اتفق دبلوماسيون عرب بالقاهرة على أن المؤتمرين اللذين عقدا بشرم الشيخ عن العراق لم يسهما في إيجاد مخرج جوهري لمشاكل العراق التي أضحت شبه مزمنة ومستعصية عن الحل نظرا لأن هذا الحل وخيوطه تقع في أيدي أطراف خارجية معينة شاركت في الاجتماعات لكنها لم تجلس سويا لحل المشكلة. وأوضح الدبلوماسيون أن ما شهده المؤتمر ما هو إلا مزيج من الاتصالات الدبلوماسية فيما يمكن أن تلعبه هذه الاطراف من أدوار من خلال مصالحها الخاصة ومشاركتها في النشاط الدولي الخاص بالعراق. ورأى هؤلاء الدبلوماسيون أن نتائج المؤتمرين خيبت آمال الدول العربية التي كانت تأمل في حل الازمة العراقية، مشيرين إلى أن الولاياتالمتحدة بذلت خلال مشاركتها في المؤتمرين كل الجهود الممكنة لمحاولة استقطاب مساعدات من الاطراف الدولية المشاركة لوضع امكاناتهم لخدمة المصالح الاميركية بالعراق، وبالتالي حفظ ماء وجه الادارة الاميركية والخروج المشرف من المستنقع العراقي، ولم تكن الادارة الاميركية مهتمة على الاطلاق بمساعدة الشعب العراقي كما رددت؟!!. ودلل الدبلوماسيون على ذلك بعدم اهتمام أميركا الواضح بحقن دماء العراقيين الذين يتساقطون بالعشرات يوميا كما أنها لم تكن مهتمة بتدبير الاعتمادات المالية لاعادة إعمار ما دمرته آلتها العسكرية وأعمال العنف والإرهاب والتفجيرات المتلاحقة التي يتعرض لها العراق منذ قرابة خمس سنوات، إضافة إلى ما عاناه العراق قبل الغزو من حصار دولي محكم على مدى 13 عاما عانى خلالها "حرمانا ومرضا ومشاكل سوء التغذية إلى جانب مشاكل بيئية ما كان يستدعي من الادارة الاميركية أن تتحمل المسؤولية بوصفها قوة احتلال وفق القانون الدولي وأن تعوض الشعب العراقي عن هذه السنوات". ورأى الدبلوماسيون أن الإدارة الأميركية كانت تهدف من اتصالاتها الدبلوماسية خاصة مع الجانبين السوري والإيراني الخروج بموقف دولي واضح لمساعدتها باعتبار أن دمشق وطهران هما الطرفين الأكثر تأثيرا على الوجود الأميركي في العراق. كما أن اللقاء الذي تم بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيرته الأميركية كوندوليزا رايس والذي لم يستغرق نصف ساعة لم يخصص لمعالجة المشاكل العراقية وإنما كان الهدف منه هو فتح الباب بشكل رسمي بين دمشق وواشنطن تمهيدا للقاءات قادمة على مستويات مختلفة لبحث المواضيع التي تهم الطرفين؟!!. وأشار المراقبون الى أن الإدارة الأميركية حرصت على عدم مناقشة العلاقات الثنائية مع الجانب السوري لطمأنة الجانب اللبناني، وأن مواقفها تجاه دمشق ما زالت تراوح مكانها، ولم تحدث أية تغييرات جوهرية على الصعيد الثنائي. وأضافوا أنه رغم المحادثات التي جرت بشكل سري بين أعضاء الوفدين الإيراني والأميركي إلا أن اللقاء الذي تم بين رايس ونظيرها الايراني منوشهر متكي لم يتعد مصافحة ومجاملات دبلوماسية متعارف عليها ولم يتطور الى لقاء رسمي بين الطرفين، فيما أرجع المراقبون غياب هذا الانعقاد إلى تعنت إيراني بالنسبة للمطالب والقضايا التي يريدون بحثها مع الجانب الأميركي. ومن ناحية أخرى أصر الجانب الأميركي على عدم فتح موضوعات تخرج عن إطار الأزمة العراقية في هذه المرحلة ولم يتنازل كلا الطرفين مما أدى إلى فشل المحاولة الدبلوماسية. ورأى الدبلوماسيون العرب أن العراق نجح في الاجتماع الخاص ب"العهد الدولي" في إزاحة وحذف "بعض المبالغ" المستحقة كدين على العراق إلى جانب بعض الاعتمادات التي أعلنتها بعض الدول والتي ستصبح "على الورق" إلى حين توفر الظروف الموضوعية والأمنية التي تسمح بالبدء في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في العراق؟!!. أما الاجتماع الثاني الخاص بدول الجوار فقد حقق هدفين هما ايجاد فرصة مواتية في لقاء الوفد الأميركي مع وفدي إيران وسوريا والثاني هو تشكيل ثلاث لجان لمعالجة القضايا الأمنية والنفطية واللاجئين العراقيين. ومن ناحية أخرى أخفق المؤتمر في تشكيل لجنة رابعة تتابع "الوفاق الوطني والمصالحة العراقية" التي طرحتها مصر في مسودتها إلا أن الحكومة الحالية في العراق ارتأت عدم تشكيل هذه اللجنة لمعارضتها "مشروع المصالحة" التي يريدها رئيس الوزراء المالكي، ورأت الحكومة أن مثل هذه اللجنة ستسمح بإشراك أطراف عديدة خارجية وداخلية مما لا يتماشى مع الصياغات والمنطلقات التي تعتمدها الحكومة الحالية الامر الذي أدى الى التغاضي عن هذا المقترح. واعتبر دبلوماسي عربي أن اجتماع دول الجوار العراقي لا يعدو كونه رقما جديدا يضاف الى سلسلة الاجتماعات السابقة التي عقدت بشأن العراق؟!!.