اتهم عددٌ من علماء الأزهر الشريف الحكومة المصرية بأنها تفرض سيطرتها على المؤسسة الدينية في مصر والمتمثلة في الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف من أجل تقوية نفوذها كما شن العلماء هجومًا على المسئولين في هذه المؤسسات وخاصةً في الأزهر الشريف بأنهم يسيرون وفق ما يريده النظام. وأكدوا في الندوة التي عقدتها نقابة الصحفيين ومنتدى الحوار العربي بمقر النقابة مساء أمس الاثنين بعنوان (الدور الثقافي والعقيدي للأزهر- بحثًا عن التنوير والوحدة بين مذاهب الأمة وطوائفها) أن الدور الدعوي لمؤسسة الأزهر قد تراجع كثيرًا. في البداية أكد الشيخ جمال قطب- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر- سابقًا أن بالمشيخة مَن يفعل ما يرضي الحكومة دون أن يُطلب منه ذلك في ظل محدودية في القدرة وعدم دراية مستشهدًا بقول شيخ الأزهر عن التعديلات الدستورية إنه لم يقرأها ولم تُعرض عليه، قائلاً "جيء برجلٍ لا يُحسن أحسن من ذلك"، موضحًا أنه يتطوع لخدمة النظام دون أن يُطلب منه ذلك. وأضاف قطب أنه في مصر تحوَّل علماء الدين إلى رؤوس، فالأزهر في يد والإفتاء في يد أخرى والأوقاف في يد ثالثة، وبالتالي إذا استعصت إحداهما على الدولة تتحدث الأخرى، وهو ما يفسر تحدث شيخ الأزهر في أزمةٍ معينةٍ والمفتي في أزمة أخرى، وهكذا.. بما يخدم التوافق العام. وكشف قطب أن مؤسسة الأزهر بحاجةٍ لإعادة دراسة للتراث، مشيرًا إلى أنه ليس عندنا مذهبٌ يمثل أهل السنة، فالمذاهب الأربعة للتعليم والتدريب فقط، وأضاف أن الدور الدعوي للأزهر كان أقوى ما يمكن حتى ثورة يوليو 1952م، مؤكدًا أن سياسة فرض الأمر الواقع والقوة منذ اللحظة الأولى لثورة يوليو. أما الشيخ منصور مندور- أحد علماء الأزهر الشريف- فكشف بدوره عن حوارٍ بين أحد علماء الأزهر الذي سأل أحد المسئولين الكبار في الدولة: "لماذا تعادون الأزهر؟" فرد المسئول بأنهم يريدون الأزهر قويًّا لكن ليس في مواجهة الدولة، مؤكدًا- أي منصور- أن مصر عُرفت بالأزهر وليس بشارع الهرم وبعلمائها لا براقصيها، مضيفًا أن مؤسسة الأزهر تعاني من بعض الضعف، وأن بعض العلماء يحاولون أن يدرأوا هذا الضعف لكي يعود الأزهر لرسالته المعهودة، وهي امتدادٌ لرسالة الإسلام منذ إقامة أول صلاة في الجامع الأزهر في شهر رمضان عام 361 ه، فالأزهر هو الذي جمع الشامي بالمغربي كما يقول المصريون، كما أنه هو الذي وحَّد الصفوف وقرَّب الشعوب. وتساءل الشيخ منصور: ماذا لو عاش الشاعر أحمد شوقي في هذه الأيام هل سيظل على أبياته التي قالها في الأزهر "قم في فم الزمان وحيِّ الأزهرا... وانثر على سمع الزمان الجوهرا"؟. من جانبه أعرب الشيخ جواد رياض- المشرف على إنتاج العلماء بمركز يافا للدراسات- عن الدور الذي قام ويقوم به الأزهر في الدعوة والحث على الجهاد في سبيل الله، خاصةً دعوة الحكام لأن الجهاد أصبح فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وفي النهاية أكد د. رفعت سيد أحمد- مدير منتدى الحوار العربي- أن الصهاينة والأمريكان هم الذين يقودون دعوات التفرقة بين المسلمين تحت مسمى شيعة وسنة وغيرها من الصراعات المذهبية والإيديولوجية، مشيرًا إلى أنه في مثل هذه الأزمات نبحث عن قوارب نجاة، وتلجأ الأمة في مثل هذه اللحظات إلى الأقرب من ضمائرها، وبالتالي يأتي دور الأزهر كطوق نجاة باعتباره المنارة التي نريدها جميعًا لكي نهتدي بإشعاعاتها وتاريخها ودورها.