اقتحم آلاف المتظاهرين الكويتيين مبنى مجلس الأمة الكويتي وذلك احتجاجا على ما وصفوه بأنه اعتداء من قوات الأمن على عدد منهم بالضرب بالهريّ لمنعهم من الوصول إلى منزل رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح للمطالبة بعزله من منصبه وتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة. وذكرت وكالة رويترز للأنباء أن المحتجين رددوا عبارة: "الشعب يريد إسقاط الرئيس (رئيس الحكومة)" وهو ما رأت فيه الوكالة صدى لما تردد في شوارع بلدان عربية أخرى شهدت ثورات واحتجاجات هذا العام. وفي كلمة وجهها النائب البرلماني مسلم البراك إلى المحتجين قال إن على عائلة الصباح الحاكمة في الكويت أن تعرف أن شرعيتها تأتي عبر الدستور فقط، وحذر البراك عائلة الصباح من الإساءة إلى الشعب الكويتي الذي سيرد هذه الإساءة بلا شك حسب وصفه، وقال إن الشعب لن يقبل حاكمًا لا يدافع عن الدستور. وبدوره اعتبر الأمين العام لحزب الأمة الكويتي حاكم المطري أن ما حدث كان ردا من المتظاهرين الذين تجمهروا في ساحة الإرادة, لكن قوات الأمن بدأت قمعهم عندما توجهوا من هناك إلى مجلس الأمة, مرجحا أن يكون القمع هو الذي جعلهم يتوجهون إلى منزل رئيس الوزراء. وشدد المطيري على أن الكويت تعيش منذ أشهر أزمة خانقة كانت تحتاج إلى حل من السلطة, مشيرا إلى أن السلطة تجاهلت المشكلة الرئيسية, إذ كان نصف البرلمان تقريبا –حسب قوله- قد دعا الحكومة إلى تقديم استقالتها. وأضاف أن القوة الشبابية الكويتية سبق أن دعت إلى إمارة دستورية وإلى حكومة منتخبة وأن الدعوة ما زالت قائمة, قائلا إن المجتمع الكويتي كغيره من المجتمعات يتطلع إلى إصلاحات جذرية تصل به إلى بر الأمان في ظل حكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب. أما العضو السابق في مجلس الأمة الكويتي فهد الخنة فقد انتقد رئيس الوزراء الكويتي بشدة بسبب رفضه المثول أمام البرلمان, واتهمه برشوة بعض أعضاء البرلمان, مضيفا أن مثل هذا المسؤول لا بد أن يتحرك الشعب ضده. وشدد الخنة في حديث مع الجزيرة على أنه لم يعد أمام ناصر المحمد الصباح سوى الاستقالة أو القبول بصعود المنصة كي يخضع لاستجواب أعضاء مجلس الأمة, مطالبا بانتخابات برلمانية مبكرة. وكان عدد من نواب المعارضة الكويتية قد حثوا شعبهم للخروج إلى الشارع والاعتصام في ساحة الإرادة المقابلة لمبنى البرلمان، والمطالبة بسقوط الحكومة وحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة على خلفية ما وصفوه بانتهاك الحكومة لبعض مواد الدستور بسبب مشاركتها في التصويت لإلغاء الاستجوابات المقدمة ضد رئيس مجلس الوزراء. جاء ذلك في أعقاب تقدم ثلاثة من أعضاء مجلس الأمة أمس الأربعاء باستجواب موجه للمحمد الصباح على خلفية القضية المسماة بالإيداعات المليونية المشبوهة والتحويلات المالية عبر وزارة الخارجية، المتهم فيها عدد من أعضاء البرلمان بتلقي رشًى من رئيس الحكومة، وهي القضية التي استقال إثرها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية محمد الصباح في أكتوبر الماضي. وشهدت الجلسة تبادلا للاتهامات بين أعضاء مجلس الأمة، بعدما طلبت