أيام الثورات لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، والأقلام أيضاً، فتصبح لوحة لفنان السورى على فرزات أشد وطأة من هتافات المتظاهرين فى حماة، وكاريكاتيرا سياسيا ساخرا محفزا أكبر للثوار من سقوط قطعة جديدة من الأرض لصاح الثورة. انتقادات فرزات اللاذعة للنظام السورى، لم تترك حلا أمام الأمن سوى أن يتعامل بلغة الاعتداء التى لا يعرف سواها ردا على إبداع وفن فرزات الذى تعرض فجر أمس، الجمعة، لاعتداء وحشى من قبل عدد من شبيحة النظام، ألحقوا أذى كبيرا بأصابعه وعينه وتركوه ينزف، وكأنهم يعاقبوا عينيه عن رؤيتها نور الثورة، وأصابعه التى ترسم طريق الحرية. "فرزات" هو فنان رسام كاريكاتير سورى ولد فى حماة عام 1951 فاز بعدد من الجوائز الدولية والعربية، نشرت رسوماته فى العديد من الصحف السورية والعربية الأجنبية. حصل على أول ترخيص لصحيفة مستقلة فى سوريا عام 2001 شهدت رواجا كبيرا منذ صدورها ولمنها توقفت نتيجة بعض المشاكل مع السلطات، بعد أن تم سحب الترخيص منه فى عام 2003. وأسس فرزات صالة للفن الساخر التى اتخذت من مقر جريدة الدومرى موقعا لها لتكون استمرارا لفكرها معتمدا على النجاح الذى حصدته الجريدة لدى الجمهور الذى نقلت همومه وعكست واقعه وكانت لسان حاله. إحدى لوحات فرزات القوية عندما رسم شخص ينوى أن يقول رأيه صراحة أمام السلطة، ولكنه ينطق الشهادتين أولا كتعبير أن الموت مصير من يقول رأيه فى سوريا. انتقلت رسومات فرزات من المحلية إلى العالمية، وساعد فى ذلك تمثله للقضايا الإنسانية وتجسيده لها من خلال الخطوط دون أن تحمل تعليقاً مكتوباً وقد نقلت عنه معظم الصحف العالمية مثل البرافدا، الميدل إيست، جون افريك، رودى برافو، ستيرشل، شفيت أوبرازيخ، الجارديان، عدا عن الصحف العربية طبعاً، وكان فى كل ذلك صاحب اتجاه جديد وفكر واضح ورؤية محددة وتجربة، خاصة جداً فى سوريا، يقول فرزات"من الناحية التاريخية الكاريكاتير فى سوريا جديد ولايمتلك جذوراً بعيدة وجدت مع الصحافة لكن فى مصر مثلاً، الكاريكاتير له جذور ترجع إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد وفى رأيى أن المراحل التاريخية لها تأثير،لكن ليس كبيراً على إمكانية تطور الكاريكاتير تقنياً، مثلاً نرى أن تاريخ فن الكاريكاتير طويل وبالمقابل نجد أن فرنسا وبولندا وبعض دول العالم الأخرى الكاريكاتير فيها متقدم من النواحى التقنية والفكرية عن الكاريكاتير فى منطقة معينة وذو تاريخ مثل مصر،حتى أن هناك بعض رسامى الكاريكاتير فى مصر مثلاً استفادوا من التقنية والمعالجة الفكرية من رسامين خارج الحدود وكونوا لأنفسهم شخصيات مستقلة. معلومة خافية عن جمهور فرزات نشرها على موقعه الإلكترونى، أنه تقدم للعمل كطيار، وقد تم الموافقة على طلبه لكن الظروف حالت دون ذلك، ويقول فرزات مداعباً، "مازلت أمارس هوايتى كطيار، ولكننى لا أحلق إلا فى أجواء الخيال".. والرسام الطيار على فرزات لا يرضى بالتصنيفات، لذا لا يؤمن بالفصل مابين السياسة والمجتمع.. القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى رأيه واحدة، متكاملة، والسياسة لا تنفصل عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية. يقول على فرزات، "عندما أرسم مسألة اجتماعية فبالتالى أكون قد تناولت قضية سياسية من خلال هذه المشكلة وأيضاً أكون قد تناولت حالة اقتصادية فى وقت واحد".