فشلت الدعوة للعصيان المدني بمصر في تحقيق أهدافه السبت، حيث بدت مظاهر الحياة على طبيعتها بالعاصمة والمدن الأخرى، ولم تسجل حالات استجابة لدعوة أطلقتها قوى سياسية، بهدف الضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين. هذا وقد شهدت ميادين العاصمة ومحاورها الرئيسة درجة الازدحام المعتادة، وغابت عن المدينة مظاهر العصيان المدني الذي دعت له قوى شبابية اليوم بذكرى الإطاحة بالمخلوع حسني مبارك للضغط على المجلس العسكري الحاكم للإسراع بتسليم السلطة لحكومة مدنية. وأفاد شهود أن المكاتب والمؤسسات والشركات الحكومية فتحت أبوابها كالمعتاد. وأكد هؤلاء أن المترو الذي ينقل مئات الآلاف من الركاب يوميا بالقاهرة يعمل بصورة طبيعية، وأن العربات مليئة بالركاب. كما نقل التلفزيون الحكومي عن مسئول بهيئة قناة السويس قوله إن حركة عبور السفن بالمجرى الملاحي الحيوي منتظمة، وإن 49 سفينة ستعبر القناة السبت. أما بجامعة القاهرة فقد لوحظ أن الدراسة تسير بصورة طبيعية، ولم يسجل غير مظاهرة شارك نحو مائة طالب داخل الجامعة هتفوا خلالها ضد المجلس العسكري، لكنهم نفوا اعتزامهم الخروج بمظاهرتهم إلى الشارع. وفي مدينة المحلة الكبرى، في دلتا النيل، قال القيادي العمالي بشركة مصر للغزل والنسيج محمد العطار إن العمل منتظم بالشركة التي يعمل فيها أكثر من عشرين ألفا، وأضاف "هذا اليوم هو يوم سقوط الطاغية وعلينا جميعا أن نحتفل في هذا اليوم بالعمل الزائد". وفي مدينة المحلة قالت وكالة الأنباء الألمانية إن الأجهزة الأمنية في محافظة الغربية تمكنت من ضبط ثلاثة أشخاص من بينهم صحفي أسترالي أثناء قيامهم بتوزيع مبالغ مالية على المواطنين لحثهم على العصيان المدني والقيام بأعمال تخريبية بمدينة المحلة الكبرى 110 كلم شمال القاهرة. وأضافت الوكالة أن السلطات ضبطت الثلاثة بعد أن قام العشرات من الأهالي بمحاصرتهم بميدان الشون، مشيرة إلى أن التحريات أشارت إلى أن الاثنين الآخرين طالب بالجامعة الأميركية ومترجمة سياحية وأنهم جاؤوا لمدينة المحلة الكبرى لمعرفة سبب عدم مشاركة عمال شركة الغزل والأهالي بالعصيان المدني والإضراب عن العمل. وفي الإسكندرية، سارت مظاهر الحياة كالمعتاد بالمدينة رغم إغلاق بعض المحال أبوابها خوفًا من حدوث أعمال شغب وخلو الشوارع من زحامها المعتاد اليوم السبت الذي يعتبر أجازة أسبوعية في غالبية الدواوين والمصالح الحكومية والمدارس. وأضاف أن حركة النقل العام والقطارات سارت بانتظام مع انخفاض ملحوظ في أعداد الركاب بالتزامن مع بدء الإضراب الذي دعي له تحت شعار "خليك بالبيت" مشيرا إلى أن عددا كبيرا من المواطنين فضلوا البقاء بمنازلهم خوفا من حدوث أعمال شغب، وليس بغرض المشاركة بالإضراب. وبالنسبة للمؤسسات التعليمية هناك مشاركة محدودة من الطلاب في الإضراب والعصيان المدني، مشيرا إلى أن عشرات الطلاب شاركوا في اعتصام بمجمع الكليات النظرية رافعين لافتات مكتوبا عليها "اعتصام اعتصام حتى يسقط النظام". ونظم عدد من طلاب المدارس الثانوية وقفة احتجاجية بمشاركة عدد من أولياء الأمور للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين مرددين هتافات منددة بالمجلس العسكري. وفي محافظة الأقصرجنوبالقاهرة اختفت مظاهر العصيان المدني وانتظمت الدراسة بجميع المدارس في أول يوم دراسي بعد انتهاء إجازة نصف العام ، كما انتظم العمل بجميع القطاعات الخدمية وقطاعات السياحة والآثار والنقل والمواصلات ولم تشهد الأقصر أي مظاهر احتجاجية من قبل القوى والائتلافات الثورية. وكانت عدد من الأحزاب السياسية في مقدمتها حزب الحرية والعدالة صاحب الأكثرية النيابية بمجلس الشعب وحزب النور السلفي، وحزب الوفد وحزب الوسط، أعلنت رفضها لدعوات العصيان المدني التي دعت إليه بعض القوى الثورية بذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالمخلوع ، ووصفتها بأنها "تعطيل للمسار الديمقراطي الذي تشهده البلاد". واعتبر الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية الدعوة للإضراب غير شرعية، ورفضها عدد من الجهات الحكومية كهيئة قناة السويس وهيئة سكك حديد مصر واتحاد الصناعات، والموانئ، والغرف التجارية، والبورصة، والبنوك. يأتي ذلك بعد يوم واحد من مسيرات، نظمها عدد من الحركات الشبابية المؤيدة للإضراب والعصيان المدني، إلى مقر وزارة الدفاع في العباسية منددين بكيفية إدارة المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية. وكان المجلس العسكري قد استبق الدعوة الجمعة عندما حذر مما وصفه بمؤامرات تستهدف ضرب الثورة وإسقاط الدولة، إضافة إلى بث الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب. وألمح المجلس، في بيان أصدره عشية الذكرى الأولى للإطاحة بالمخلوع ، إلى أن مصر تمر بمنعطف هو الأخطر في طريق مسيرتها نحو الحرية والحكم الديمقراطي الرشيد. وأكد أنه سيفي بتعهداته التي قطعها للشعب ملمحا إلى وجود مخططات تهدف إلى ضرب الثورة والوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة، وكذلك مؤامرات تستهدف تقويض مؤسسات الدولة وإسقاط الدولة نفسها لتسود الفوضى ويعم الخراب. وأبدى المجلس حرصه على تسليم السلطة بعد انتخاب رئيس للجمهورية ليعود بعدها لمهمته الرئيسية وهي الدفاع عن الوطن. وما تزال مصر تعاني من اضطرابات سياسية بعد عام من تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة من المخلوع في 11 فبراير 2011. وتعهد الجيش بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب في يونيو هذا العام.