أقر البرلمان الموريتاني بشكل نهائي تعديلات دستورية خلال جلسة مشتركة بين غرفتي مجلسي النواب والشيوخ، وانسحبت المعارضة من جلسة التصويت على التعديلات الدستورية وذلك بالتزامن مع احتجاجات سياسية واشتباكات بين الشرطة الموريتانية وعدد من أنصار المعارضة في محيط البرلمان. وصادق على التعديلات الدستورية 106 برلمانيين من بين 107 حضروا الجلسة، وتغيب عنها 44 برلمانيا من بينهم برلمانيو المعارضة الذين حضروا انطلاق الجلسة وانسحبوا عند التصويت بعد مشادات وملاسنات كلامية مع رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير تبادل خلالها الطرفان عبارات نابية بعد تهديد ولد بلخير برلمانيي المعارضة بإهانتهم وإخراجهم بالقوة في حالة عدم الانضباط أو الانسحاب من القاعة. واختارت الحكومة تغيير الدستور عن طريق مؤتمر برلماني جمع بين غرفتي البرلمان في أول حالة من نوعها منذ انطلاق ما يعرف بالمسلسل الديمقراطي مطلع تسعينيات القرن الماضي، بدل التوجه نحو استفتاء شعبي كما جرى عليه العرف في حالات سابقة. وتعتبر هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تغيير هذا الدستور الموريتاني الذي تم وضعه في يوليو/ تموز عام 1991، حيث سبق أن أجريت عليه تعديلات جوهرية في يوليو/ تموز عام 2006، وهي التعديلات التي هدفت إلى تكريس ما يسمى بالتناوب على السلطة بالنص على تحديد مأموريتين رئاسيتين غير قابلتين للتجديد. وبينما كان البرلمان الموريتاني يصادق على تغيير الدستور كانت الشرطة تشتبك مع مجموعات من شباب ومناصري المعارضة الرافضين لتغيير الدستور, والمطالبين بالتراجع عن "المساس" بدستور البلاد. شباب يحتجون أمام البرلمان على التعديل الدستوري (الجزيرة) احتجاجات شبابية وانضم قادة المعارضة إلى احتجاجات شبابية أمام قاعة المؤتمر ورفعوا شعارات مناوئة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، كما وصفوا التعديلات الدستورية بأنها انقلاب خطير. وقام الشباب المحتجون برشق برلمانيي الأغلبية وبعض وزراء الحكومة بالبيض الفاسد، وبعرقلة دخولهم إلى مقر المجلس النيابي، ولجأت السلطات الأمنية إلى الدفع بتعزيزات أمنية واعتقال عدد من النشطاء الشباب من بينهم رئيس المنظمة الشبابية لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي. وبينما امتدح عدد من برلمانيي الأغلبية التعديلات التي تم إقرارها قال النائب المعارض يعقوب ولد امين للجزيرة نت إنه انقلاب على الشرعية، ولكنه جزم مع ذلك بأنها ستفتح الطريق أمام الموريتانيين لتغيير حقيقي في نظامهم، مشبها الأمر بما قام به رئيس النيجر ممادو تانديا حين غير الدستور ومدد مأموريته الانتخابية فتمت الإطاحة به بعد ذلك ب57 يوما. وقال وزير العدل الموريتاني عابدين ولد الخير إن تلك التعديلات كانت ثمرة للحوار الذي جرى بين أحزاب الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة. وتنص التعديلات الدستورية على تكريس التنوع الثقافي لموريتانيا، وتجريم الانقلابات العسكرية، وحظر وتجريم العبودية، وزيادة صلاحيات البرلمان، كما تتضمن تغييرات في عضوية المجلس الدستوري وفي أعداد الدورات البرلمانية السنوية. وكان أربعة من أحزاب المعارضة قد اتفقوا مع الأغلبية الرئاسية في حوار جرى في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين على ما وصفوه بأنه إصلاحات دستورية جوهرية، ولكن بقية أحزاب المعارضة رفضت هذه التعديلات واعتبرتها انقلابا على الدستور.