الحكومة عبر وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة وزير النفط محمد البصيري جعل الجلسة سرية لمناقشة الاستجواب المقدم لرئيس الوزراء ناصر المحمد من النائبين أحمد السعدون وعبد الرحمن العنجري. وحشدت الحكومة كل أعضائها بالإضافة إلى كتلتها النيابية في البرلمان، واستطاعت رفع الاستجواب المقدم لرئيسها ب38 صوتا، في حين لم يشارك في التصويت 26 نائبا، انسحب 20 منهم عند بدء عملية التصويت. وذلك ما دعا نواب المعارضة إلى التحذير من تكلفة التكتيك الحكومي على البلاد، باعتباره قد مس دستور البلاد وأحكامه. فقد وصف النائب المقرب من التيار السلفي محمد المطير الشارع بأنه "يغلي" محذرا السلطة من أن الوضع خطير. و قررت السلطات في الكويت إلغاء عقد جلسة مجلس الأمة المقررة صباح اليوم حيث أعلن أمين عام مجلس الأمة علام الكندري أن التلفيات الناجمة عن اقتحام المتظاهرين لمقر مجلس الأمة قد أصابت وبعثرت محتويات المجلس. وجاء القرار بعد ليلة من الصدام بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين اقتحموا مجلس الأمة وحطموا البوابة الرئيسية ودخلوا المجلس في وقت متأخر، وانفضوا بعد أن تجددت الاشتباكات بين رجال الأمن والمتظاهرين الكويتيين المعتصمين في ساحة الإرادة. وشارك المتظاهرون عدد من أعضاء مجلس الأمة حيث تلقى النائب مسلم البراك بعض الإسعافات في مركبة تابعة للإسعاف بجانب موقع ساحة الإرادة بعد شعوره بالإعياء، ونقل لاحقًا إلى المستشفى الأميري لتلقي العلاج. وانضم النائب محمد هايف إلى ساحة الإرادة والنائب الدكتور ضيف الله أبورمية بعد أن تلقوا أخبارًا بشأن ما حدث في ساحة الإرادة من صدام بين الأمن والمتظاهرين. وقال المتظاهرون: إنهم أوصلوا الرسالة بعد أن اقتحموا مجلس الأمة ودخلوا قاعة عبدالله السالم، حيث قام عدد منهم بحمل مقعد النائب مسلم البراك داخل المبنى. وصاح النائب مسلم البراك من قاعة المجلس موجهًا كلامه إلى رئيس المجلس قائلاً: "يا جاسم الخرافي لتعرف أن الشعب يستطيع السيطرة على كرسيك في مجلس الأمة"، وردد مع الحضور النشيد الوطني. وكان النائب مسلم البراك قد حذر من الإعلان عن مواقفهم السياسية بالمسيرات والاعتصامات حتى يرحل رئيس الحكومة وحل مجلس الأمة. واعتبر النائب الدكتور وليد الطبطبائي أن الدستور قد توفي ومعه انتهت الدولة الدستورية، مؤكدًا أن حماية منصب رئيس الوزراء أهان الدستور في جلسة مجلس الأمة. وقد تصاعدت حدة التوتر بين المعارضة والحكومة في الكويت في الآونة الأخيرة، بعد احتجاج المعارضة على فضيحة فساد متهم بالضلوع فيها نحو 15 نائبًا، ومسؤولين حكوميين، على الأرجح. وقد تسببت هذه الفضيحة باستقالة الشيخ محمد الصباح بعد أن اتهم النائب المعارض مسلم البراك الحكومة بالقيام بعمليات تحويل غير مشروع للخارج عبر السفارات الكويتية، وأوضح أن مكتب رئيس الوزراء أجرى نحو 500 عملية تحويل لأموال مشبوهة تقدر بعشرات ملايين الدولارات، عارضًا وثائق تثبت عمليات التحويل. وفتح النائب العام الشهر الماضي تحقيقًا حول حسابات نواب يشتبه بأنهم حصلوا على 350 مليون دولار "كرشى"، بحسب ما أعلن نواب من المعارضة.