من الواضح أن النظام العسكري لم يكتفي بالمليارات التي اغتصبها من رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والخدمات والبنزين والتي قُدرت بالمليارات , فإثر علي نفسه إن يترك مجانية التعليم ويضع يده على أكثر من 70 مليار آخرين , حيث ألمح وزير التعليم فالحكومة إلى نيه تسريح 80% من الطاقة العاملة التابعة لوزارة التربية والتعليم , وإلغاء مجانية التعليم التي يستفيد منها الملايين من أبناء الفقراء. وفي حواره مع صحيفة "أخبار اليوم الحكومية", أتهم الوزير المعلمين , بقوله: "نصف الوزارة إما حرامي والنصف الثاني حرامي وغير كفء أيضا"، مهددا بفصل "المدرس عالي الصوت" , مشيرًا إلى أن إن "ميزانية الوزارة تبلغ 80 مليار جنيه، منها 70 مليار مكافآت ومرتبات لأناس لست بحاجة إليهم، فأنا عندي مليون و700 ألف لا أحتاج منهم سوى 20 في المئة فقط، ولو جلس الباقون بمنازلهم لن يؤثروا على العملية التعليمية". وأثارت تصريحات الوزير , حالة من السخط بين المعلمين والمواطنين , مما آدي إلى تعالى أصوات إقالته كنقابة التعليم المستقلة، فيما أعلنت عضو لجنة التعليم بالبرلمان النائبة منى عبد العاطي، أنها ستتقدم بطلب استجواب للوزير لمعرفة السبب الحقيقي لتلك التصريحات. تنفيذًا لأوامر السيسي وتعليقا على تصريحات وزير التعليم، اتهم الكاتب كمال حبيب؛ الوزير طارق شوقي بالسعي لإلغاء مجانية التعليم، وقال إن "ما يعلنه الوزير هي خطة يتبناها عبد الفتاح السيسي". وكتب حبيب عبر صفحته في "فيسبوك": "هناك نموذج تعليمي يريده البنك الدولي لكي يمول العملية التعليمية بالبلدان التي تأخذ بنموذجه"، موضحا أنه بعد تصريحات الوزير "نحن إذن أمام نموذج للتعليم من البنك الدولي تلغى فيه مجانية التعليم، ويُسرح 80 في المئة من المدرسين، وقبل ذلك يتم وصفهم بأنهم حرامية". الأذرع الإعلامية تعض "مجانية التعليم" وكانت قد انطلقت دعوات متعددة من أذرع النظام الإعلامية والسياسية؛ لإلغاء مجانية التعليم في عهد الانقلاب واتهامها بالتسبب في تراجع مستوى التعليم؛ لدرجة خروج مصر من قائمة التصنيف العالمي في جودة التعليم، حسبما أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في مايو الماضي. وأشهر الدعوات المطالبة بإلغاء المجانية؛ كانت للعالم المصري بوكالة ناسا، فاروق الباز، خلال حوار بفضائية "mbc مصر" في ديسمبر 2016، حيث طالب بأن "يكون التعليم المجاني للمرحلة الابتدائية والتعليم الفني فقط"، معتبرا أن "جزءا من المجانية سبب خراب التعليم". وبحسب الدساتير المصرية المتعاقبة، فإن التعليم مجاني وإلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، كما حدد دستور الانقلاب، الصادر في 2014، ميزانية التعليم قبل الجامعي (نحو 20 مليون تلميذ) بنحو 4 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، وهو ما لم تلتزم به حكومة الانقلاب في موازنة العام المالي الجاري. مشروع ميجي ويرى الباحث والمعلم بوزارة التربية والتعليم، محمد مسلم، أن الحل لإنقاذ التعليم ليس بإلغاء المجانية ولا تسريح المعلمين، معتبرا أن "تصريحات الوزير منافية للواقع، حيث أن هناك عجزا صارخا في المعلمين، وكل معلم يدرس أكثر من نصابه في عدد الحصص". وتساءل: "من أين أتى (الوزير) بهذا الكلام؟". وأضاف مسلم في تصريحات صحفية ل"عربي21": "المعلم يعمل في أسوأ الظروف؛ حين يدرس في بعض الأحيان في فصول كثافتها ستون طالبا، ولا يجد مقعدا يرتاح فيه من الوقوف طوال اليوم"، وفق قوله. وقال: "كي نصل لمعايير الجودة العالمية يجب وضع التعليم كأولوية أولى قبل التسليح والأمن، كما فعلت اليابان مطلع القرن التاسع عشر بمشروع الإمبراطور ميجي؛ الذي استهدف الارتقاء بالمجالات التسعة لمعايير الجودة وهي: المعلم، والمتعلم، ومحتوى المنهج، والقدرة الموسمية للمدرسة، والموارد البشرية، والمساءلة، والقيادة والحوكمة، والمشاركة المجتمعية، والمناخ التربوي". وأكد مسلم أن "نجاح التعليم بمصر مرتبط بالمناخ العام؛ فلا صلاح له دون إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي، وإطلاق طاقات الإبداع، وتقريب المبدعين لا أهل الثقة والولاء من المتسلقين الوصوليين"، على حد وصفه، مشيرا في الوقت ذاته إلى دور "الأسرة والإعلام الهامين في دعم المعلم والعملية التعليمية".