يتوافق أعضاء المجلس التأسيسي في تونس على جملة من المبادئ بشأن الدستور المقبل، بينما تبقى بعض نقاط الاختلاف محلّ نقاش، لاسيما فيما يتعلق بالنص على اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع. وتم الشهر الماضي تشكيل ست لجان بالمجلس الوطني التأسيسي شرعت في مناقشة التصورات العامّة لإعداد فصول الدستور الجديد، انتظار صياغته وعرضه على المصادقة في جلسة عامة. وستتم المصادقة على الدستور -وفق قانون صادق عليه المجلس التأسيسي- فصلا فصلا بأغلبية بسيطة (50+1)، ثم المصادقة عليه بأكمله بأغلبية الثلثين أو يتم اللجوء إلى الاستفتاء. الصحبي عتيق: هناك التقاء كبير حول مجموعة من القضايا (الجزيرة) نقاط الالتقاء ويقول رئيس كتلة حركة النهضة ورئيس لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق، إن "هناك التقاء كبيرا حول مجموعة من القضايا" بشأن الدستور. ويضيف للجزيرة نت أن هذا الالتقاء يشمل تكريس النظام الجمهوري للدولة والتداول على السلطة عبر انتخابات شفافة، وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والحقوق والحريات، والاعتراف بالمرجعية العربية والإسلامية لتونس. بدوره، أكد عضو الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض ومقرر لجنة الحقوق والحريات بالمجلس التأسيسي إياد الدهماني وجود "اتفاق تام" على النظام الجمهوري للدولة. ويضيف للجزيرة نت أن القوى السياسية في المجلس التأسيسي لا تختلف بشأن إحداث محكمة دستورية "تبت في دستورية القوانين والقرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية أو غيرها". من جانبه، أشار عضو التكتل من أجل العمل والحريات بالمجلس التأسيسي المولدي الرياحي إلى وجود توافق بين القوى السياسية على تركيز "نظام جمهوري مدني يحقق التداول على السلطة ويضمن التوازن بين السلطات والفصل بينها". وأكد للجزيرة نت أن هناك اتفاقا حول دسترة الحقوق والحريات وحول إحداث محكمة دستورية "تكون ملاذا قضائيا للمواطنين إذا ما لاحظوا أن هناك قوانين تتنافى مع روح الدستور". ولم يقع التنصيص في القانون على مدة عمل المجلس التأسيسي لصياغة الدستور، لكن أبرز الأحزاب وقعت على ميثاق أخلاقي قبل الانتخابات الماضية بأن لا تتجاوز صياغته عاما واحدا. إياد الدهماني: التنصيص على الشريعة سيفتح تأويلات تمس مدنية الدولة (الجزيرة) مواقف متباينة من جهة أخرى، أثار الشروع في إعداد الدستور خلافات بين القوى السياسية حول موقع الشريعة الإسلامية، بين منادين بإضافتها مصدرا أساسيا من مصادر الدستور، وبين متمسكين بالفصل الأول من الدستور القديم لعام 1959. وأشار الصحبي إلى وجود هذا الخلاف، قائلا إن حركة النهضة تسعى للتنصيص بوضوح على اعتماد الشريعة كمصدر أساسي للتشريع، لافتا إلى وجود اعتراض من قبل كتل نيابية داخل المجلس التأسيسي. ويقول الدهماني إن الشريعة "جزء نعتز به من هويتنا ونستلهم منه قوانيننا"، لكنه يرى أن التنصيص عليها "سيفتح تأويلات تمس بمدنية الدولة وتجعل رجل الدين مصدر القانون بدلا من السياسي". ومن جهته يقول أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد إن "هذا الخلاف يمكن حلّه بسهولة"، مخيّرا الإبقاء على الفصل الأول للدستور القديم الذي ينص على أن "تونس دولة حرة ومستقلة وتتمتع بالسيادة، دينها الإسلام ولغتها العربية ونظامها الجمهورية". ويقول سعيد "ليس هناك ما يفرق التونسيين لأن الشعب بأغلبه مسلم"، مؤكدا أنّه في حال عدم حصول وفاق حول المبادئ العامة والابتعاد عن التجاذبات "لا يمكن وضع دستور يعمّر طويلا". وتختلف وجهات النظر داخل المجلس التأسيسي أيضا حول النظام السياسي القادم، فبينما تسعى حركة النهضة إلى إرساء نظام برلماني، يسعى الديمقراطي التقدمي إلى نظام رئاسي، في حين ترغب قوى أخرى مثل التكتل في إرساء "نظام مزدوج" شبه رئاسي شبه برلماني.