إذن، فاز مجرم الحرب رئيس وزراء العدو الصهيوني في الانتخابات الأخيرة، وجاءت النتائج لتؤكد أن المغتصبين الصهاينة داخل الكيان مؤيدين لأقصى اليمين المتطرف، مع تنامي عدائهم للفلسطينيين ورفضهم لأيّ "حلٍّ سياسيٍّ" وزيادة قناعتهم بحقّهم في استعمار شعب آخر، وتكريس الاحتلال. كل المعطيات في هذه الانتخابات تشير إلى هيمنة اليمين الصهيوني على المشهد السّياسيّ والاجتماعيّ والأمنيّ والاقتصاديّ والمناحي الحياتيّة المختلفة. ويمكننا الاستنتاج في ضوء النتائج أنّ الانتخابات الإسرائيلية لم تحدِث تغييراتٍ وتبدّلات جدّيّة وجوهريّة على المشهد السياسي والحزبي، إذ بقي اليمين الصهيوني مسيطرًا، بل وتنامت قوّته وتعززت قوّة زعيمه، الّذي سيكون أول زعيم إسرائيلي يقضي أطول فترة في منصب رئيس الحكومة دلائل نتائج الانتخابات يمكن الجزم بأن الانتخابات الأخيرة حسمت سيطرة اليمين الصهيوني الاستعماري على الكنيست وزادت إمكانيّات طغيانه، إذ يحظى نتنياهو بخيار وإمكانية تشكيل ائتلافٍ حكوميٍّ واسعٍ ومنسجمٍ سياسيًّا وعقائديًّا، مستقرٍّ وعنصريٍّ ومتطرفٍّ واستيطانيٍّ أكثر من سابقه، الذي سيمنحه الدعم الكامل للمضي قدمًا في مشاريع الضّم والقضْمِ والاستيطان في الضّفة الغربية والقدس والجولان، وفي تكريس الواقع الاستعماري ولشنّ العدوان على غزة المحاصرة كلما اشتدّ حبل ملفات الفساد حول رقبته، إضافة لتشريع القوانين العنصرية والتغوّل في سياسات الظلم والتحريض والتهويد والتهجير والهدم ضدّ المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في الداخل. المرحلة المقبلة ستشهد نقلة في الدفع باتجاه ضم المستوطنات وإلحاقها بالسيادة الإسرائيلية، وتسريع التوسع الاستيطاني، بما يحبط إمكانية إقامة دولة فلسطينية، ويحصر الحل مع الفلسطينيين فيما يتبقى خلف الوقائع الإسرائيلية على الأرض، كما ستشهد المرحلة المقبلة وفق التقرير تسريعا لخطوات ترسيخ الهوية القومية اليهودية للدولة على حساب هامش القيم الديمقراطية الهشة أصلا، ما سينعكس سلبا على واقع الفلسطينيين في أراضي 48. إن خطورة نتائج الانتخابات الأخيرة، تكتسب زخمها من توفر بيئة دولية صديقة لليمين الإسرائيلي، ممثلة بتبني إدارة ترامب التام للرؤية الإسرائيلية، ومن صعود اليمين الفاشي على الساحة الدولية، إلى جانب تآكل الحاضنة العربية للفلسطينيين، ودخول إسرائيل من خلال شق الصراع السني الشيعي إلى العالم العربي، وتحوّل إيران إلى محور العداء لدول عربية عدة. تركيبة الحكومة الجديدة في تقرير "مدار" الإستراتيجي للعام 2019، توقع تركيبة حكومة نتنياهو الخامسة أن تكون شبيهة إلى حد بعيد بحكومته الرابعة التي شكلها في 2015، بعد حصول كتلة أحزاب اليمين على 65 مقعدا مقابل 45 مقعدا لكتلة الوسط واليسار، و10 مقاعد للقوائم العربية، إلا إذا حصلت مفاجأة بإقامة وحدة وطنية، رغم وجود إمكانية متدنية لذلك. وأضاف التقرير أن نجاح الليكود بقيادة نتنياهو جاء مغايرا للتوقعات والاستطلاعات التي تنبأت غالبيتها بتجاوز قائمة "كاحول لافان" لليكود بفارق عدة مقاعد، كما جاء على الرغم من تجند وتحالف غير مسبوق لشخصيات وقوى مختلفة ومتنافرة في قائمة واحدة من أجل إسقاطه، والأهم، أن فوز نتنياهو جاء في لحظة حرجة في مسيرته السياسية، في ظل نشر المستشار القضائي للحكومة افيحاي مندلبليت، في حمى المعركة الانتخابية توصيته بتقديمه للمحاكمة في ثلاثة ملفات فساد. ونبه التقرير إلى أن النتائج أظهرت أن كتلة اليمين تحظى بدعم شبه ثابت من قواعدها، وأن الحراك يتم بين الأحزاب في اليمين، وليس بين كتل اليسار واليمين. وعكست الانتخابات الإسرائيلية، وفق التقرير، عدة ظواهر مهمة مرتبطة بصعود "إسرائيل الثالثة" (المتركزة على الهوية الدينية وعلى الاستيطان)، والصراع الداخلي المرتبط بذلك بين تيارات سياسية ومجتمعية على هويتها ومستقبلها، حيث ركز تحالف "كاحول لافان" حملته على قضية استعادة هيبة مؤسسات الدولة القضائية، وضرورة استعادة فكرة "الدولاتية" و"الرسمية" وترميم العلاقات الداخلية التي تضررت حسب رأيهم بسبب تغذية نتنياهو لحالة الاستقطاب الداخلي. خطوات متطرفة متوقعة خلال حملات الدعاية الانتخابية، أعلن نتنياهو أنه سيقوم بضم المستوطنات للسيادة الإسرائيلية. ومن غير المرجح أن يكون نتنياهو طرح مسألة الضم خلال الانتخابات من دون التشاور مع إدارة ترامب، ومن دون وجود تفاهمات ما على الموضوع، وأنه سيراهن على رفض الفلسطينيين لصفقة القرن من أجل إلقاء اللوم عليهم للبدء بتنفيذ مسألة الضم. ومن المتوقع أن يسعى نتنياهو إلى إرضاء أطراف حكومته المقبلة بفرض السيادة على مناطق من الضفة الغربية، إذ أن بقاء حكومته مشروط ببقاء أصغر حزب من الأحزاب اليمينية، فيما لم تحدث مفاجأة بتشكيل حكومة وحدة. كما أن مستقبل نتنياهو الشخصي مرتبط بتجنيد أحزاب اليمين لصالح بقائه، ومن الممكن أن تتم عملية مقايضة الضم بسن "القانون الفرنسي" الذي يمنع تقديم رئيس حكومة للمحاكمة وهو على رأس عمله. كذلك، لا جدال أن الانقسام الفلسطيني سيسمح لنتنياهو بالمناورة، واستخدام سياسة العصا مع طرف والجزرة مع طرف آخر، لإدارة الانقسام، والاستفراد بكل جهة على حدة لفرض الأجندة اليمينية للضم، وتحويل الضفة إلى منطقة معازل رسمية تدار على نمط غزة. إن ما يحدث منذ سنوات هو التخلص من إرث أوسلو التي انتهت وانتهى دورها، ويتم التحول الآن بقوة نحو فرض القانون الاسرائيلي على المستعمرات الاستيطانية، ما يعني وضع اليد على الضفة الغربية، ووضع عقبات حقيقية أمام إنجاز الشعب الفلسطيني لاستقلاله الوطني في ظل إدارة اميركية تتنصل من تعهدات سابقاتها، وتخالف القانون الدولي وتتنكر للحقوق الفلسطينية.