هل بدأت الثورة المضادة في ممارسة الإرهاب؟!.. من الذي يدير أعمال العنف والتخريب في محيط ميدان التحرير؟. المعروف أن البلطجية لا يمارسون البلطجة من تلقاء أنفسهم، فالبلطجي شاب أو رجل بائس اضطرته الظروف ليعمل مرتزقا لدى من يدفع له، ولكنه لا يمكن أن يعرض حياته للخطر تطوعا، مهما كانت الظروف. ومعروف أيضا أن ظاهرة البلطجة- الدخيلة على الشعب المصري: خير أجناد الأرض- لم تزدهر إلا على أيدي قيادات الحزب المنحل الذين كانوا يستعينون بالبلطجية لتزوير الانتخابات، ولتدبير أعمال عنف موسمية مثل خلق مبررات لتجديد حالة الطوارئ، أو تلفيق تهم للمعارضين؛ خصوصا الإسلاميين. وما يحدث الآن يدل على أن فلول النظام المخلوع يشعلون الحرائق لإفشال الثورة وتدمير المسيرة الديمقراطية المتمثلة في انتخابات مجلس الشعب. وقد ثبت ذلك باليقين القطعي باغتيال الشيخ عماد عفت- مدير إدارة الحساب الشرعي وأحد أمناء دار الإفتاء، الذي أفتى بحرمة التصويت للفلول. ولا نقصد بالفلول أهل الحكم بالنظام المخلوع فقط، فهؤلاء معروفون.. ولكن الأخطر منهم هم أولئك المنافقون المرتزقة الذين فضحتهم الانتخابات الحرة، وقد كانوا يسترزقون من النظام المخلوع من خلال الأحزاب الوهمية التي أسسها جهاز أمن الدولة وكان النظام يدعمها أو الأحزاب القديمة التي كانت خاضعة للنظام أو عميلة له، أو من خلال وسائل الإعلام المنافقة والعميلة التي كانت تجيد الاصطياد في هذا المناخ العكر. ومعنى ذلك أن المجرمين العابثين بأمن الوطن معروفون بالاسم، ومن السذاجة أو العبط أو الخيانة تركهم يفسدون في الأرض ويحرقون الأخضر واليابس انتقاما من الشعب الثائر الذي ألقى بهم في مزبلة التاريخ. لقد أصابهم الرعب من الانتخابات الحرة التي تبشر بإعادة السلطة الشرعية للشعب وحده، وبدأ كل لص وكل من على رأسه (بطحة) الخوف من المحاسبة وفضح فساده. لابد من القبض على هؤلاء المجرمين ومحاكمتهم وحماية الوطن من مؤامراتهم. ونستطيع الآن بعد نجاح عرس الحرية والإقبال غير المسبوق على الانتخابات أن نكشف بسهولة كل الكارهين لمصر وثورتها المجيدة.. خصوصا أولئك الذين يروجون للتخويف من الدين والمتدينين، ويرددون الادعاء الزائف (بجهل) الشعب المصري الذي فجر أعظم ثورة!، وعدم استعداده للديمقراطية، وأنه شعب يسهل خداعه وتوجيهه إلى اختيارات انتخابية خاطئة، وأنه بالتالي يحتاج إلى إعادة فرض الوصاية عليه!. إننا نؤيد حرية الرأي، ولكن يجب التفريق بين الرأي والتحريض والكذب ونشر الفتن.. وينبغي أن يكون هناك قانون لتوقيف صناع الفتنة والمحرضين، وحماية الوطن منهم. وليس هناك من شك أن حق التظاهر مكفول، وأن من واجبات الحكومة حماية المتظاهرين ومنع الاعتداء عليهم، بل وعزل ومحاكمة المعتدين.. ولكن هناك فرق بين التظاهر السلمي المنظم والتخريب، فالحرية "المنضبطة" مسئولية ونعمة عظيمة تجب المحافظة عليها وحمايتها