استطاعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خلال عمرها القصير ، مقارنة بالفصائل الفلسطينية الأخرى ، أن تكون رائدة في كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والدعوية ، حيث أن اليوم الأربعاء، 14 ديسمبر ، يوافق الذكرى ال29 لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية. ووزعت "حماس" بيانها التأسيسي الأول في 15 ديسمبر عام 1987م، مع انطلاقة الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم أصدرت الحركة ميثاقها الخاص في 18 أغسطس 1988م. ويعد الشيخ الشهيد أحمد ياسين، والشيخ محمد شمعة، والشيخ عبد الفتاح دخان، والشيخ إبراهيم اليازوري، والمهندس عيسى النشار، والدكتور محمود الزهار، والدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد القائد صلاح شحادة، من أبرز القادة الذين عملوا على تأسيس حركة حماس وانطلاقتها. واليوم ، وبعد 29 عامًا على انطلاقتها، ما تزال حماس تشكل رقمًا صعبًا في معادلة الصراع مع الاحتلال الصهيوني ، وحركة لا يمكن لأي طرف عربي أو إقليمي أو دولي تجاوزها ، متمسكة بنهجها الأول منذ انطلاقتها بوجوب تحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها من الاحتلال الصهيوني. بطولة وفداء ومنذ انطلاقتها، تعرض قادة الحركة للاعتقال والملاحقة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني ، إذ شن جيش الاحتلال حملة اعتقالات واسعة ضد الحركة طالت الشيخ المؤسس أحمد ياسين وعشرات من القادة الآخرين، وزج بهم في السجون في محاولة للقضاء ووقف العمليات التي تنفذها كتائب القسام ، الجناح العسكري للحركة، لكن كل محاولاته باءت بالفشل الذريع. وفي 17 من ديسمبر عام 1992، اتخذت حكومة الاحتلال الصهيوني قرارًا بإبعاد كافة قيادات حركة "حماس" إلى خارج فلسطينالمحتلة، وتحديدًا إلى مرج الزهور في جنوبلبنان ، ضمن خطواتها للقضاء على المقاومة التي باتت تضرب في أعماق كيانهم، وخصوصًا عملية اختطاف وقتل جندي صهيوني على يد كتائب القسام. كما تعرضت الحركة في عام 1996، للمطاردة والملاحقة من قبل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي جاءت كثمرة لاتفاقية أوسلو المشؤومة، إذ لاحقت الأجهزة الأمنية قادة وكوادر وعناصر وأنصار حماس في كل مكان، ولم يرفع عنها هذه الملاحقة الأمنية إلا اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000م، حيث أعادت تشكيل صفوفها، وشاركت بفاعلية كبيرة في الانتفاضة من خلال العمليات الفدائية النوعية، والعمليات العسكرية البطولية، وطوّرت من أدوات ووسائل وتسليح جناحها العسكري. المقاومة تنتصر وفي عام 2006 ، اكتسحت الحركة انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ، في أول انتخابات تشارك فيها "حماس" ، وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة ، وتعرضت على إثر ذلك لحصار خانق متواصل حتى اليوم في قطاع غزة، لكنها استطاعت إدارة شؤون القطاع دون إسقاط راية المقاومة والتسليم بخيار التسوية، مزاوجة بين مفهومي الحكم والمقاومة. نجاح حماس وتعاظم قوتها في قطاع غزة وفشل سياسية الحصار الصهيوني في إسقاط الحركة، دفع بالاحتلال للجوء لخيار الحل العسكري ظنًا منه أنه قادر على تدمير المقاومة وإنهاء حكم "حماس" في قطاع غزة، فشن عدوانه الأول في عام 2008، وعدوانه الثاني في 2012، وكان عدوانه الأخير عام 2014 الأكثر دمارًا وبطشًا، لكن كل ذلك ما زاد حماس إلا قوة، ووقفت في وجه العدو الالصهيوني سدًا منيعًا حامية لنهج المقاومة ورافعة لراية التحرير. كما نجحت الحركة في عام 2011 في إجبار العدو الصهيوني وإخضاعه في صفقة "وفاء الأحرار" التي أفرج بموجبها عن 1027 أسيرًا وأسيرة فلسطينية من سجونه، مقابل إفراج كتائب القسام عن الجندي الصهيوني الأسير لديها "جلعاد شاليط" ، في أكبر صفقة تبادل أسرى يخضع لها الاحتلال الغاشم.