بث الصعود الجديد لمعدلات التضخم في مصر تخوفات لدى المحللين الاقتصاديين في ظل استمرار خطط خفض الدعم الحكومي، وهو ما رفع التضخم بعدما ظل منخفضا على مدى 10 أشهر الماضية. ووفق بيانات رسمية صدرت مسبقا فقد ارتفع التضخم السنوي في مصر إلى 13.8 % في يونيو الماضي، من 11.5 % في الشهر السابق له، مسجلا الارتفاع الأول منذ 10 أشهر. محللون اقتصاديون وبنوك استثمار، اعتبروا ارتفاع التضخم في الشهر الماضي منطقيا ومتوقعا، جراء تدابير خفض الدعم التي تتخذها الحكومة ضمن برنامجها للإصلاح الاقتصادي. لكنهم يتخوفون من أن خطة خفض الدعم الحكومي قد تحرم المستثمرين من الحصول على فائدة بنكية منخفضة خلال هذا العام، بعدما كانت تشير التوقعات إلى اتجاه "المركزي" لخفض الفائدة أكثر من مرة في 2018. وخفض "المركزي" أسعار الفائدة مرتين متتاليتين في العام الجاري، وهو ما سمح بتراجع معدلات التضخم على مدى الأشهر الماضية. وبدأت الحكومة الشهر الماضي في تطبيق إجراءات خفض دعم جديدة، إذ رفعت أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي للمرة الثانية في غضون أقل من عام، بنسبة 44.4 %. كما زادت أسعار الكهرباء بمتوسط 26 % وحتى 69.2 %، فيما رفعت أسعار الوقود بنسب تصل إلى 66.6 %. آراء المحللين قال أحد المحللين الاقتصاديين إن عودة ارتفاع معدل التضخم هو "أمر منطقي وغير مفاجئ، بعد تحريك أسعار الوقود وغيره من السلع ولن يكون الأخير". وأضاف: "لكن حجر الزاوية حاليا لم يعد فقط التركيز على معدلات التضخم، وإنما التركيز على مستويات الدخول ومعدلات البطالة والقوة الشرائية". وأشار إلى أن "ارتفاع معدل التضخم قد لا يمثل مشكلة إذا ما توازى مع ارتفاع متوسط الأجور، والتي بدورها لن ترتفع دون زيادة في الإنتاج". وتابع: "إذا نتج عن حزمة الإصلاحات الحتمية التي تمر بها مصر الآن زيادة في معدلات الإنتاج، فستقل الآثار السلبية الناتجة عن زيادة معدلات التضخم، وتكون أقل وطأة على المواطن". إجراءات احترازية حكومية وصرّح بنك الاستثمار "بلتون"، قائلا إن ارتفاع التضخم مجددا في يونيو الماضي، جاء بسبب تدابير خفض الدعم الحكومي. وتوقع "بلتون" أن يتم الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية حتى نهاية 2018، إلى جانب استمرار ارتفاع معدل التضخم الشهري، بسبب موسمية الأعياد الإسلامية وإجازة الصيف ولكن بنحو أهدأ. وارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك لإجمالي مصر بنسبة 2.9 % في يونيو الماضي، مقارنة بنسبة 0.3 % في الشهر السابق له، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. وأضاف "بلتون": التضخم ما زال في نطاق مستهدف البنك المركزي عند 13% والعائد على أدوات الدين مرتفع، ولذلك نتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة حتى نهاية 2018". وفي 28 يونيو الماضي، قرر البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثانية على التوالي، وذلك خلال أقل من شهرين عند 16.75 % للإيداع، و17.75 % للإقراض. كانت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد قالت مطلع الشهر الجاري، إن حكومة بلادها تتوقع زيادة معدل التضخم خلال الشهرين المقبلين، دون أن تذكر أرقاما محددة. وتتوقع السعيد وفق تصريحات سابقة، أن تتراجع معدلات التضخم مجددا إلى معدلاتها السابقة، وأن يسجل معدل التضخم رقما أحاديا (دون 10 %) مع بداية العام المقبل. تضخم قادم في سياق متصل أكد بنك استثمار "برايم" أن الموجة التضخمية الحالية دفعت "المركزي" إلى تأجيل أي خفض لسعر الفائدة، كما أعلنت لجنة السياسة النقدية عقب اجتماعها الأخير. وتوقع "برايم" أنه في الأشهر المقبلة، سيتم احتواء أثر الصدمة الحالية على التضخم، على نحو يوفر مساحة مناسبة للبنك المركزي لاستئناف سياسته التوسعية، لخفض سعر الفائدة تدريجيا". وأوضح أن الشركات تدرك حاجتها إلى امتصاص جزء من الصدمة من خلال التضحية بالأرباح قصيرة الأجل، حتى يظهر الاستهلاك علامات على قبول المزيد من ارتفاع الأسعار. يذكر أن الموازنة المصرية يستهدف خفض معدل التضخم إلى 10% في العام المالي 2018 / 2019، مقابل 20.5 % في العام المالي الماضي.