معلوم أن الثورات الشعبية لا تنتصر بالضربة القاضية.. وأنها تكون في حاجة ماسة إلى اليقظة والانتباه والصمود لتنتصر بالنقاط. وثورتنا الشعبية المباركة لازالت (للأسف) في أول الطريق لأن الخائفين منها والمتربصين بها والكارهين لها ولريادة مصر- في الداخل والخارج- كُثُر، ولن يهدأ لهم بال إن نجحت هذه الثورة وحققت كل- أو حتى بعض- أهدافها. فالحلف الصهيوأمريكي مثلا يعلم علم اليقين أن عودة مصر إلى موقع الريادة والقيادة الذي تستحقه سوف يكون وبالا على العدو الصهيوني وعلى سياسة الاستكبار الغربي عموما.. أما بقايا النظام المخلوع فليس أمامهم إلا أن يستميتوا للدفاع عن مصالحهم واحتكاراتهم ونهائبهم. وقد اتفقت مصالح الطرفين ليتعاونا سرا وجهرا في محاولة مستميتة لإجهاض الثورة و(تمويتها) ببطْء، ولم يُخف الجانب الأمريكي مؤامراته الدنيئة فاستدعى سفيرته من باكستان ونقلها إلى مصر لتطبق خبرتها في زرع الفتنة بين مكونات الشعب الباكستاني وفي تدمير وحدته الوطنية، لتطبيقها في مصر. والعجيب أن هذه السفيرة لم تخف مؤامراتها على الثورة المصرية، فأخذت تجتهد في استقطاب المفتقرين إلى الشعبية وتمدهم بالمال والدعاية لتصنع منهم قنابل موقوتة لنشر الفتنة وتعطيل التحول الديموقراطي. عندما انطلقت الثورة ونجحت في خلع الطاغية السابق بسرعة مذهلة وبكفاءة شهد لها العدو قبل الصديق.. أصيب كل أعداء الثورة بالصدمة وفقدان الوعي لفترة من الزمن، ولكن البطء الشديد الذي أعقب الثورة وعدم استثمار المد الثوري والزخم الشعبي فتح الباب لأعداء الثورة لكي يستفيقوا، وينظموا صفوفهم تدريجيا لدرجة أن الكثيرين باتوا يشعرون أن الطاغية المخلوع عاد إلى سدة الحكم لممارسة طغيانه، ولكن من وراء ستار. فالمفروض أن المجلس العسكري الحاكم أمين على الثورة وليس له أغراض سوى تنفيذ الإرادة الشعبية دون تدخل منه (أي دون وصاية على الشعب)، ولفترة محدودة لا تزيد عن الوقت اللازم لإجراء انتخابات حرة وتسليم الحكم لممثلي الشعب. ولكن الواقع المؤسف أن هناك محاولات لتأجيل التحول الديموقراطي وزيادة حقبة الحكم الانتقالي التي من المفروض أنها مؤقتة ومحدودة. وأسوأ ما في الأمر أن أغلب القرارات والتصرفات تؤدي إلى عودة النظام المخلوع في ثياب جديدة.. فأسلوب الوصاية على الشعب واتهامه ضمنا بأنه شعب قاصر وغير مستعد لنيل الحرية لازال مطبقا مع تغيير طفيف في الأسلوب، فتارة يخططون لفرض وصاية على الدستور من خلف ظهر الشعب، وتارة يقولون إن مدنية الدولة (أمن قومي!).. وكأن هناك من يدعوا إلى دولة ثيوقراطية أو دولة عسكرية. كما أن اسلوب وطريقة الطاغية المخلوع في الهيمنة وتغييب الشعب لم يتغير منه شيء، والأمثلة على ذلك كثيرة: استمرار قانون الطوارئ (الذي قامت من أجله الثورة!)، الاصرار على نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب، الانفراد بتقرير النظام الانتخابي دون اعتبار لرغبات المواطنين والأحزاب، استخدام الأحزاب الورقية المفتقرة للشعبية والادعاء بأن ما يخططون له هو رأي القوى السياسية، احتكار وتوجيه وسائل الإعلام الحكومية... الخ. ماذا بقي من الثورة إذا ؟!. لقد حان الوقت لعودة الثورة بكامل طاقتها كما كانت في أيام العز والمجد والحرية التي لن ينساها الشعب المصري والشعوب المحبة للحرية.. لابد من استكمال الثورة، وعدم مغادرة ميدان التحرير قبل الاطمئنان إلى تحقيق كل أهدافها. ويجب أن ينتبه الثوار إلى أن المؤامرات جاهزة لعرقلة التحول الديموقراطي.. بزرع الفتنة بين فئات الشعب مثل الإيقاع بين الإسلاميين وغيرهم، أو الإيقاع مثلا بين الإخوان المسلمين والسلفيين، أو السعي للوصول إلى برلمان متناحر يصعب الاتفاق بين أعضائه لوضع القوى السياسية في مأزق مثلما يحدث بالعراق ولبنان.. إلخ. فليس المطلوب فقط سرعة إجراء الانتخابات، ولكن يجب السعي لتأمينها من محاولات التأجيل لأسباب مصطنعة، أو إجرائها بقوانين وأنظمة تعيد الطغيان وتفتح الباب للفلول وعملاء أمريكا، أو إجرائها كما ينبغي نحت الضغط الشعبي ثن الانقلاب على نتائجها كما حدت في الجزائر من قبل.. فكل الاحتمالات واردة لأن المعادين لمصر ولحرية شعبها لا ينامون. وليعلم الجميع أن سياسة البطء الشديد والتأجيل المتكرر لعملية بدة ممارسة الحرية الكاملة التي يستحقها الشعب الثائر هي التي تسهل لأعداء الثورة مهامهم وتمكنهم من الالتفاف غليها وقتلها. انتبهوا أيها الثوار.
------------------------------------------------------------------------ التعليقات ssssssssssssss السبت, 01 أكتوبر 2011 - 01:38 am أهو دا الكلام المضبوط أدام الله عليكم الصحة والعافية أهو دا كلام الرجل الفاهم الواعى الذى يريد مصلحة مصر بحق أكرمكم الله يا دكتور د/ عادل عبد الحميد الأربعاء, 28 سبتمبر 2011 - 11:58 am أشرقت الأنوار يا د/ عبد الله أشرقت الأنوار يا د/ عبد الله، عود حميد، لقد افتقدناك كثيرا، ونحمد الله على عودتك سالما بعد طول غياب، وهنيئا لك بالشفاء. متعك الله بالصحة والعافية، وننتظر عودتكم إلى كل أنشطتكم فى نقابة العلميين وحزب العمل والطاقة الذرية وفعاليات الثورة والصحف والفضائيات. الله معك