واشنطن وكالات الأنباء واجهت ادارة جورج بوش امس اول تحرك شعبي ضخم ضد سياساته في العراق وحربه هناك مستعيدين حرب فيتنام من ذاكرتهم التي انتهت حربها بعد تظاهرات شعبية حاشدة. وتأتي هذه التظاهرات لتزيد من أزمة استراتيجية بوش الجديدة التي اثارت تساؤلات من موسكو مطالبة بتفسير من واشنطن لزيادة عدد قواتها في المنطقة ومنتقدة ايضا الضغوط على ايران التي حذرت من اندلاع مواجهة اميركية ايرانية في مارس المقبل.
فقد تذكر الأميركيون أمس المظاهرات الشعبية المناهضة للحرب في فيتنام التي بدأها المناهضون لتلك الحرب في أواخر ستينات القرن الماضي في العاصمة واشنطن وغيرها من المدن الرئيسية الأميركية واستمرت حتى بدأت القوات الأميركية الانسحاب من فيتنام، دون أن تحقق النصر، بل خرجت مهزومة.
وشهدت العاصمة واشنطن أمس تظاهرات مناهضة للحرب في العراق شارك فيها عشرات آلاف الأميركيين بينهم جنود سبق وشاركوا في الحرب وعادوا مناهضين لها، وأمهات وآباء وزوجات جنود قتلوا في العراق، رفعوا شعارات طافوا بها الشوارع المحيطة بالبيت الأبيض والميادين الرئيسية للمدينة، طالبوا فيها الرئيس بوش بسحب القوات الأميركية من العراق. وكان في مقدمتهم عدد من المشاهير مثل جون فوندا وسوزان سراندون.
ورغم هذا الرفض الشعبي للحرب الذي شاهده الرئيس بوش، فقد أعلن البيت الأبيض أمس أن بوش جدد لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في اتصال هاتفي معه أمس التزامه بإرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق لتأمين مدينة بغداد، وأكد البيت الأبيض ان من حق الأميركيين التعبير عن رأيهم، لكن الرئيس لن يتراجع عن خطته الجديدة للتحرك إلى الأمام في العراق.
وتزامنت التظاهرات بعمل متواصل بدأه الكونغرس الأسبوع الماضي، ويستمر هذا الأسبوع، وما بعده لإقرار تشريعات ترفض استراتيجية الرئيس الجديدة للعراق، وترفض إرسال المزيد من القوات، ويهدف الكونغرس إلى إقرار تشريعات خلال الأشهر المقبلة تقضي بوقف رصد المزيد من الأموال للحرب في العراق.
وأعلن «الاتحاد من أجل السلام والعدالة» الذي نظم التظاهرات، ان الإعداد لها، بدأ فور إعلان الرئيس عزمه على إرسال 500 .21 جندي إضافي إلى العراق.
وقال منظمو التظاهرات، ان توقيتها لم يأت صدفة وإنما جاء محكماً ودقيقاً. فالكونغرس يقود المعارضة للحرب، والرفض الشعبي لها في تزايد، حيث ان ثلثي الأميركيين يطالبون بسحب القوات فوراً. والمزيد من الجمهوريين الذين كانوا يؤيدونها بدأوا معارضتها علناً. ولم يبق إلا حفنة قليلة تؤيد الرئيس، وحتى معظم القادة العسكريين، يعارضون إرسال المزيد من القوات.
يذكر أن جنوداً شاركوا في التظاهرات، وهذا ما أكدته البنتاغون، حيث قال مسؤولون فيها ان من حقهم التعبير عن رأيهم والمشاركة لكن دون ان يلبسوا الزي العسكري.
ويزيد من اعداد معارضي الحرب احتمالات المواجهة مع ايران بسبب زيادة عدد القوات الاميركية في المنطقة. وفي هذا الاطار قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لوكالات انباء روسية في كلمة أدلى بها لدى عودته من زيارة للهند مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس ان روسيا تتوقع من الولاياتالمتحدة تقديم تفسير لوجودها العسكري المتنامي في الشرق الأوسط عندما يجتمع البلدان في المرة القادمة لبحث التطورات في المنطقة.
وقال لافروف «لم أشهد تغيرا في تصريحات واشنطن العدائية». واضاف «انها مستمرة في زيادة الوجود العسكري في المنطقة. سيكون هذا الامر من الاسئلة التي نريد استيضاحها في واشنطن. لم كل هذا؟».
وتأتي تصريحات الوزير الروسي بعد ان امر الرئيس الاميركي جورج بوش اخيرا بارسال حاملة طائرات ثانية تنضم الى القوات الاميركية الموجودة في مياه الخليج، في اطار استراتيجيته الجديدة في العراق التي تنص ايضا على ارسال 21500 جندي اميركي اضافي الى هذا البلد.
ومن المتوقع أن يشارك لافروف في اجتماع اللجنة الرباعية المعنية بالسلام في الشرق الاوسط الذي سيعقد في واشنطن في الثاني من فبراير لمحاولة احياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ومن المقرر أن تستضيف وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزارايس الاجتماع.
وقال لافروف انه يجب ألا يجري عزل ايران وسوريا اللتين يجب أن تفهما أن من المتوقع منهما أن تلعبا دورا ايجابيا وفي المقابل ستحصلان على موقع ملائم في الحوار الاقليمي. وقال لافروف «نحن على قناعة شديدة بأنه ينبغي عدم عزل ايران وسوريا بل اشراكهما في عملية السلام».
من جهته توقع محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران اندلاع حرب إيرانية أميركية في بداية العام الإيراني المقبل (العام الإيراني الحالي ينتهي في 20 مارس المقبل).
وقال رضائي «إن أميركا تريد المواجهة مع إيران وان الحصار الاقتصادي والحروب السياسية هي مقدمة للحرب الميدانية ويجب على المسؤولين الايرانيين الاستعداد لتلك الحرب». وأضاف رضائي في حديث للصحافيين عقب اجتماع مجمع تشخيص المصلحة إن «إيران تمتلك أدوات قوية وبإمكانها أن تحول دون وقوع الأحداث». وصرح بأنه «ينبغي علينا أن نكون يقظين في الظروف الحساسة الراهنة وان نتصرف بحكمة وان نحتفظ بقوة الردع».
وعلى خلفية تسريبات عن خطة أميركية لملاحقة نشطاء ايرانيين في العراق قال علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الامن والسياسة الخارجية بالبرلمان الايراني «آمل أن يكون التقرير خاطئا حيث أن مثل هذا الامر عمل إرهابي واضح ويتعارض مع المعايير المعترف بها».
وقال لوكالة فارس للانباء إنه «بالنظر إلى حقيقة أن سياسات بوش الجديدة في العراق واجهت معارضة داخل الولاياتالمتحدة فإنه يبدو أن الرئيس الاميركي يفقد الاتزان ويشرع في سياسات لا تضره فحسب ولكن تضر الحزب الجمهوري كله والولاياتالمتحدة بأسرها».