى وطنها عن طريق بناء أسطول قوى وضخم وحديث، وبدأت فى تركيز قواتها فى مواجهة خطر ألمانيا.. وتحالفت بريطانيا مع اليابان ووظفت طوكيو لاحتواء التوسع الألمانى والروسى فى شرق آسيا.
أيضا كان إزاحة أمريكا -المنافس المحتمل- عن طريق السعى إلى تنازل واشنطن عن سيادتها فى مياه الأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبى، وأخيرا استقرت خلافاتها مع فرنسا وروسيا، ثم شكلت التحالفات المصيرية بحكم الأمر الواقع مع بعضهم بعضا ضد ألمانيا.
ثالثا- تميزت الحرب العالمية الأولى بنهاية باكس بريتانيكا، وبداية نهاية هيمنة أوروبا جغرافيا وسياسيا، كان الحدث الأساسى دخول أمريكا فى الحرب؛ إذ كانت القوة الاقتصادية الأمريكية والعسكرية محورية فى ضمان هزيمة ألمانيا.. أخذ ويلسون الولايات المتحدة إلى الحرب فى عام 1917 مع نية استخدام القوة الأمريكية لفرض رؤيته للنظام الدولى على الألمان والحلفاء على حد سواء.
لعبت أمريكا أيضا دورا رئيسيا فى محاولتها استعادة الوضع الاقتصادى، و السياسى فى أوروبا التى مزقتها الحرب، كان الهدف هو أن تقف أوروبا على قدميها مرة أخرى، أو حتى تتمكن من أن تصبح سوقا حيوية بالنسبة إلى السلع الأمريكية مرة أخرى.
ثم جاء الكساد العظيم فى كل من أوروبا وآسيا، وكانت كارثة اقتصادية وخيمة وجيوسياسية عميقة، كما فصل "إى. إتش. كار" ببراعة فى عمله الكلاسيكى "أزمة العشرين سنة، 1919-1939"، تصدع نظام فرساى بسبب اتساع الهوة بين النظام الذى يمثله والتوزيع الفعلى للقوى فى أوروبا.
* أستاذ ورئيس معهد روبرت جيتس للأمن القومى فى ولاية تكساس، وأستاذ محاضر فى جامعة جورج بوش الأب.
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.