وصفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.أي) تقريرا لمجلس أوروبا عن إدارتها سجونا سرية في القارة خاصة في بولندا ورومانيا بأنه متحيز ومشوه. ولكن المتحدث باسم الوكالة باول جيميغليانو لم يصل حد نفي وجود مثل هذه السجون قائلا إن سي.آي.أي لا تناقش مواقع منشآتها خارج البلاد. غير أنه دافع عن عمل الوكالة مشير إلى أن عمليات مكافحة ما يسمى بالإرهاب كانت قانونية وفعالة وتمت مراجعتها بتمعن واستفاد منها العديد من الناس - بمن فيهم الأوروبيين- في إحباط مؤامرات وحماية حياة البشر. وفي نفس السياق رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية توم كايسي التعليق على تقرير السجون السرية لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الدول الأوروبية ستستمر بالتعاون في مكافحة ما أسمها الأنشطة الإرهابية. وكانت بولندا سارعت إلى نفي ما جاء في التقرير حيث قال الرئيس البولندي ليتشي كازينسكي عقب لقائه نظيره الأمريكي جورج بوش إنه لا يعلم أي شيء عن وجود سجون الاستخبارات الأمريكية في بلاده. كما رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية البولندية ووزير دفاعها السابق جيرزي زماجدزينسكي الاتهامات الواردة في التقرير وقالا إن بولندا لم تحتضن أي سجون سرية على أراضيها. كما عارضت الخارجية الرومانية الاتهامات الموجهة إليها في التقرير مشيرة إلى أنه لم يقدم أي دليل هذه الاتهامات بينما وصفت رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية في هذه القضية النائبة نوريكا نيكولاي نتائج التقرير بأنها عارية عن الصحة تماما. وبالتزامن مع التقرير الجديد للسجون السرية الأمريكية في أوروبا نفت الشرطة البريطانية أن تكون سي.آي.أي استخدمت المطارات البريطانية لنقل أشخاص سرا إلى سجون وأماكن تعذيب في بلدان أخرى. وجاء في بيان للشرطة عقب تحقيق استغرق 18 شهرا إنها لم تجد أي دليل لتأييد الاتهامات في الوثائق التي قدمتها منظمة ليبرتي للدفاع عن حقوق الإنسان التي كانت ذكرت أن المطارات البريطانية استخدمت أكثر من 210 مرات كمحطة للرحلات السرية للاستخبارات الأمريكية. لكن منظمة ليبرتي شككت في تقرير الشرطة البريطانية واتهم مديرها شامي شاكرابرتي الشرطة بالتلاعب وتساءل عما إذا كان التحقيق أجري فعلا؟ وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات من صدور تقرير لمجلس أوروبا اتهم فيه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالقيام بعمليات نقل غير شرعية لسجناء يشتبه في صلتهم بالإرهاب وإدارة مراكز سرية للاعتقال في أوروبا بين عامي 2003 و2005 وخصوصا في بولندا ورمانيا بموافقة رئيسي الدولتين واتهم ألمانيا وإيطاليا بعرقلة مهمته. وقال المقرر الخاص لمجلس أوروبا ديك مارتي في الجزء الثاني من تقريره حول هذه السجون إن العضوين البارزين في تنظيم القاعدة -وهما أبو زبيدة وخالد شيخ محمد- احتجزا واستجوبا سرا في بولندا مشيرا إلى أن حلفاء الولاياتالمتحدة أبدوا تعاونا كبيرا في برنامج السجون السرية الذي كان جزءا من السياسة الأمنية لحلف شمال الأطلسي (الناتو). واعتبر أن الولاياتالمتحدة أرادت أن تفرض عبر هذه السجون حربا على ما تسميه الإرهاب لا قيود فيها وتبين لاحقا أن سياستها هذه أدت إلى كارثة. وإثر هذا التقرير دعت المفوضية الأوروبية دولها الأعضاء المتهمة بإقامة سجون سرية أميركية على أراضيها إلى إجراء تحقيق حيادي في هذه القضية وتعويض الضحايا. يشار إلى أن مارتي كشف في تقريره الأول الذي نشر في يونيو الماضي عن 14 دولة أوروبية ضالعة أو متواطئة في قضية الرحلات السرية الأميركية مشيرا إلى أن سي.آي.أي كانت تهدف إلى تصدير مكافحة ما تسميه الإرهاب إلى خارج حدود الولاياتالمتحدة لتفادي القيود التي يفرضها القانون الأميركي. ويأتي الكشف الجديد بينما تتواصل في إيطاليا محاكمة 26 عميلا لسي.آي.أي غيابيا بتهمة اختطاف الإمام المصري أسامة مصطفى حسن ناصر المعروف باسم "أبو عمر" من أحد شوارع ميلان يوم 13 فبراير2003. وقد تم نقل أبو عمر إلى قواعد أميركية في إيطاليا وألمانيا قبل أن يسلم إلى مصر حيث سجن أربع سنوات وأفرج عنه يوم 11 فبراير الماضي حيث تعرض للتعذيب.