افتتح اليوم الخميس وبمشاركة أكثر من ستين دولة المؤتمر الدولي حول العراق في منتجع شرم الشيخ المصري. وألقى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي – الموالي للاحتلال الأمريكي- كلمة في الجلسة الافتتاحية وصف فيها انعقاد المؤتمر بأنه تظاهرة عالمية لدعم العراق زاعما أن حكومته تسير بخطى ثابتة رغم التحديات نحو بناء الدولة الحديثة وتوطيد النظام السياسي الجديد القائم على الديمقراطية والحرية والتعايش السلمي. وأشار المالكي إلى أن حكومته منذ اليوم الأول لتشكيلها قررت المضي قدما في الإصلاح السياسي والانتقال من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق على حد قوله . وأعرب عن أمله أن يحظى العراق بدعم الدول في جميع المجالات السياسية والتقنية والإدارية لمساعدته على معالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن سياسات النظام السابق التي كبلته بالديون متناسيا أن الحصار الأمريكي فضلا عن العدوان الذي ألحقته بالعراق عام 2003 كان السبب وراء ما ألم بالعراق. وشدد على أن العراق لديه كثير من الخبرات والموارد لإطلاق مشروع اقتصادي كبير بعد تحسن وضعه الأمني والقضاء على الفساد، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن استقرار أمني دون ازدهار اقتصادي يوزع الثروات بالتساوي بين المواطنين ويوفر فرص عمل للعاطلين. وادعى أن حكومته جادة في حل هذه المشاكل وتوفير مستوى لائق من الخدمات للمواطنين وتفعيل عمل هيئات النزاهة لمحاسبة المقصرين في مؤسسات الدولة وكذلك العمل على فرض القانون ونزع سلاح المليشيات. ودعا المالكي إلى التضامن مع العراق حكومة وشعبا والاعتراف بما وصفه بالإنجازات التي تحققت في السنوات الماضية ودعم التجربة الديمقراطية لمنع تكرار المعاناة والمآسي التي تعرض لها الشعب العراقي على مدى ال35 عاما الماضية. وفي كلمته أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن المؤتمر يهدف لإعلان إطلاق وثيقة العهد الدولي التي ترسم رؤية لمستقبل العراق وحشد الدعم الدولي لإعادة الإعمار والتنمية فيه مشيرا إلى أن الوثيقة تهدف لبناء عراق موحد ومستقر وآمن ومتصالح مع محيطه الإقليمي والدولي على أساس التعايش المشترك. وأضاف أبو الغيط أن تحقيق هذه الأهداف يصب في مصلحة شعب العراق ومصلحة المجتمع الدولي، مشددا على الارتباط الوثيق بين كافة بنود العهد الدولي. وقال إن المصالحة في العراق تمثل نقطة الانطلاق نحو استقراره، ودعا في هذا الصدد إلى عدم "تهميش تيار بعينه" في العراق أو "الانحياز لفريق دون آخر". وأعرب أبو الغيط عن ترحيب مصر بالتزام الحكومة العراقية بشأن هذه المصالحة وما تطبقه من خطوات حيال ذلك، ودعا هذه الحكومة إلى بذل أقصى جهد ممكن لتحقيق حلم الوفاق الوطني ونبذ الفرقة وتأكيد ضرورة العيش المشترك بين جميع العراقيين. أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فأعرب عن ترحيب المنظمة الدولية بالتزام المالكي بالعهد الدولي وتعهده باتخاذ خطوات ملموسة لتنشيط الوضع الاقتصادي في بلاده. وطالب ببذل المزيد من الجهود لوقف العنف في العراق وما يخلفه من قتل ودمار في هذا البلد، وكذلك الكوارث الإنسانية المترتبة عن ذلك. ورحب بالتزام الحكومة العراقية اتباع المبادرات لتعزيز المصالحة الوطنية، مشيرا إلى أن الدستور العراقي هو الوسيلة المناسبة لحل الخلافات بين الأطياف العراقية وضمان المشاركة العادلة في الثروات. وتشارك في المؤتمر مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى والأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي. وكان قد سبق المؤتمر اجتماع تحضيري للتوصل إلى صيغة للبيان الختامي للمؤتمر الذي يعقد طيلة يومين تحت شعار بحث سبل إعادة الاستقرار في العراق. وقد وصلت غالبية الوفود المشاركة في المؤتمر الذي يكتسب طابعا دوليا ويفتتح أعماله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإطلاق "مبادرة العهد الدولي للعراق". وقبل انطلاق المؤتمر اجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمس مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي . وفي طريقها إلى مصر حذرت رايس الدول المجاورة للعراق من أنها ستخسر كثيرا إذا لم تستخدم نفوذها للمساهمة في استقرار البلد. في المقابل لم تستبعد واشنطن لقاء رايس ومتكي، لكنها أكدت أنه سيركز فقط على الوضع في العراق ولن يتطرق إلى البرنامج النووي الإيراني. كما لم تستبعد الوزيرة الأميركية أيضا عقد لقاء مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم. هذا وقد اختتمت أمس الأعمال التحضيرية للمؤتمر حيث برزت عدة نقاط خلافية بين الوفود المشاركة، ومن أبرزها مسألة الوجود الأميركي والعنف الطائفي الذي يعصف بالبلاد. وقد توصل المشاركون في الأعمال التحضيرية إلى صيغة توافقية بشأن النقطة الخلافية الرئيسية في مشروع البيان المتعلقة بتحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق. وكانت الحكومة العراقية قد اعترضت على تضمين جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق في مشروع البيان الختامي للمؤتمر. وفي خضم التحضيرات للمؤتمر أقنع الوفد العراقي مصر بألا يتضمن البيان الختامي أي دعوة إلى وقف إطلاق النار في العراق طيلة ثلاثة أشهر.