حلقة كاملة من السخرية مستمرة منذ يوم أمس، عن فيديو منسوب لمجموعة من السلفيين، يتحدثون عن تعويم النبى - صلى الله عليه وسلم-، للجنيه، على الرغم من عدم تواجده فى تلك الفترة، إلا أنهم أصروا على تصدير أفيون للشعب حسب الخبراء، من أجل مساندة الانقلاب العسكرى، مضيفين أن حلقة وحيدة رأيناها أمس، وهناك المزيد قادم فى الأيام المقبلة، حسب قولهم. ويوم أمس انتشر بشكل كبير، مقطع فيديو على مواقع التواصل، لثلاثة ملتحين يقولون إن تعويم الجنيه تم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أحدهم في الفيديو أن القرار حكومة الانقلاب الأخير ب"تحرير سعر صرف الجنيه حدث مثله أيام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)ا"، وهو ما عدّه عالم دين وخبير بارز في شؤون الحركات الإسلامية بمثابة "أفيون يصدره بعض السلفيين لتخدير المصريين بالمخالفة للحقيقة". مقطع الفيديو المنتشر، يظهر به 3 أشخاص من ذوي اللحى الطويلة والجلباب الأبيض، طالبوا فيه المواطنين بعدم الانزعاج من قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه، وربطوا الأمر بقضية الإيمان بالله الذي يرزق عباده. أحد الرجال الثلاثة يدعى عمرو أحمد قال: "تعويم الجنيه حصل أيام الرسول، يعني إيه تعويم الجنيه؟ يعني مييخضعش لتسعيرة، الصحابة خافوا وقالوا يارسول الله سعّر لنا، فقال النبي ادعوا الله". وفى تصريح خاص ل"الشعب" أمس ، قال الدكتور "عاصم الفولي" -الخبير الإقتصادى- وعضو المكتب السياسي لحزب الاستقلال: إن هذا الكلام جهل ويظهر عدم فهم المُتحدث لما يقول؛ مؤكدًا على أن قضية الرزق هي فعلًا بيد الله ولكن لا بد من العمل لأن هذا من أصل التوكل على الله، وأن من التوكل أيضًا أن لا نترك الحكومة تعبث بقيمة هذه العملات. وحول الحديث عن تعويم "الجنيه" في عهد "النبي" صلَّ الله عليه وسلم قال "الفولى": إن قضية تعويم العملات جاءت بعد إلغاء اتفاقية "بريتون وودز" سنة 1973 ؛ ولكن قبل هذا التاريخ لم يكن هناك أي شيء يسمى تعويم العملات، وكانت العملات حسب اتفاقية "بريتون وودز" تساوي الدولار مقابل 35 أوقية ذهب وأن العملات كانت بمثابة تعهد من الحكومة بدفع قيمتها من الذهب للأشخاص الذي تحملها، أما ما حدث في عهد "النبي" صلَّ الله عليه وسلم؛ كان غلاء أسعار المنتجات المستوردة وليس له علاقة بالتسعير إطلاقًا لأن التجار استوردوا المنتجات بأسعار مرتفعة ولم يكن احتكار وهنا الدولة أو ولي الأمر ليس له الحق في تسعير المنتجات. وأشار "الفولى"، إلى أن موضوع تسعير المنتجات يكون ملزمًا عندما يحدث احتكار للمنتجات أو تواطؤ من قبل التجار لأن هذا ممنوع شرعًا؛ ولكن ما حدث في أيام النبي كان غلاء أسعار ولم يكن تواطؤ من التجار أو احتكار. ومن جانبه قال الدكتور يحي إسماعيل لوكالة لأناضول: "الحديث المنقول للنبي صحيح، ولكن كان عن تسعير السلع، وليس العملة، وربطه بتعويم الجنيه الذي لم يكن أصلًا بعهد النبي فهو كلام لا صلة له بالعلم". إسماعيل اعتبر الأمر بمثابة "أفيون يخدر الشعب واستغلال لاحتياجاتهم بالمخالفة لما يريده الدين الذي يدعو للعدل وحفظ حقوق المواطنين وعدم أكل الحاكم أموال الناس وتضييعها". إسماعيل انتقد حديث الرجال الثلاثة قائلًا: "هؤلاء يعودون لما قبل عصر (حسني) مبارك، وهذا أسلوبهم الذي لا علاقة له بالدين وفهم الأزهر ومنهجية العلم". صلاح عبد المعبود، القيادي بحزب النور السلفي، انتقد عبر صفحته الشخصية بفيسبوك، طرح الرجال الثلاثة، قائلًا: "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، وهي عبارة واقعية جميلة تنطبق على بعض الإخوة ممن يخوضون ويتكلمون في غير الفن الذي يحسنونه". المفارقة أن عبد المعبود ذاته قبلها بيومين، عقب قرار تعويم الجنيه، كتب عبر صفحته عن قضية الرزق، قائلًا: "الخير كل الخير للعبد أن يعود لربه وهو على كل شيء قدير فيوجه إليه قلبه ويمد يديه إليه راجيًا أن يوسع رزقه وأن يقنعه بما آتاه ويبارك له فيه". الرجال الثلاثة وهم عمرو أحمد، محمد العجمي، وعبد الرحمن منصور، أصدروا بيانًا مشتركًا، نفوا فيه علاقتهم بحزب النور السلفي، متمسكين بموقفهم. البيان المشترك نفى "وجود عملة للجنيه أومصطلح التعويم بعهد النبي، إلا أنه تمسك بأن موضوع التعويم حدث مثله بعهد النبي حيث امتنع النبي عن التدخل للتسعير". كمال حبيب، أكاديمي متخصص في شؤون الحركات الإسلامية، قال: "السلفيون ليسوا شيئًا واحدًا، وهناك قطاعات سلفية ترى الآن أن الحاكم يجب إطاعته وتأييد قرارته وهم بذلك يعودون للمربع الأول لتأييد الرئيس الأسبق حسني مبارك". وبينما تتخذ حركات سلفية موقفًا داعمًا للسلطة قبل ثورة يناير 2011، وبعدها، وأيدوا الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، في يوليو 2013، اتجهت حركات سلفية أخرى لدعم الحراك المناهض للسلطات الحالية. ولفت حبيب إلى أن الانتقاد والسخرية، اللذين تابعهما عبر مواقع التواصل عقب سماعه لمقطع الفيديو، موجه للطرح الذي يعد "كالأفيون يخدر المصريين ومخالف لحقيقة ما يدعو له الإسلام ونبيه". وأوضح أن "التضليل هنا يتم بمسائل وقضايا حقيقية كالرزق يقدره الله وهو مقسوم، لأنه يستخدم في قضايا اجتماعية وسياسية لتبرير وتأييد قرارات خاطئة ومحاولة استخدام الدين كأداة للإقناع". وقرر البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، ليتراجع سعره بالبنوك إلى نحو 18 جنيها أمام الدولار الواحد، اليوم الثلاثاء، مقابل 8.88 جنيهًا قبل التعويم، ورفع أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 7.1% و87.5%، لارتباطها بالدولار. وتنتشر دعوات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقطاعات من المواطنين الفترة الأخيرة، للتظاهر ضد النظام الحالي الجمعة المقبلة 11 نوفمبر الجاري، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع، ولم تتبن جهة معارضة بارزة هذه الدعوة بعد، وسط تحذيرات واستعدادات أمنية.