لا أعرف لماذا تصر الحكومة على تكرار اسوأ اخطاء قرارات عصر مبارك ، وكأنها تسير بسرعة الصاروخ الى يناير 2011. ان ابسط منطق عندما يتعلق الآمر بعشرات الالاف من المواطنين ، لا يتم تركهم لنقص المعلومات وبالتالى انتشار الشائعات وبالتالى توقع حدوث كارثة. فمنذ سنوات حاول الحيتان الاستيلاء على عدد من الجزر وسط النيل ، وكان من اشهرها جزر الوراق والدهب والقرصاية ،وانتشرت اخبار وأقاويل عن تخصيص مساحات من جزيرة الوراق لجمال مبارك وساويرس ، ومحاولة استيلاء ابو العينين على مساحات فى جزيرة الدهب ، ومناقشة محافظة الجيزة شراء مستثمر سعودى لجزيرة القرصاية ، هذا بخلاف ما حدث فى الجزر باسوان والاقصر وغيرهما واشهرها جزيرة البياضية والتى جرى محاكمة عاطف عبيد ويوسف والى بشأنها. وفى الاسابيع الاخيرة تكرر نفس السيناريو عن معلومات بالقطارة ، وبالتالى شائعات بالجملة حول مصير هذه الجزر ، رغم ان عدد سكان جزيرة الوراق على سبيل المثال أكثر من 150 ألف نسمة !. انه من غير الصحيح ان هذه الجزر محميات طبيعية او ملكا للدولة .. فأهالى هذه الجزر يقيمون بها أبا عن جد عن جدود الجدود ، أى انهم مثل اى بيت فى كل ارجاء المحروسة ، ولديهم حجج بذلك ، فضلا عن مصدر رزقهم الاغلب فى الزراعة او الصيد ، واماكن تعليم اولادهم وصلات القرابة وغيرها مما يمثل امن قومى بالنسبة لكل هذه الاعداد ، ونفس الشىء لمن قاموا بالشراء من ملاك هذه الاراضى ، بينما الواقع بدون اى نقاش مجتمعى او استطلاع اهالى هذه الجزر والقاطنين فيها تم اعداد القرارات بعيدا عنهم تماما وكأنهم عبيد !. من الاخبار المنشورة بالقطارة وشبه المبهمة ان هيئة المساحة تجرى حصر شامل لكل الجزر الواقعة فى النيل ، وسوف تسلمه – اى الحصر - لوزارة التخطيط ، وانها انتهت بالفعل من حصر اراضى جزيرة الوراق وما عليها من مبانى تمهيدا للتعامل القانونى عليها وتحديد حق الدولة عنها من خلال لجنة استرداد اراضى الدولة ، وانه سيتم تجميع البيانات من خلال هيئة المساحة ، والتنمية الزراعية بصفتها صاحبة الولاية التى تتعامل على هذه الاراضى بحق الانتفاع او الايجار. لا خلاف على حق الدولة فى اراضى طرح النهر وهى الاراضى الواقعة فى حرم النيل ، بل مع تجريم كل من تجرأ وردم مساحات من النيل .. ونفس الشىء فى الاراضى التى تملكها الدولة خاصة املاك الاوقاف ، وكذلك تجريم البناء ولكن مع منح اولوية لهؤلاء فى الحصول على شقق الدولة بأسعار ميسرة .. ولكن هذا شىء واعتبار كل اراضى الجزر شىء اخر .. والقول او الادعاء بان التنمية الزراعية صاحبة الولاية على هذه الاراضى وان لها التعامل بحق الانتفاع او الايجار غير صحيح ، فهذه الاراضى متوارثة ويمتلكها الاهالى من عشرات او مئات السنين ، وليست مثل الاراضى الصحراوية ، بل هى مثل اراضى الجزر وشبه الجزر العامرة أى مثل الزمالك والمنيل ، ولكن يبدو ان الفارق فى المستوى الاجتماعى والمادى عن الزمالك جعل الحكومة تتجرأ وتطمع فيها !. ان اى تعويض للاهالى مقابل اخراجهم يعنى باختصار نفس فكرة خصخصة عاطف عبيد والتى انتهت بموت الاف العمال وخسارة الوطن من مهارات مدربة ، ويتكرر هذا فى زراع هذه الاراضى وملاكها اذا قامت الحكومة بمنحهم تعويضات او شقق. واذا كانت الحكومة تسعى لمزيد من الاستثمار أو البحث عن اكبر استفادة ، فلتقم بتخصيص مساحات من طرح النه رأو اراضى الاوقاف ، وليس من ملكية الاهالى ، وان تقوم بعمل منتجعات او فنادق ، مع افادة الاهالى بان تكون الاولوية فى العمالة لابنائهم ، وان يتم تخصيص نسبة من الارباح لافادة اهالى الجزر من خدمات وليس بطردهم منها. أما حجج الصرف الصحى فى النيل فيمكن للحكومة معالجة المشكلة ان ارادت ، والا كيف ستعالجها اذا اقامت فنادق ومنتجعات يمتلكها رجال الاعمال والحيتان ؟!. فى كل الاحوال لا بد من نشر معلومات شاملة وموسعة ، ومناقشة الاهالى اصحاب الارض واصحاب المصلحة بدلا من زرع القنابل المؤقتة واثارة احتقان البسطاء .. وكأنه مكتوب علينا ان تضيع كل الجزر من تيران وصنافير حتى الجزر داخل المدن.