أشهر قليلة وينتهى عام 2017 كعام لموازنة العام الماضى وحسابتها، ويبدأ عام جديد، لكن أكثر حدة وصعوبة على المصريين بسبب ما تحمله تلك الموازنة من رفع الدعم واسناد العسكر لأنفسهم كل وسائل الراحة، وترك الأمور المعيشية الصعبة للشعب المصرى، أو الطبقة الكادحة فيه، لكن ما تشترك فيه الموازنتين هو الاقتراض أى الديون التى سوف تُثقل كاهل البلاد حاليًا ومستقبلاً. فقد حذر العديد من الخبراء من الاستمرار فى سياسة الاقتراض، والتى تورط البلاد فى مستنقع مخيف من الديون، والتى يتبعها رهن أصول الدولة للمؤسسات الدولية الدائنة في ظل نقص الموارد. وقال نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كوجك، إن الحكومة تستهدف الحصول على تمويل خارجي قدره تسعة مليارات دولار في السنة المالية 2017-2018، من الأسواق والمؤسسات المالية الدولية. واتفقت مصر في أقل من عامين، على قروض من البنك الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، ومن البنك الأفريقي بقيمة 1.5 مليار دولار، ومن صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار. وقال مدرس الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، مصطفى شاهين، إن "مصر تحتاج ما بين ستة إلى سبعة مليارات دولار من أجل سد فوائد الديون الخارجية التي تخطت 60 مليار دولار، وهو رقم ضخم". وحذر شاهين من عدم قدرة مصر على سداد الفوائد والأقساط، وقال: "قد نصل لمرحلة العجز عن دفع تكاليف الديون"، مشيرا إلى أن من مخاطر التخلف عن السداد "أن تفقد مصر قرارها السياسي والاقتصادي، ويكون بيد الدانئين، فنسبة فوائد الديون للصادرات حوالي الثلث، وهو أمر غير منطقي"، على حد وصفه. ورأى أن "الذي حصل في مصر في عهد الخديوي إسماعيل ( الذي ورط مصر في ديون كبيرة) يتم الآن ولكن بطريقة أخرى، وفي حالة التخلف عن السداد واللجوء لجدولة الديون، وإطالة أمدها، سيتسبب ذلك في انهيار العملة، ومن ثم ارتفاع الأسعار بدون توقف"، وفق تقديره. والسندات هي أوراق مالية تقترض الحكومة مقابلها مبالغ من السوق الدولية، وتكون مستحقة السداد بعد أجل معين بفائدة محددة سلفا. بدوره قال الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد بالجامعات التركية، أشرف دوابة، إن "سياسة نظام السيسي تتلخص في ديون بلا تنمية، فهو يعتمد على الديون بشكل أساسي وليس على الإنتاج، ولا ينتج عنها أي قيمة مضافة، كما أن اختياره للمشروعات لا يتلائم مع الواقع وليس وفق أولويات المجتمع". وأكد أن "مصر في حكم الإفلاس الآن"، مضيفا أن "البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، حريصان على توريط مصر في هذه الديون، وفي حال عجزت عن سدادها ستضع المؤسسات الدولية يدها على بعض الأصول في مصر بموجب الاتفاق بين الطرفين، وما توقعت به من قبل قد يكون حقيقة في ظل استمرار إثقال مصر بالديون، وتخدير الشعب"، بحسب تعبيره. وأرجع الخبير الاقتصادي في أسواق المال، وائل النحاس، لجوء الحكومة المصرية للاقتراض إلى "أنه أسهل الطرق لجمع المال، ومهما كانت النوايا حسنة فقد تؤدي بنا إلى كارثة". وأضاف: "العالم مستعد لمنحك قروض بمليارات الدولارات، ولكنه غير مستعد للاستثمار لديك"، كما قال. واعتبر النحاس هذه القروض "عبئا ثقيلا على موزانة الدولة، لأنها تستدين من أجل تغطية العجز"، مشيرا إلى أن "فوائد الدين ستصل لنحو 400 مليار جنيه، مقارنة ب290 مليار جنيه العام المضي، ما يعني أن كرة الثلج تكبر، ولا نرى في المقابل معدلات نمو كبيرة تتحقق، هناك 110 مليارات جنيه زيادة في أقساط الفوائد عن العام الماضي"، حسب ما نشره موقع "عربى21". وأكد أن "خطط الحكومة لا تؤدي إلى أي إنفراجة. فجميع المشروعات العملاقة لم تحقق معدلات نمو"، مطالبا "بتوفير السيولة لإنشاء شركات تحت التأسيس، بأموال مصرية لبناء مجتمعات صناعية، وجلب مصانع خارجية في مصر، ومنح إعفاءات ضريبية، لدعم التصدير، وتقليل الاستيراد، وكبح جماح الديون"، على حد قوله. وكانت مصر قد باعت، في يناير الماضي، سندات دولية بأربعة مليارات دولار بثلاثة آجال، الأول خمس سنوات بفائدة 6.12 في المئة، والثاني 10 سنوات بمعدل فائدة 7.5 في المئة، والثالث 30 سنة بمعدل فائدة 8.5 في المئة. وتجاوز حجم الطلب على السندات الدولارية التي طرحتها مصر ما يزيد على ثلاثة أضعاف السندات التي باعتها بالفعل، ما يشير إلى الإقبال عليها بسبب فوائدها المرتفعة.