تمارس سلطات الاحتلال الصهيوني سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك بحق الفلسطينيين ، منذ عشرات السنين ، في محاولة لتحقيق أطماعها وطموحاتها بتقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا ، كخطوة على طريق حسم قضيته نهائيًا، وبناء "الهيكل" المزعوم فوق أنقاضه ، وهو الأمر الذي تم الافصاح عنه مرات عديدة. صعدت سلطات الاحتلال الصهيوني من سياسة الإبعاد عن الأقصى ، عشية الأعياد اليهودية ، فأصدرت عشرات القرارات بحق شبان مقدسيين وموظفين في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدسالمحتلة، والتي تراوحت ما بين 15 يومًا إلى ستة أشهر ، وتتزامن قرارات الإبعاد هذه، مع دعوات يهودية أطلقتها "منظمات الهيكل" المزعوم للمستوطنين لتكثيف اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، ومحاولة أداء طقوس تلمودية، خلال عيد "الفصح" العبري الذي يستمر أسبوعًا. وعن قرارات الإبعاد، يقول رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين "أمجد أبو عصب" ، المبعد عن الأقصى لمدة شهر، إنها قرارات ظالمة وعنصرية، حيث أن "الاحتلال يبني قراراته هذه بناءً على تقارير مهووسة وتوقعات غير منطقية، وحجج واهية". وفي خطوةٍ وتحدٍ واضح للاحتلال، أدى عشرات المقدسيين المبعدين عن الأقصى صلاة الجمعة الماضية، عند باب الأسباط ، أحد أبواب المسجد الشريف ، رفضًا لقرارات إبعادهم، وتأكيدًا على تمسكهم بمسجدهم. وأما المقدسي جميل العباسي ، المبعد لمدة 4 أشهر، فيقول: "هذه السنة الرابعة خلال ست سنوات أبعد فيها عن الأقصى، وأحرم من الصلاة فيه، ولكن ما يزيد وجعي، أن شهر رمضان المبارك سيأتي هذا العام، وما زلت مبعدًا عن الأقصى". ويضيف "أتواجد يوميًا بالأقصى وأصلي في باحاته ومصلياته، واليوم أمنع من دخوله بقوة الاحتلال، في حين نرى مئات المستوطنين يستبيحون حرمته كل يوم، وقد تزداد أعدادهم خلال الأعياد، فهم يريدون إفراغ المسجد من رواده لإتاحة المجال لهم لاقتحامه بأريحية وهدوء". ويطالب العباسي كافة المقدسيين وأهل الداخل الفلسطيني المحتل بتكثيف تواجدهم ورباطهم داخل الأقصى، وأن يشكلوا درعًا بشريًا لحمايته والدفاع عنه، خاصة أنه يمر هذه الأيام بمرحلة صعبة جدًا. ويضيف المختص في شؤون القدس جمال عمرو، إن قرارات إبعاد المقدسيين عن الأقصى خطوة خطيرة للغاية، كونها لم تأت لأسباب أمنية، بل لأسباب سياسية بحتة، هدفها تقسيم الأقصى زمانيًا ومكانيًا بين المسلمين واليهود. ويتابع "نحن اليوم أصبحنا أمام كارثة حقيقية ومرحلة جديدة إزاء الهجوم على الأقصى، واستفراد الاحتلال بأهل القدس، وتحقيقه عدة إنجازات غير مسبوقة خلال الفترة الماضية على صعيد مشاريعه التهويدية والحفريات والأنفاق أسفل الأقصى وفي محيطه". أما رئيس قسم الاستعلامات بدائرة الأوقاف الإسلامية طارق الهشلمون، المبعد لمدة 6 أشهر، يتحدث عن إبعاده، قائلًا "لقد تم استدعائي الأسبوع الماضي من قبل شرطة الاحتلال للتحقيق في مركز القشلة، وهناك تم تسليمي القرار، بحجة أنني أشكل خطرًا على الاحتلال". ويضيف "بألم شديد تلقيت قرار إبعادي، فالأقصى غالي بالنسبة لي، كل يوم أتواجد وأصلي فيه، ولكن رغم الإبعاد سأبذل قصارى جهدي لخدمته، وهذا واجب مقدس". ولم يكن هذا الإبعاد الأول بالنسبة للهشلمون، فقد أبعد سابقًا عن الأقصى أربع مرات، وتعرض للتحقيق 25 مرة، كان أطولها 30 يومًا. وبحسبه، فإن هذه الخطوة تتبعها سلطات الاحتلال بشكل خاص فترة الأعياد، بهدف بث الخوف والترهيب في نفوس المقدسيين، ولإفساح الطريق أمام المستوطنين لاقتحام الأقصى بكل هدوء. وفي الآونة الأخيرة، كان هناك استهداف مباشر وواضح بحق حراس الأقصى، وذلك من أجل تحجيم وتهميش دورهم في الدفاع عن الأقصى والتصدي لتغول المستوطنين.