ربما أيقنت الدول الغربية والإقليمية أن تكلفة احتواء حماس أقل بكثير من إقصائها، لذا أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكما برفع اسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية. وعزا الدبلوماسيون الأوروبيون هذه الخطوة "لأسباب تتعلق بأن عملية وضع حماس على قائمة الإرهاب لم تجرِ حسب المعايير القانونية المرعية في الاتحاد الأوروبي"، لكن الحقيقة هي التصور الجديد الذي استوعبه الغرب، وهو تصور يصطدم بمسألة قانونية تتمثل بإدراج حركة حماس كمنظمة إرهابية لدى الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ما يدفع تلك الدول لخيار الاستماع عن حركة حماس. وفى عريضة قدمها المحامى العام لمحكمة العدل الأوروبية "ألينور شارلستون"، الخميس، لمحكمة العدل الأوروبية، قال: إن قرار وضع حماس فى قائمة الإرهاب تم اتخاذه بناء على مزاعم غير صحيحة، مشيرا إلى أن هذا القرار تم اتخاذه على معلومات مغلوطة من قبل مواقع التواصل الاجتماعى، بدلا من أن تقوم المنظمات الدولية بالتحقيق فى الأمر. وأضاف شارلستون أن قرار القضاء الأوروبى فى خروج حركة حماس من قائمة الإرهاب فى 2014 كان قرارا سليما، حيث يذكر أن الدبلوماسيين الأوروبيين أشادوا بهذه الخطوة، مؤكدين أن "عملية وضع حماس على قائمة الإرهاب لم تجر حسب المعايير القانونية المرعية في الاتحاد الأوروبي". خطأ جسيم أما المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري، فأعرب في وقت سابق عن أمله في أن يتم إزالة اسم الحركة من القائمة الأوروبية، واصفا وضعها على هذه القائمة بالخطأ الجسيم والظالم بحق الشعب الفلسطيني، وبالانحياز للاحتلال الإسرائيلي. وكان الاتحاد الأوروبي قد وضع حماس على قائمة الإرهاب في عام 2003؛ بسبب شنها هجمات ضد الاحتلال الصهيوني خلال الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية "إيمانويل نحشون"، معلقا على توصيات الخميس: "هذا مجرد رأي (قانوني) غير ملزم للمحكمة، وهو جزء من عملية قضائية أوروبية." ودعت الولاياتالمتحدة لإبقاء العقوبات المفروضة على الحركة التي تسيطر على قطاع غزة. وترى شاربتسون أن مجلس الاتحاد الأوروبي ارتكب أخطاء إجرائية في تصنيف حماس كإرهابية. ووجدت أن المجلس اعتمد بشكل غير صحيح على تقييمات حكومات دون التأكد من أنها تعتمد نفس معايير حقوق الإنسان المطبقة داخل الاتحاد، وأضافت أن المجلس اعتمد على أدلة عثر عليها داخل الصحف وعلى شبكة الإنترنت. صهيونية القرار يقول حسام الدجني، الكاتب الفلسطيني: إن قرار تصنيف حماس كمنظمة إرهابية جاء بعد ضغوط صهيونية على الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وكان مبرر إسرائيل حينها موجها إلى العمليات الاستشهادية في الداخل الإسرائيلي، والمتغير الجديد الذي يجب أن تأخذه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار، هو قرار حماس منذ أكثر من عشر سنوات بوقف العمليات الاستشهادية، وتم الالتزام بهذا القرار". ويضيف "أعتقد أن حركة حماس والديمقراطية الفلسطينية تعرضت لمظلومية تاريخية تتناقض وقيم الغرب، ولكن البقاء على الخطأ خطيئة والتراجع عنه فضيلة". تاريخ الحركة أعلن عن تأسيسها الشيخ أحمد ياسين بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 يناير 1987م، حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار قادة العمل الدعوي الإسلامي، معظمهم من الدعاة العاملين في الساحة الفلسطينية وهم: أحمد ياسين، ومحمود الزهار، وإبراهيم اليازوري، ومحمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، وعبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، وعيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، وصلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، ومحمد الضيف. وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري الإسلامي ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة لاحقا. وزعت الحركة بيانها التأسيسي، في 15 ديسمبر 1987م، إبان الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم صدر ميثاق الحركة في 1 محرم 1409ه الموافق 18 أغسطس 1988م، لكن وجود التيار الإسلامي في فلسطين له مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948م، حيث تعتبر حماس نفسها امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928. وقبل الإعلان الفعلي عن الحركة في 1987 كانت الحركة تعمل في فلسطين تحت اسم: "المرابطون على أرض الإسراء"، واسم: "حركة الكفاح الإسلامي". وتمثل "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكرية لحركة حماس، وقد أثارت عملياتها الاستشهادية في السابق جدلا دوليا انعكس على الداخل الفلسطيني، وكان يثير الكثير من المخاوف لدى الجانب الصهيوني، وظل اتّباع نهج العمليات الاستشهادية حتى وقت قريب، إذ بدأت كتائب القسام في تطوير نفسها وزيادة كفاءتها من حيث السلاح والتدريب، فامتلكت صواريخ القسام عن طريقها يمكن إيصال المواد المتفجرة إلى عمق الكيان "الإسرائيلي" دون خسارة أرواح مجاهديها، واستخدمت هذه الصواريخ إبان حرب غزة (معركة الفرقان) عام 2008م، وفي معركة حجارة السجيل، وانتصرت في كلا المعركتين، ثم وفي معركة العصف المأكول، أظهرت المزيد من تطويراتها مثل صاروخ آر 160 الذي وصل مداه لعمق إسرائيل إلى حيفا ونهاريا. قامت كتائب القسام بالكثير من العمليات العسكرية الناجحة ضد جيش الاحتلال- يصعب إحصاؤها- وكبدته خسائر فادحة في المعدات والأرواح أدت إلى هزائم متتالية لجيش الاحتلال. ويمثل العمل العسكري لدى حركة حماس توجها إستراتيجيا لمواجهة "المشروع الصهيوني في ظل غياب المشروع التحرري الإسلامي والعربي الشامل".