قُتل من الصهاينة حتى أمس الجمعة(4/8)، خلال ما يقرب من الثلاثة أسابيع، أكثر من 92 صهيونياً، غالبيتهم العظمى من العسكريين الصهاينة ، وبينهم ضباط، وذلك استناداً إلى معطيات عسكرية صهيونية رسمية، والتي تتناقص شيئاً فشيئاً، في إطار سياسة صهيونية للتعتيم عن عدد القتلى والجرحى، وحتى بشأن عدد الصواريخ التي يطلقها "حزب الله". فحسب المصادر الرسمية الصهيونية؛ فإنّ ثمانية وعشرين صهيونياً قُتلوا جراء سقوط الصواريخ التي يطلقها "حزب الله" على التجمعات اليهودية في شمال فلسطينالمحتلة عام 1948، في حين جُرح المئات من الصهاينة جراء هذه الصواريخ. أما بشأن الخسائر البشرية العسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني في معاركه الضارية مع مقاتلي "حزب الله"؛ فالعدد بحسب ما يعلنه ذلك الجيش حتى الجمعة (4/8) هو 64 قتيلاً، وعشرات الجرحى، إذ ما يزال أكثر من مائة جريح يتلقون العلاج في المشافي الصهيونية، جراح بعضهم بالغة الخطورة. ويلاحظ المتابعون أنّ الهيئات الصهيونية الرسمية تتعمد التقليل من عدد القتلى الصهاينة ، والتي تكون مصادر رسمية قد أعلنت عنها قبل أسبوع مثلاً، كما يحدث مع قتلى القصف الصاروخي لحزب الله، كان أعلن قبل أسبوع تقريباً أنّ عدد القتلى من جرائها هو تسعة عشر، وبعد أسبوع ثالث، قتل خلاله صهاينة جراء القصف، بقي الرقم كما هو تسعة عشر. مدينة لا تنام من ناحية أخرى منذ أن أعلن زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ان صواريخه ستصل الى تل أبيب إذا ما تم قصف بيروت، وهذه المدينة تأخذ التهديد بكل جدية وتنتظر أن ينفذ التهديد. فالحكومة الصهيونية قبلت التحدي وردت عليه بقصف متواصل على بيروت. وبلدية تل أبيب يافا، راحت تستعد لمواجهة الهجوم المتوقع، بالوسائل الدفاعية التي تعرفها جيدا منذ قصفها بصواريخ «سكود» العراقية في حرب الخليج الثانية. رئيس البلدية، رون خولدائي، هو جنرال سابق في الجيش الصهيوني، وحسب قوله فإنه يعرف كيف يقوم بالمهمة. وتل أبيب هي البلدة المشهورة في الدولة العبرية على أنها «المدينة التي لا تنام»، لكن تهديد حزب الله حتى لو كانت تنام، فإنه يطير النوم من العيون. فهي حية على مدار الساعة، وغنية بالحياة الثقافية والمدنية والصناعية والسياسية. انها العاصمة الحقيقية لدولة الاحتلال، وفيها تتجمع كل السفارات الأجنبية والقنصليات وفيها يعيش الدبلوماسيون. وهي أيضا العاصمة الاقتصادية للكيان الصهيوني، تضم في جنباتها البورصة والفروع الرئيسة للبنوك وشركات التمويل على اختلافها. عدد سكانها 372 ألف نسمة، منهم 15400 عربي من فلسطينيي 48. تضم 6568 مصنعا و50 ألف مصلحة تجارية، غالبيتها متخصصة في شؤون اللهو والترف. تستقطب حوالي 13% من السياحة الصهيونية وفيها أكبر تجمع للفنادق في دولة الاحتلال. ويسمونها في الدولة العبرية مدينة السلام، كونها تضم أكبر تجمع للقوى اليسارية. وساحاتها شهدت أكبر عدد من المظاهرات الصهيونية من أجل السلام، وأهمها مظاهرة باشتراك 400 ألف شخص احتجاجا على مجازر صبرا وشاتيلا سنة 1982، وأشهرها مظاهرة السلام التي أقيمت سنة 1995 وقتل فيها رئيس الوزراء الصهيوني في حينه، اسحق رابين. لذلك، فإن الاستعداد لمواجهة الصواريخ العربية لا يقبل هنا على انه أمر مفروغ منه. فالمواطنون يطرحون الكثير من الأسئلة، وتنتشر بينهم حيرة في الكثير من الأحيان. فتسمع بينهم من يزداد غضبا على الحكومة لأنها تورط تل أبيب في الحرب، وتجد بينهم من يتطوع للخدمة في الجيش لكي يشارك في الحرب ليخلص دولة الاحتلال من شر حزب الله. إلا ان البلدية وقيادة الجبهة الداخلية في الجيش لا تكترثان بهذا النقاش وتصب جل اهتمامها لمواجهة الخطر بأقل ما يمكن من أضرار. تقومان بفحص الملاجئ من جديد بغية إعدادها لاستقبال عشرات الألوف من المواطنين في حالة اطلاق صفارات الانذار. قوات الطوارئ ومؤسسات الإنقاذ تستعد لتوفير خدمات الاسعاف والاطفائية في كل منطقة من المدينة الرحبة (مساحتها 51 ألف دونم). قسم الهندسة في البلدية أعد سبعة مراكز تجميع للسكان في حالة الاضطرار لاستيعاب لاجئين في حالة هدم بيوتهم. دائرة الشؤون الاجتماعية ودائرة الخدمات النفسية في البلدية تستعدان لمعالجة مئات المصابين والمنكوبين في المدينة. والشرطة وبقية أجهزة الأمن تتخذ اجراءات احتياطية لمواجهة خطر وقع هجوم متشعب عليها، مثل قصف جوي من حزب الله وعمليات تفجير فلسطينية في آن واحد، علما بأن المدينة تعرضت لمثل هذه الهجمات عدة مرات في الماضي. وتل أبيب ليست وحدها في هذه المعركة. فهي واحدة من تجمع يزيد عن عشر مدن كبيرة في المنطقة، تدعى «منطقة دان»، وهي تضم أكبر تجمع سكاني في دولة الاحتلال يضاهي حوالي مليوني نسمة. وعلى الرغم من كل هذه الاستعدادات، تجد أن رجلا من اليمين الصهيوني يعمل في قسم الطوارئ في البلدية يقول: «الحرب هي الحرب، نستعد لها ونحاول أن نصمد فيها بكل قوة ولكننا نتمنى ألا تقع».