حقَّقت المقاومةُ الإسلامية اللبنانية إنجازًا مهمًّا بالتصدِّي لمحاولاتِ التوغُّل التي قامت بها القوات الصهيونية على العديد من المحاورِ بالجنوب اللبناني، وبينما تستمر الاشتباكاتُ صباح اليوم الخميس 3 أغسطس، تجدَّدت الغارات الصهيونية على ضاحيةِ بيروت الجنوبية، فيما برزت مؤشراتٌ على توافق دولي محتمل بشأن الموقف في لبنان. فقد أجبرت عناصر حزب الله القوات الصهيونية على التراجع في جميع المحاور التي حاولت التسلل منها في الجنوب اللبناني، وهي عيتا الشعب التي سقط فيها العديد من الجنود الصهاينة بين قتلى وجرحى، وكذلك محور مشروع الطيبة الذي خسر فيه الصهاينةُ دبابة (ميركافا) عجزوا عن إخلائِها، إلى جانب محاور كفر كلا- العديسة ومحيبيب والجبين، ويأتي ذلك الإنجاز من المقاومة على الرغم من حشد الصهاينة 12 ألف جندي لتنفيذ عملياتِهم العسكرية في الجنوب إلى جانب الغطاء الجوي الذي يتمتعون به، حيث أكد شهود عيان أن القصف لم ينقطعْ من على الجنوب، وبخاصة عيتا الشعب وكفر كلا. في سياق متصل، جدَّدت الطائرات الحربية الصهيونية غاراتِها على الضاحيةِ الجنوبيةِ للعاصمة بيروت بعد فترة توقف استمرَّت ما يقارب الأسبوع، وأشارت وكالة (رويترز) إلى أن أصوات 3 انفجارات قد سمعت على الأقل اليوم في العاصمة، وتضم الضاحية الجنوبية المقارَّ السياسية لحزب الله، وتقع تحديدًا في منطقة تسمى "المربع الأمني" في حارة حريك، وقد استهدفت الغاراتُ الصهيونية تلك المنطقة في الأيام الأولى للحرب على لبنان، وأسفرت عن تدمير شبه كامل للمباني فيها. كما شهدت منطقة الهرمل بالبقاع والقريبة من الحدود السورية مع لبنان عدة غارات، حيث ترى القواتُ الصهيونية أن المنطقةَ تعتبر مصدرَ قوة لحزب الله، وكانت الغارات التي شنَّها الصهاينة أمس قد أدَّت إلى استشهاد ما يزيد على ال30 لبنانيًّا؛ ما يرفع العدد الكلي للشهداء اللبنانيين إلى حوالي 900، غالبيتهم الساحقة من المدنيين، إلى جانب تدمير العديد من مؤسسات البنية التحتية اللبنانية. من جانب آخر ادَّعت هيومان رايتس ووتش أن عددَ شهداء قانا هو 28 لا 57 كما قالت المصادر الرسمية اللبنانية، وأضافت المنظمة الحقوقية- التي تتخذ من الولاياتالمتحدة مقرًّا لها أيضًا- أنه كان من الممكن التقليلُ من الخسائر البشرية، وهو الرأي الذي يستند على وجهة النظر الصهيونية التي تقول إن الغارةَ كانت تستهدف موقعًا عسكريًّا لحزب الله، الأمر الذي كذَّبته الوقائع على الأرض. على المستوى السياسي أكد السفير البريطاني لدى الأممالمتحدة السير إمير جونز بيري أن هناك اتفاقًا في الطريق بين الفرنسيين والبريطانيين والأمريكيين على وقف لإطلاق النار، بينما أشار المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شين ماكورماك إلى أن هناك اتفاقًا حول كل النقاط الرئيسة، فيما أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو أنه بالإمكان صياغة نصّ الاتفاق في غضون أيام. ويأتي هذا الموقف على الرغم من تأجيل الأممالمتحدة الاجتماعَ الذي كان مقرّرًا اليوم لبحث مسألة نشر القوة الدولية المفترضة في الجنوب اللبناني، ولم يعطِ المتحدث باسم الأممالمتحدة أحمد فوزي أيَّ مبرر للتأجيل، وكان وزير الخارجية الأسباني ميجيل أنخيل موراتينوس قد أكد استعدادَ بلادِه للمشاركةِ في هذه القوات، مشيرًا إلى أنه من الضروري أن يتمَّ نشرُها بموافقة جميع الأطراف بما فيها حزب الله. وتُطالب فرنسا بوقفٍ فوريٍّ لإطلاق النار، فيما تطالب الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا بوقف إطلاق النار بعد تطبيق القرار الدولي 1559 الخاص بنزع السلاح غير التابع للدولة اللبنانية، وهو القرار الذي يريد الأمريكيون تطبيقه على سلاح حزب الله دون تطبيقِه على الاحتلالِ الصهيوني لمزارع شبعا. عربيًّا انتقد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى "الشلل" الذي أصاب مجلس الأمن الدولي بشأن لبنان، داعيًا الأممَالمتحدة إلى عقد اجتماع عاجل حول الأزمة اللبنانية في حال استمر أداء مجلس الأمن على حالته هذه، وكان الموقف العربي قد شهد العديد من الانتقادات؛ بسبب تحميلِ بعضِ الأطراف العربية ضمنًا حزبَ الله المسئوليةَ عن تفجر الموقف، إلى جانب غياب الإجماع العربي على موقف موحَّد؛ ما أدَّى إلى تأجيلِ القمةِ العربيةِ الطارئة التي كان من المفترض أن تعقد حول لبنان. شعبيًّا استمرت الاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء العالم احتجاجًا على العدوانِ الصهيوني على لبنان، وقد شهدت المغرب رفع دعوى قضائية ضدَّ وزير الحرب الصهيوني عمير بيريتس (المغربي الأصل) بتهمة ارتكاب جرائم حرب في لبنان، كما استمرت المظاهرات في مختلف أنحاء العالم، ومن بينها الأراضي الفلسطينية.