انطلقت تظاهرات عارمة فى 15 أبريل من العام الماضى، وبعدها تظاهرات آخرى فاجئت النظام العسكرى الذى كان يظن أنه لا مقاومة ولا شعب فى مصر، وكل ذلك كان لمجرد تفكيره فى بيع جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية مقابل الأموال. ورغم جدل واسع فى الشارع المصرى ممزوج بالغضب أيضًا، إلا أن نظام العسكر يُعيد الكّره مرة آخرى، وأعلنت حكومته موافقته على الاتفاقية وتمريرها للبرلمان، وهو ما جعل حدة الغضب تشتعل فى الشارع المصرى من جديد، وتنبأ بتحرك قوى من الممكن أن يكون أقوى من سابقيه، ولهذا يريد النظام التغطية على تلك الفضيحة. وفى هذا السياق، طرح المحامى والحقوقى خالد على، 8 نقاط شرح فيهم ابعاد القضية، وحذر من أبرز تلك النقاط، التى تقضى بوجود صراع بين برلمان الجهات الأمنية والمؤسسة القضائية التى تعد بالكامل موالية للعسكر إلا قليلاً. وطرح "على" نقاطه التسعه على النحو التالى: - (1) س: ماذا حدث الأيام الماضية؟ وأجاب: ما حدث إن النظام كان لديه من البداية سيناريو واحد للرد على القضية ينطلق من تمسكه بدافع واحد هو إن هذا النزاع عمل من أعمال السيادة ليس من حق القضاء الفصل فيه، وامتنعوا عن تقديم أي مستندات أمام محكمة أول درجة، وحاولوا الظهور بإنهم يحترموا القضاء، وسينتظروا الحكم، الذى كان يتأكد لضميرهم أنه سيكون لصالحهم، ثم بعدها يعرضوا الاتفاقية على البرلمان، لكن المفاجأة إن الحكم صدر ببطلان الاتفاقية. وبناء على هذا الحكم بدأ النظام يغير طريقة تعامله مع القضية، ووضع عدة سيناريوهات لمحاولة تحويل الدفة لصالحه: (أ) لجأ عبر أحد المواطنين للطعن على الحكم أمام محكمة غير مختصة، وهى محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، واستصدرت حكم منها ببطلان حكم القضاء الإدارى لأنه تناول عمل من أعمال السيادة، وهو الحكم الذى أيدته أمس -كما هو متوقع- محكمة استئناف القاهرة للأمور المستعجلة. وأضاف "على قائلاً: والهدف من هذه القضية تعطيل تنفيذ حكم الإدارية العليا حال صدوره ببطلان الاتفاقية، حيث سيلجأ النظام فيما بعد إلى المحكمة الدستورية بدعوى تنازع اختصاص بأن محكمتين مختلفتين تمسكت كل منهم بنظر القضية، وأصدرت حكم مختلف عن الآخر، لتصبح المحكمة الدستورية هى المختصة بتحديد المحكمة صاحبة الحق فى نظر القضية ومن ثم تحديد الحكم الواجب تنفيذه. (ب) لجأ النظام لتقديم إشكال فى التنفيذ أمام القضاء الإدارى لوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، وقد ردينا على حكم الأمور المستعجلة وإشكال الحكومة بتقديم إشكال عكسي نطالب فيه بالاستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، وفعلًا صدر حكمين جدد لصالحنا، الأول يرفض إشكال الحكومة، ويصف حكم الأمور المستعجلة بأنه حكم باطل، والثانى قضى بإلزام الدولة بالاستمرار فى تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية، وحصلنا على صيغة تنفيذية وأعلنّا الدولة بها. (ج) قام النظام بتقديم طلبين للمحكمة الدستورية كمنازعتين لوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية وعلى زعم من القول بأن حكم بطلان الاتفاقية يتعارض مع مبادىء أرستها المحكمة الدستورية العليا، وهذه الدعاوى مازالت بمفوضي المحكمة الدستورية لإعداد تقرير بالرأي بشأنها. (د) قام النظام بالطعن أمام الإدارية العليا وطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم وفي الموضوع بإلغائه، والمحكمة تجاهلت طلب وقف التنفيذ، ونظرت الموضوع وقدمت الحكومة أمام هذه المحكمة عدة مستندات قمنا بالرد عليها