من العابثين والمتآمرين. أما حرق المنشآت الحيوية، وتعطيل المرور، وممارسة العنف، وقتل الأبرياء.. فهذه كلها جرائم يعاقب عليها القانون، ولا علاقة للحرية بها. ويجب على الثوار الحقيقيون "التمايز".. بمعنى أن يعلن كل فريق عن نفسه ويتجمع تحت راية معروفة وواضحة، ولا يسمح لأي دخلاء بالاندساس بين صفوفه.. وأن يعلن عن مطالبه بوضوح وفي مكان ظاهر، وإن وجد الثوار فوضى واختلاط للحابل بالنابل فما عليهم إلا أن يعلنوا رفضهم وتبرؤهم مما يجري وينسحبوا إلى مكان آخر يستطيعون فيه أن يعلنوا أهدافهم ويثبتوا تميزهم عن أولئك العابثين. إذا حدث هذا التمايز فسوف يكون من السهل عزل الفلول والبلطجية وكشف أهدافهم ومؤامراتهم، وبالتالي محاكمتهم، ومنع هذه الفوضى والهمجية التي تسيء لمصر وثورتها. إن ثورتنا المجيدة معرضة للخطر، وهي لن تكون ثورة بالفعل ما لم تقتلع الفساد والمفسدين وتفضح المنافقين، سواء في وسائل الإعلام أو مؤسسات الدولة. واقتلاع شجرة الفساد لا يكون بقص أطرافها، ولا حتى جذعها.. ولكن لا بديل عن إزالة الجذور حتى لا تنبت من جديد. وبالطبع فإن حكومات تسيير الأعمال والمجلس العسكري بوضعه المؤقت ليسوا مخولين بتحقيق هذه الانطلاقة الثورية التي تحتاج إلى حكومة منتخبة دائمة ومستقرة. فالحل إذًا في سرعة إنجاز التحول الديمقراطي وتسليم الحكومة للأغلبية المنتخبة، فالشعوب عادة تلتف حول القادة المنتخبين وتستجيب لهم، وتساعدهم في تحقيق البرامج التنموية والإصلاحية. ويجب أن ينتبه الشعب المصري إلى الخطة البديلة لمؤامرة إفساد الانتخابات التي أسقطها الشعب الواعي.. وهي منع حصول أي حزب على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة، ليظل الباب مفتوحا للجدل والتآمر الخفي والتدخل والوقيعة، لتحويل العرس الديمقراطي إلى أزمة وزارية لا تنتهي. يجب أن نحرص على منح أغلبية مريحة للحزب القوي الغني بالقيادات والكفاءات.. وليس هناك خوف من صنع (حزب وطني ثاني) - كما يدعي أعداء الثورة- لأن هذا الحزب المنحل كان يحصل على أغلبية ساحقة بالتزوير، وكان يستولي بمفرده على المجلس كله، أما الآن فلدينا ما لا يقل عن عشرين حزبا لها مقاعد حقيقية غير مصطنعة، والحزب الذي نال ثقة الأغلبية؛ الحرية والعدالة، لن تزيد مقاعده بأي حال عن 60%، ولا مجال أو مكان لأغلبية الثلاث تسعات. ------------------------------------------------------------------------ التعليقات مرسي بسيوني مرسي الأربعاء, 28 ديسمبر 2011 - 04:02 pm أحسنت كلام يعبر عن نظرة واعية بأحداث المرحلة ومتطلباتها ، وهذا مانرجوه من كل صاحب قلم ، فإن حيرة الناس تدفعهم إلي البحث هنا وهناك عن تصورات وحلول ، فإن لم يتحل كل صاحب قلم بمثل هذه الروح فإنه يساهم في فتح جرح جديد في بدن الأمة المثخن بالجراح أصلاً ، تحياتي يادكتور دمت موفقاً وجعل الله الأثر الطيب والنفع بكلماتك