عندما أراد جحا أن يبرهن لزوجته على أنه اشترى كيلو من اللحم ، وليس نصف الكيلو كما ادعت ، طلب منها أن تصرخ في الشارع: جحا مات، يا خرابي. وسارت جنازة جحا من أمام الجزار فضرب الرجل كفا بكف قائلا: لا حول ولا قوة إلا بالله. لقد اشترى منى كيلو لحم قبل ساعة. وهنا نهض جحا من موته المصطنع ونظر إلى زوجته قائلا: هل تصدقين الآن انه كان كيلو لحم وليس نصف كيلو. وهنا في واشنطن جحا أراد أن يبرهن على أن الولاياتالمتحدة ستتمتع بكيلو اضافي من الأمن لو خرجت 3300 جنازة في انحاء اميركا. وأراد ان يثأر لموت 3000 شخص برئ سقطوا في 11 سبتمبر 2001 ، فتسبب في قتل 3300 جندي أميركي في الحرب في العراق فضلا عن 60 ألف عراقي. وأراد ان يقضي على الإرهاب في العالم فتسبب في مزيد من الإرهاب. عندما مات فعلا جحا الحقيقي وخرجت زوجته الى الشارع تصرخ: جحا مات ، ياخرابي ، لم يصدقها احد بسبب خدعته في المرة السابقة. وجحا واشنطن فقد مصداقيته هو الآخر بين الأميركيين والعالم. لكن جحا واشنطن لم يخرج في جنازة واحدة من 3300 جنازة في أنحاء بلاده، ويقول إنه لم يحضر أية جنازة حتى لا يبدو أنه يحبذ تضحية على أخرى ، وهو في الوقت نفسه لا يمكنه عمليا حضور كافة الجنازات ، فالعدد كبير وحجم الحزن اكبر في قلوب اسر الشباب الأميركي الذين سقطوا في العراق. جحا الحقيقي كان في النعش يصطنع الموت لإثبات أنه اشترى كيلو لحم. وجحا واشنطن ليس في النعش وليس وراءه. غياب جحا واشنطن عن الجنازات يهدف الى إبعاد هذه الجنازات عن الصفحات الرئيسية في الصحف وصدارة نشرات الإذاعة والتلفزة. أي لضمان ألا ينتبه الشعب الأميركي الى فداحة الخسائر في الأرواح وفداحة أحزان الناس وفداحة الثمن الذي يدفعه الناس. رؤساء أميركا في الماضي خرجوا في الجنازات. الرئيس كارتر حضر جنازة الجنود الأميركيين الذين قتلوا في العملية الفاشلة لإنقاذ الرهائن الأميركيين في ايران. والرئيس ريغان حضر جنازة المارينز الذين قتلوا في تفجير في بيروت. والرئيس كلينتون ذهب الى المطار ليكون في استقبال جثث الأميركيين الذن قتلوا في تفجير نيروبي عام 1998. لكن لو حضر الرئيس بوش جنازات القتلى في العراق فسوف يمضي كل وقته يوميا في هذه المهمة. في مقابر ارلنجتون القومية بالقرب من واشنطن، يمكن مشاهدة الصفوف الطويلة المتراصة من المقابر الجديدة للقتلى الأميركيين في العراق. هذه ست عشرة حفرة طازجة. وعند القبور ترى الرموز الدينية للقتلى. هناك الصليب التقليدي ونجمة داوود اليهودية والهلال الإسلامي ورموز الديانات الآسيوية. وهذه الحفر الجديدة ليس عليها رموز دينية بعد ، وإنما علامة خضراء مؤقتة. وهناك الاف من باقات الزهور الطازجة عند القبور. وحتى اليوم تمنع وزارة الدفاع الصحافة والمصورين من تصوير مشاهد الجنازات وممنوع اقتراب الكاميرا منها بمسافة خمسين ياردة. عندما يموت جحا واشنطن (وكلنا نموت) وتصرخ زوجته: جحا مات، ياخرابي، سيحتل النبأ صدر الصفحات والنشرات. وسوف يذكر في رثائه أنه لم يحضر 3300 جنازة لكي يبرهن على أن امن أميركا زاد من نصف الكيلو الى كيلو بأكمله.