جميعها وأثبتنا اصطناعها وقدمنا مستندات تجزم بمصرية الجزر، وعندما أودعت هيئة المفوضين بالإدارية العليا تقريرها كانت المفاجأة التى سقطت على النظام كالصاعقة، حيث أوصى التقرير ببطلان الاتفاقية ورفض طعن الحكومة، وبعد المرافعة وتقديمنا مستندات جديدة تثبت مصرية الجزر، قررت المحكمة حجز القضية للحكم جلسة 16 يناير 2017. (ه) بدأ النظام يستشعر إن مستنداتنا أقوى من مستنداته وإن الإدارية العليا قد تحكم ببطلان الاتفاقية ويصبح هذا الحكم نهائي، فاهتزت أركان النظام، وبعد أن كانوا يحاولون الظهور بطريقة النظام الذى يحترم القضاء وينتظر أحكامه، اضطروا للسلوك الأهوج الذى يظهرهم على حقيقتهم كنظام لا يحترم الدستور ولا القانون ولا حجية الأحكام القضائية، فعقد مجلس الوزراء اجتماع ووافق على الاتفاقية الصادر حكم ببطلانها وأعلنوا أنهم سيرسلوها لمجلس النواب، وجاءت هذه الخطوة لسببين: السبب الأول: ستر فضيحتهم بالتنازل عن أرض مصرية عبر إشعال صراع إجرائي وهمي بين السلطتين التشريعية والقضائية لتعبئة الرأى العام بسؤال جدلي حول السلطة صاحبة الاختصاص بمراقبة تلك الاتفاقية هل القضاء أو مجلس النواب؟!. السبب الثانى: محاولة تعطيل حكم الإدارية العليا، فَلَو عرضت الاتفاقية على مجلس النواب ووافق عليها وصدّق عليها (الرئيس) أضحت جزء من قوانين الدولة وهو ما يمكّنهم من طلب إعادة الدعوى للمرافعة وتعطيل صدور الحكم، وهنا لا يكون أمامنا غير الطعن بعدم دستورية هذه الاتفاقية وإحالة القضية برمتها للمحكمة الدستورية. (2) س: هل الإدارية العليا ستحكم بالقضية أم ستعيدها للمرافعة من جديد؟ ج: إذا قدم طلب إعادة للمرافعة بعد موافقة البرلمان على الاتفاقية ونشرها يصبح الأمر خاضع للسلطة التقديرية للقاضي، فإما يستجيب للطلب ويعيد القضية للمرافعة ليستمع لمرافعات جديدة حول هذا التطور، أو يرفض طلب إعادة الدعوى للمرافعة لعدم وجود جديد، حيث إن الادارية العليا لا تحاكم الاتفاقية لكنها تحاكم الحكم الصادر ببطلان الاتفاقية وهل صدر صحيح أم لا تطبيقًا على الإطار الدستوري والقانوني وقت صدور الحكم، بما يفيد إن المحكمة تلتفت عن كافة الإجراءات الجديدة باعتبارها إجراءات منعدمة لورودها على اتفاقية باطلة بحكم واجب النفاذ ولم يتم إلغاؤه، وإن النظام اتخذ تلك الإجراءات لتسويف الوقت ومحاولة تعطيل الإدارية العليا عن الحكم بالقضية، ومن ثم تصدر الإدارية العليا حكمها. وأعتقد إن الحالة الأخيرة هى التى تتفق مع الدستور وأظن إن المحكمة ستلتفت عن طلب الإعادة للمرافعة. (3) س: من وجهة نظرك هل من حق البرلمان نظر الاتفاقية الآن؟ ج: بالطبع كان من حق البرلمان نظر الاتفاقية قبل صدور الحكم، أما الآن وبعد صدور حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية وصدور حكم إشكالات التنفيذ برفض طلب الحكومة وقف التنفيذ، وبالاستمرار فى التنفيذ، ووجود طعون لدى الدستورية وطعن أمام الإدارية العليا ومحجوز للحكم يوم 16 يناير 2017 كان من اللازم دستوريًا عدم عرض الاتفاقية على البرلمان وانتظار صدور حكم المحكمة الإدارية العليا، خاصة إن الأحكام السالف بيانها واجبة النفاذ، ومن ثم لا يجوز لمجلس الوزراء الموافقة على اتفاقية قُضي ببطلانها، وهذه الموافقة لن تمنح الاتفاقية قُبلة الحياة بل هو إجراء مخالف للدستور والقانون. (4) س: بس الإجراءات دي استند فيها النظام لحكم الأمور المستعجلة؟ ج: لا طبعًا، هذا الكلام غير صحيح، فحكم الأمور المستعجلة غير واجب النفاذ إلا بعد تأييده من محكمة الاستئناف، وموافقة مجلس الوزراء على الاتفاقية والإعلان عن إرسالها لمجلس النواب صدر يوم 29 ديسمبر 2016، وحكم الاستئناف فى الأمور المستعجلة صدر يوم 31 ديسمبر 2016 هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فالمادة 190 من الدستور جعلت مجلس الدولة وحده هو الذى يوقف الأحكام الصادرة منه ولا يجوز لمحكمة الأمور المستعجلة تناول أحكام مجلس الدولة، فضلًا عن تطور دستوري حدث قريبًا فى نزاع مماثل كان يشهد اشتباكًا بين أحكام القضاء الإدارى وأحكام الأمور المستعجلة (حيث أصدرت هيئة مفوضي الدستورية تقريرًا رفضت فيه منازعة التنفيذ المقامة من البنك المركزي على أحكام رفض التحفظ على الأموال من القضاء الإدارى فى حين أوقفت الأمور المستعجلة هذه الأحكام وانحاز التقرير لصحيح الدستور وأكد على عدم أحقية محكمة الأمور المستعجلة بوقف أو إلغاء أحكام القضاء الإداري، وبالتأكيد هذا التقرير دفع النظام للإحساس بأن سيناريو محكمة الأمور المستعجلة سيفشل مما دفعها للسعى بالسيناريو البديل بتقديم الاتفاقية للبرلمان. (5) س: إنتوا عملتوا إيه النهاردة؟ ج: اعتبرنا تصرف مجلس الوزراء تصرف باطل ومخالف للقانون، وطعنّا عليه أمام القضاء ورفعنا قضية ضده، فما بُني على باطل هو باطل، والمحكمة حددت لنا جلسة 7 فبراير لنظر هذه القضية، وكمان هناخد أي إجراء قانوني لمحاصرة تصرفات النظام وكشف زيف ادعاءاته وإجراءاته والتأكيد على مصرية الجزر. (6) س: بصراحة إحنا توهنا منك قول لنا موقفنا القانوني إيجابي أم سلبي؟، وإيه أهم قضية فى كل هذه القضايا؟ ج: كل القضايا مهمة ولكن في سياقها ووقتها، وأهم قضية فى هذا النزاع الآن هى المنظورة أمام المحكمة الإدارية العليا، والتى سيصدر فيها الحكم يوم 16 يناير 2017، لو لا قدر الله خسرناها هيبقى موقفنا القانوني صعب ولن يتبقى لنا إلا طلب الاستفتاء عنها باعتبار الاتفاقية تتضمن تنازل عن حقوق السيادة، لكن لو كسبناها - وبإذن الله دا اللي هيحصل أو أتمنى إنه يحصل - هيبقى موقفنا القانوني والدستوري قوي، ودا هيساعدنا فى حسم كل القضايا لصالحنا. (7) س: القانون والقضاء ملهموش قيمة فى النزاع دا والنظام بيعمل اللى هوه عايزه، ليه بقى نروح المحاكم؟ ج: فى الحقيقة الدنيا مش بالسهولة دي، طبعًا موازين القوة المادية فى إيد النظام، لكن هذه الموازين تختل لو هى مخالفة الدستور والقانون، وعشان كدا بيتم الضغط على المحاكم والتلاعب بالقوانين عشان قرارات النظام تظهر أمام الناس أنها دستورية وقانونية، وخلّينا نكون أكثر صراحة مع نفسنا، موقف المعارضين لهذه الاتفاقية أضحى أكثر قوة بعد صدور حكم البطلان، والعكس صحيح بالنسبة لموقف النظام منها. (8) س: بس كدا البرلمان ممكن يوافق، ننتظر الحكم أم نفعل شيء، وماذا نفعل؟ ج: المسار القانوني والقضائي شكل من أشكال المقاومة وليس هو الشكل الوحيد. هناك المسار السياسي والمجتمعي لفضح جريمة التنازل عن أرض مصرية وعدم احترام الدستور والقانون، والسعي لوقف هذه الجريمة والحفاظ على أرضنا وحقوقنا، واستخدام كافة الوسائل السياسية لذلك، ففي مواجهة نظام مستبد كهذا حتى ينجح المسار القانوني والقضائي يجب أن يصاحبه ظهير سياسي ومجتمعي قوي وفعال فى الشارع وإلا الجزر هتضيع. يعني من حق الناس اللى عايزة تتحرك حسب رغبتها سواء فُرادى أو جماعات، مثلًا قابلوا أعضاء مجلس النواب بدوايركم واطلبوا منهم رفض عرض الاتفاقية ورفض التنازل عن الجزر، اكتبوا عن مصرية الجزر والمحكمة أكدت دا، وافضحوا مخططات بيعها، اعقدوا حلقات نقاش على المقاهي والشوارع والحواري، نظموا احتجاجات بكافة الطرق للتعبير عن رفض هذه الإجراءات.