يعيش نحو سبعين ألف سوري عالق في منطقة "الركبان" على حدود الأردن مع سوريا ، فى أوضاع مأساوية إلى حدٍ كبير ، من سوء فى التغذية ، إلى أرتفاع حالات الوفاة وانتشار الأوبئة ، وغياب شبه تام لدور الهيئات الإنسانية العاملة في المجال الإغاثي والطبي. وقد حذرت العديد من المنظمات الدولية من تفاقم أوضاع هؤلاء بعد تعذر وصولها إلى منطقة الواقعة في أقصى شمال شرق المملكة الأردنية، بعد الهجوم بسيارة مفخخة عاى موقعًا عسكريًا أردنيًا يقدم خدمات للاجئين أوقع سبعة قتلى و13 جريحا. وقد أعلن الجيش مباشرة عقب الهجوم الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية حدود المملكة مع سوريا والعراق منطقة عسكرية مغلقة، وهو ما أعاق إدخال المساعدات عبر المنظمات الإنسانية. ويعيش النازحون السوريون في مخيم الركبان، على الحدود الأردنية، معاناة متزايدة، أدت لارتفاع عدد الوفيات بين أطفالهم، نتيجة سوء التغذية وانتشار الأمراض المعدية، وغياب شبه تام لدور الهيئات الإنسانية العاملة في المجال الإغاثي والطبي، حيث وصل عدد الوفيات بين الأطفال، منذ بداية يوليو الماضي، إلى 18 طفلا، نتيجة إصابتهم بمرض اليرقان. مخيم الركبان يقع المخيم على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، ويختلف عن باقي المخيمات بأنه يشكل هما أمنيًا ضاغطًا، خصوصًا أن سكانه قدموا من مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة، شرق سوريا. وبدأ المخيم في استقبال ساكنية مطلع العام الماضي، ويقع في المنطقة المحرمة "منزوعة السلاح" بين الأردنوسوريا وبات يضم مؤخرًا أكثر من 70 ألفًا، ما دفع منظمات إغاثية إلى اعتباره المخيم الثاني من حيث عدد اللاجئين السوريين، بعد مخيم الزعتري. ويأتي لاجئو المخيم من خلال نقطتي عبور الحدلات والركبان، وبدأت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل هؤلاء رسميا منذ حوالي سبعة أشهر. وقالت منظمة برنامج الغذاء العالمي، التابعة للأمم المتحدة، إن السوريين العالقين على الحدود الأردنية، يحتاجون لمساعدات حتى نهاية العام الحالي 2016، بتكلفة تقدر ب22 مليون دولار. أوضاع صعبة أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، في تقرير لها نُشر في يونيو الماضي، أن الإحصائية الأخيرة لأعداد السوريين المسجلين في قوائمها، بلغت أكثر من 657 ألف لاجئ حتى نهاية يونيو الماضي، وأوضح المتحدث باسم المفوضية الأممية في الأردن، "محمد الحواري"، أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسميًا في الأردن بلغ 657 ألفًا و134 لاجئًا سوريًا، بعد أن تم تسجيل 39 ألفًا و442 لاجئًا منذ بداية العام الجاري. ويعيش من إجمالي المسجلين 516 ألفًا و78 لاجئًا في المدن والقرى الأردنية بنسبة 78.5%، بينما يقطن الباقون وعددهم 141 ألفًا و65 لاجئًا في المخيمات المخصصة لهم بنسبة 21.5%، وتشكل الإناث ما نسبته 50.7% من إجمالي عدد اللاجئين السوريين، مقارنة مع 49.3% من الذكور، كما بلغت نسبة اللاجئين السوريين في الأردن الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عامًا نحو 44.8%”. وبحسب "الحواري" فقد شغل لاجئو محافظة درعا السورية المرتبة الأولى، بين أعداد المسجلين من حيث أماكن قدومهم، بعدد 277 ألفًا و809 لاجئين، ثم حمص ب106 آلاف و694 لاجئًا، في حين احتل القادمون من طرطوس المرتبة الأخيرة بعدد 344 لاجئًا، والباقي من أماكن متفرقة من البلد الذي يشهد صراعًا كبيرًا. من جانبها ، قالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الأردن "شذى المغربي" إنه منذ إعلان الحدود الشمالية والشمالية الشرقية منطقة عسكرية مغلقة تم تعليق جميع المساعدات الإنسانية حتى إشعار آخر. وحذرت من أن "استمرار تعليق المساعدات الإنسانية قد يعرض حياة العالقين على الحدود للخطر"، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء نفد منهم الغذاء، بينما يجري البحث مع السلطات ومنظمات إنسانية أخرى عن حلول "بأسرع ما يمكن". اللاجئون فى خطر.. من المسؤول؟ قال مدير تحرير صحيفة "الرأي" الأردنية إن المملكة، ومنذ اندلاع الأزمة السورية، ظلت تفي بالتزاماتها تجاه اللاجئين السوريين، الذين وصل عددهم الآن إلى مليون وثلاث مائة ألف لاجئ، ولم تتردد عبر سياسة الحدود المفتوحة في استقبالهم، وتوفير المأكل والمشرب والدواء. وأشار إلى أن إمكانيات الأردن محدودة، وتضررت موازنته وقطاعات التعليم والاقتصاد والصحة، لكنه رغم ذلك لم يخل بالتزاماته تجاه اللاجئين السوريين، متهما بالمقابل المجتمع الدولي بالنكث بالتزاماته تجاه اللاجئين بشكل فاضح. ووصف مدير حملات "آفاز" بالشرق الأوسط "وسام طريف" الوضع الإنساني بمخيم الركبان بأنه كارثي، حيث يوجد نقص حاد بالمياه والغذاء وحالات وفاة للأطفال بالتهاب الكبد الوبائي في المخيم الواقع بالصحراء، وأوضح في تصريحات صحفية ل”الجزيرة نت”، أن مسؤولية تقديم المساعدات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين لا تقع على الأردن فقط، إنما مسؤولية حماية وإغاثة اللاجئين تقع بالكامل على الأممالمتحدة وأذرعها الإنسانية. وأعرب عن أسفه لعدم قيام الأممالمتحدة حتى الآن بتقديم طلب للحكومة السورية للسماح بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للعالقين بمخيم الركبان انطلاقا من دمشق، باعتبار أن إمكانية الوصول لهم لا تتم فقط عبر الحدود الأردنية. وقال "طريف" إنه لا توجد أمام الأردن حاليا عوائق لوجستية وأمنية لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان مخيم الركبان، الذي يقدر 80% من ساكنيه من فئتي النساء والأطفال، داعيا الأردن إلى تقديم تلك المساعدات بشكل عاجل من منطلق الإخوة الإنسانية. وقال مراقبون أن الوضع أصبح معقد جدًا في مخيم الركبان الصحراوي بعد العملية التي إستهدفت نقطة عسكرية أردنية وأدت لتعطيل الخدمات اللوجستية التي تقدم للاجئين وإستقابلهم عبر الحدود الأردنية. فيما يصر الأردن على أنه لن يستقبل المزيد من اللاجئين ولن يعتمد على توسيع نطاق عملياته اللوجستية في منطقة الركبان أو غيرها بدون تنسيق مباشر وضمن المعايير العسكرية الأمنية التي تعتمدها القوات المسلحة . مناشدات دولية من ناحيتها ، طالبت منظمة العفو الدولية السلطات الأردنية بتسهيل عبور المساعدات الإنسانية لنحو 75 ألف سوري عالقين على حدودها الشمالية الشرقية في "مخيم الركبان"، مؤكدة أن أوضاع العالقين في المخيم صعبة للغاية، ونشرت المنظمة عددًا من صور الأقمار الصناعية، ولقطات فيديو تظهر مواقع لقبور النازحين السوريين، الذي قضوا في المخيم. وقال محمد حسن الحمصي، عضو "شبكة تدمر" الإخبارية، إن الأوضاع الإنسانية والطبية للنازحين في مخيم الركبان في تدهور مستمر، نتيجة نقص الغذاء وانتشار الأمراض، مع استمرار السلطات الأردنية بمنع دخول المنظمات الإنسانية للمخيم، منذ إغلاق الحدود في يونيو الماضي. وأضاف أن الناس الذين أتوا إلى المنطقة بحثًا عن الأمان ، يواجهون ظروفًا تهدد حياتهم داخل المخيم فالوضع يتحول بسرعة إلى كارثة، مشيرًا إلى أن أغلبية الوفيات مردها الإصابة باليرقان والإسهال الحاد وسوء التغذية ونقص المياه الصالحة للشرب، نتيجة الظروف الصعبة. علاوة على ان سوء التغذية أصبح شائعا بين الأطفال، خصوصًا من هم في سنواتهم الأولى، مضيفا أن نقص الأدوية وانتشار أمراض، كاليرقان والإسهال، وصعوبة تشخيصها بسبب عدم وجود أخصائيين ومخبريين، وعدم توفر المواد اللازمة للتشخيص المخبري، أدى إلى تدهور وضع المرضى وحدوث عدد من الوفيات. حملة تضامن لإنقاذ أطفال مخيم "الركبان" وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بمظاهر التضامن مع اللاجئين السوريين العالقين في مخيم الركبان كما أطلقت مجموعات مدنية وثورية وإعلامية ناشطة في الثورة السورية حملة تضامن لإنقاذ أطفال الركبان. وجاء في بيان الحملة: "يعاني النازحون السوريون في مخيم الركبان من أوضاع مأساوية في ظل عدم وجود الخدمات الطبية، والنقص الحاد في الغذاء وأوضاع غير إنسانية تفتك بحياة النازحين و خاصة الأطفال منهم، مما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال داخل المخيم ومؤخرا وخلال أربعة أيام، توفي ثلاثة أطفال، مما ينذر بكارثة إنسانية في حال بقاء الوضع على ما هو عليه". وأوضح البيان أن الحملة ناشدت وراسلت المنظمات الدولية ذات العلاقة، وتم إخبارهم بأوضاع الأطفال، والطلب بنقلهم خارج المخيم لتلقي العلاج، إلا انه لم تحدث أي استجابة حتى تاريخه. واستغرب القائمون عليها من توقف الفرق الطبية عن العمل، وعدم مساعدتهم المرضى أو مجرد الإطلاع على أوضاع من هم في المخيم. داعين ل"إدخال المساعدات الغذائية والصحية والإغاثية إلى المخيم دون إبطاء، وفتح الممر الأمن إلى المخيم، لإنقاذ أطفال الركبان". وختم البيان مناشدا الهيئات الدولية بالقول: "إن الأوضاع في مخيم الركبان تزداد سوءا يوما بعد يوم، ولذا نتوجه ونطالب المجتمع الدولي متمثلا بالمنظمات الدولية الإغاثية والحقوقية، وكذلك دول العالم، بالتدخل لإنقاذ أطفال الركبان، وندعوهم لتحمل مسؤولياتهم تجاه الإنسانية".