من المحزن أن يتم ذكر جيش بلادنا الوطنى الذى يتكون من شباب البلاد كجيش مرتزقة، كما جعله الجنرالات بقيادة عبدالفتاح السيسى والضباط الأمريكان الذين يجلسون فى السلطة ويحكمون البلاد عقب الانقلاب على الشرعية، والمحزن أكثر أن العمل فى ذلك النظام يأتى لخراب الدول الشقيقة التى يعُد أمنها جزء لا يتجزء من أمن وطننا مصر. فالعديد من المحللين برون أنَّ النظام استخدم الهجوم الأخير على المسيحيين على أرضها كذريعةٍ لتعزيز مصالحها في ليبيا وتعزيز الرجل القوي خليفة حفتر. وكانت القاهرة قد شنَّت يوم الجمعة، 26 مايو 2017، ضرباتٍ جويةٍ على مدينة درنة الليبية، قائلةً إنَّها تتعقب بتلك الهجمات "إرهابيين" قتلوا عشرات المسيحيين في هجومٍ وقع جنوبي القاهرة قبل ساعاتٍ من الغارات. ولم يكن لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم على المسيحيين، أي وجودٍ في المدينة حسبما جاء بموقع ميدل إيست آي البريطاني. وأدى ذلك بالبعض إلى اقتراح أنَّ الهدف من الضربات لم يكن التصدي لتهديدٍ محتمل لمصر، وإنَّما لتقديم مساعدةٍ عسكرية للجيش الوطني الليبي بقيادة الحليف القوي للنظام، الانقلابى خليفة حفتر، والذي يقوم حالياً بحملة لتقويض حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأممالمتحدة في طرابلس ومحاربة الثوار فى الأراضى الليبية. وتخضع مدينة درنة حالياً لسيطرة مجلس شورى درنة، الذي يُدير المدينة منذ طرد تنظيم داعش عام 2015. وكانت قوات حفتر التي تعهّدت بالقضاء على الجماعات الإسلامية في ليبيا قد اتهمت المجلس بأنَّه تنظيمٌ "إرهابي"، وحاصرت المدينة بناءً على ذلك. غير أنَّ المجلس نفى أي تورّطٍ له في الهجوم الذي وقع في القاهرة، وقال سكان المدينة لموقع "ميدل إيست آي" إنَّ محلات المدينة ينفد منها الغذاء والدواء بسرعةٍ نتيجة الحصار. وقال أحد مستخدمي موقع تويتر تعليقاً على الهجمات المصرية: "يُظهر فيديو الضربات الجوية المصرية في ليبيا الذي أصدرته وزارة الدفاع المصرية قصف مدينة هون بدلاً من مدينة درنة". وقال أرنو دولالاند، وهو محللٌ للشأن الليبي كتب سابقاً لموقع "ميدل إيست آي"، إنَّ الدليل الذى نشره الجيش المصري يوضح أنَّ الهجمات في درنة كانت لدعم الجيش الوطني الليبي، وإن علاقة ذلك بالهجوم على المسيحيين علاقة مصطنعة. وأضاف أنَّ "هذه العناصر تُشير إلى أنَّ الضربات الجوية المصرية لم تكن عملية انتقامية، لكن مصر استخدمت ذلك كذريعةٍ لدعم حليفها في شرق ليبيا. وأكد الفيديو الرسمي أنَّ مصر قامت بموجة ثانية من الغارات الجوية في 27 مايو، لكن هذه المرة على مدينة هون، حيث توجد سرايا الدفاع عن بنغازي"، وهي مجموعة ميليشيات إسلامية معارضة لجيش الدفاع الليبي وحفتر. واستنكر المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" الليبية، السبت 27 مايو، قصف الطيران المصري مواقع داخل ليبيا، فيما نفى مجلس شوري مجاهدي درنة الليبي صلته بهجوم المنيا. وقال جلال حرشاوي، الباحث في الجغرافيا السياسية والمتخصص بالشأن الليبي، على موقع تويتر: "هون، حيث نفذت مصر الغارات الجوية، تقع على بُعد نحو 330 ميلاً من مدينة مصراتة". وقال حرشاوي إنَّ الهجمات المصرية تُشكّل "نقطة تحول" في الصراع الليبي. وأفاد قائلاً: "الإمارات ومصر تدَّعيان أنَّهما تُشنانِ غاراتٍ جويةٍ على الأراضي الليبية منذ أشهر. لكنَّ التحول من السرية إلى العلنية في الهجمات له تداعيات مهمة على ما يأتي بعد ذلك. والآن وبعد أن أصبح الوضع والخطاب السياسي يسمح بالإعلان عن تلك الهجمات، يُمكن لمصر والإمارات تعزيز عدوانية ما يفعلانه في الأراضي الليبية". ويُعَدُّ دور الإمارات في ليبيا، وعلاقتها مع حفتر، أمراً مثيراً للجدل إلى حدٍ كبيرٍ. وأشارت مقالة في مجلة التايم الأميركية في أوائل مايو إلى أنَّ الإماراتيين استخدموا طائراتٍ أميركية الصنع لضرب أهدافٍ في ليبيا دعماً لحفتر، ما يُقوِّض بشكلٍ مباشر السياسة الأميركية التي لا تزال تدعم حكومة الوفاق الوطني في طرابلس حالياً. وقالت كلوديا غازيني، محللة الشأن الليبي البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، إنَّه في حين كانت الهجمات المصرية على ليبيا من الواضح بشكلٍ كبيرٍ أنَّها للاستهلاك المحلي المصري، ومن أجل أن تظهر الحكومة المصرية كأنًّها "تفعل شيئاً" بشأن الهجوم على المسيحيين، فقد كانت أيضاً لدعم حفتر وداعميه في الإمارات. وأوضحت : "مصر تعاني اقتصادياً، ومن الصعب اعتقاد أنَّ لديها من الطيران والأسلحة ما يمكنها استخدامه لتنفيذ عملٍ عسكري عبر حدودها دون شريكٍ خارجي يُسهم في تولِّي تكاليف هذه الأعمال". وأضافت: "من الممكن أيضاً أن تكون الإمارات قد دفعت مصر إلى تنفيذ هذه الغارات؛ لأنَّها تتفق تماماً مع ما تريد حدوثه في ليبيا". قال الحرشاوي أيضاً إنَّه من الممكن أن تكون تلك الضربات تعكس طموحات روسيا لتعزيز نفوذها داخل ليبيا. فموسكو تدعم كلاً من حفتر ونظام العسكر بشدة، وقد أرسلت بالفعل قواتٍ خاصة لدعم الجنرال المنشق في معركته ضد الثوار. وأكد أنه "إذا كان لدى روسيا أي شكوكٍ فيما يتعلق بتطورات الأيام القليلة الماضية، كنا سنسمع ذلك من موسكو". وأضاف أنَّ "أهم دليل على ذلك هو صمت الروس، ومن المعروف أنَّهم يدينون بشدة كل تدخلٍ عسكري يكرهونه. والروس بالتأكيد لا يمانعون من تعزيز تحالف حفتر الإماراتي المصري جهوده العسكرية في ليبيا".