التاريخ هو مرآة الأمم يعكس ماضيها ويتَرجم حاضرها وتستلهم من خلاله مستقبلها ويفتح لك من الأفاق ما يجعلك أقوى ضد الظروف الصعبة ، لذلك كان الاهتمام به من الأهمية ووجب أن ننقله إلى الأجيال نقلاً صحيحا فالشعوب التي بلا تاريخ أو لها تاريخ لا تعرفه هي في الحقيقة أجساد بلا حياة. وإنا من منطلق قول رجل الإصلاح السياسي والفكري المؤرخ رفيق بك العظم "وإن أمة لا تعرف تاريخها فأَحْرى بها أن يتنكر لها الزمان, وتذري بها الشعوب؛ لجهلها بماضيها, وأن تنكرها الإنسانية, وتنكرها السماء والأرض" وإنه لمن الصعب علينا جدًّا أن نفهم أدوارنا في قضية فلسطين بدون دراسة واعية لتاريخها ولسنا نعني مجرَد قراءة سريعة إنما نعني القراءة الصحيحة للتاريخ التي تنقل أصحابها من صفوف القراء إلى صفوف العاملين فتصبح الرؤية واضحة ومن ثَم يصبح العمل مرتَّبا منظمًا موجَهًا في طريق لا عوج فيه ولا اضطراب. ومن أجل كشف الحقائق وإظهار تزيف بني صهيون المتعمد للتاريخ الفلسطيني وتشويه صورة فلسطين العربية ومن أجل إبقاء تاريخنا محفوظاً للأجيال المتعاقبة تقدم لكم جريدة "الشعب الجديد" دراسة وافيه عن أهم المدن التاريخية الفلسطينية. الخليل.. مدينة الآباء التى هزت الاحتلال الصهيونى - سميت مدينة الخليل بهذا الاسم نسبة إلى نبي الله إبراهيم الخليل. - تقع مدينة الخليل جنوب مدينة القدس بحوالي 35 كم. - تُعتبر الخليل من أقدم مدن العالم وتاريخها يعود إلى 5500 عام. - أسسها الكنعانيون في العصر البرونزي المبكر وتعتبر اليوم أكبر المدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة. - أطلق المؤرخون عليها لقب "مدينة الآباء" لأهميتها التاريخية منذ أن سكنها نبي الله إبراهيم وأبناؤه إسحاق ويعقوب. - سقطت مدينة الخليل في أيدى الأوروبيين عام 1099 م إبَّان الحروب الصليبية. - تقع الخليل على هضبة ترتفع 940 م عن سطح البحر. - يقدر عدد سكان مدينة الخليل بأكثر من 684 ألف نسمة بحسب أخر تقرير عام 2013. - تشكل مدينة الخليل عصب العمليات الفلسطينية ضد جنود الاحتلال الصهيوني. الموقع تقع مدينة الخليل وسط فلسطين في جنوب الضفة الغربية على هضبة ترتفع 940 مترًا عن سطح البحر على بُعد 35 كلم إلى الجنوب من مدينة القدس و46 كلم غرب نهر الأردن و152 كلم جنوب مدينة جنين و229 كلم غرب مدينة الكرك الأردنية وهي مركز محافظة الخليل التي يتبعها مائة قرية فلسطينية. تربط طريق رئيسية المدينةَ بمدينتي بيت لحم والقدس، فهي تقع على الطريق التي تمر بأواسط فلسطين رابطة الشام بمصر مروراً بسيناء. تاريخ المدينة تعتبر مدينة الخليل من أقدم مدن العالم حيث تم بناؤها في العصر البرونزي وتاريخها يعود إلى أكثر من 5500 عام حيث بناها الكنعانيون على سفحي جبلي الرميدة وجبل الرأس في الوادي التفاح بين هذين الجبلين ا وهو يخترق وسط الخليل وأطلقوا عليها اسم "قرية أربع" نسبة إلى بانيها "أربع". عندما دخل "يوشع بن نون" وجنوده إلى فلسطين غير اسم قرية "اربع" إلى "حبرون" نسبة إلى أحد أولاد "كالب بن يفنه" أحد رجال موسي المخلصين. سميت الخليل نسبة إلى "خليل الرحمن" إبراهيم علية السلام حيث سكنها في أوائل القرن التاسع عشر قبل الميلاد بعض السنين ، وتضم الخليل رفاته ورفاة زوجته سارة، وعائلته من بعده إسحق ويعقوب ويوسف ولوط ويونس وكذلك تضم الكثير من رفات الصحابة وفي مقدمتهم شهداء معركة أجنادين. وتعتبر الخليل واحدة من آخر المدن في فلسطين التي دخلها الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي وكانت تتبع حاكم القدس بشكل مباشر قد شيد الأمويون سقف الحرم الإبراهيمي الحالي والقباب التي فوق مراقد إبراهيم ويعقوب وزوجتيهم. الخليل بين الصليبيين والإنجليز سقطت مدينة "الخليل" في أيدى الصلبيين عام 1099 م إبان الحروب الصليبية وقام الأمير "جودفري البويوني" ببناء قلعة حصينة سماها "قلعة القديس أبراهام". استطاع القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي استرداد المدينة من أيدى الصليبيين إثر موقعة حطين عام 1187 م وفى عام (656 ه - 1258 م) أغار المغول على مدينة الخليل بعدما دمروا بغداد، غير أن انتصارات " قطز " في عين جالوت عام (658 ه - 1260 م) وضعت حدًا نهائيً لتلك الغارات. بعد معركة مرج دابق عام 1517 م خضعت الخليل لحكم الدولة العثمانية واستمر حكمهم 4 قرون حتى جاء الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917. الخليل.. شعب الجبارين! بعد الحرب العالمية الأولى انتقلت مدينة الخليل لتكون تحت الانتداب البريطاني ونتيجة لازدياد الصهيونية من جهة وتنمية الوعي القومي العربي من جهة أخرى زادت حدة التوتر بين العرب واليهود الذين عاشوا تحت الانتداب. ونتيجة لازدياد العمليات الصهيونية وعدائهم للعرب والمسلمين انطلقت أول سرارة للفداء في مدينة الخليل ففي 14 أغسطس عام 1929 تظاهر نحو 6000 يهودي منشدين "الحائط لنا" بإشارة منهم إلى حائط المبكى أي حائط البراق، ومتحدين بذلك الوضع الراهن والقائم منذ أيام الدولة العثمانية التي سمحت لليهود بأداء صلواتهم قبال الحائط بشرط ألا يضعوا الكراسي أو المقاعد الراسخة بجانبه. بعد هذه المظاهرة بيومين وكردة فعل قام الفلسطينيون بمظاهرة مضادة في القدس. في 23 اغسطس عام 1929 نظمت مجموعة من أفراد الحركة الصهيونية اليمينية "بيتار" مسيرة تظاهرية في القدس والتي أعلنوا فيها أنهم ينوون الاستيلاء على المسجد الأقصى وانتهت باشتباكات عنيفة بين اليهود والعرب المقدسيين انتشرت بسرعة إلى أنحاء قامت القدس وصفد والخليل وغيرها من المدن. بلغ عدد القتلى اليهود في الخليل نحو 67 صهيونياً متطرفاً وغادر جميع اليهود من المدينة، وانتقلت اليشيفا الخليلية إلى القدس في 1931 كانت محاولة لإقامة الطائفة اليهودية الخليلية من جديد، ولكن جميع اليهود غادروا المدينة في 1936 إثر استئناف التوتر بين المسلمين واليهود في فلسطين. الخليل في التقسيم أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية وشملت حصة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري من أسدود إلى حيفا تقريبا ما عدا مدينة يافا وأغلبية مساحة صحراء النقب ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية. وبقيت الخليل مع باقي الضفة الغربية حتى تم الاتحاد مع المملكة الأردنية الهاشمية عام 1951م وأصبحت في عام 1964 مركزاً لمحافظة الخليل وبقيت تحت الحكم الأردني حتى احتلالها في حرب 1967 أو النكسة. النكسة احتلت قوات الاحتلال الصهيوني مدينة الخليل في 5 يونيو 1967م ومنذ ذلك التاريخ شرع المستوطنون اليهود بالاستيطان في محيط المدينة ثم في داخلها ويوجد داخل المدينة حاليا خمسة مواقع استيطانية يهودية وهي مستوطنة "تل الرميده" و"الدبويا" و"مدرسة أسامة بن المنقذ" و"سوق الخضار" و"الاستراحة السياحية" قرب المسجد الإبراهيمي الشريف بالإضافة إلى التجمع الاستيطاني اليهودي على حدود المدينةالشرقية "كريات" و"خارسينا". الحرم الإبراهيمي ومذبحة الخليل المسجد الإبراهيمي أو الحرم الإبراهيمي الشريف وجاءت قدسيته كونه بني فوق مغارة مدفون فيه كل من النبي إبراهيم وزوجته سارة، وولديهما إسحق وولده يعقوب وزوجتيهما. يقع الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة لمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية في فلسطين، وهو يشبه في بناءه المسجد الأقصى ويحيط بالمسجد سور عظيم مبنيٌ من حجارة ضخمة يصل طول بعضها ل7 أمتار. وقعت مذبحة الحرم الإبراهيمي في يوم 25 فبراير من العام 1994م بقيادة "باروخ جولدشتاين" أو "باروخ جولدستين" وهو طبيب يهودي والمنفذ لمذبحة الحرم الإبراهيمي التي قام بها مع تواطئ عدد من المستوطنين وجيش الاحتلال الصهيوني. قام الطبيب اليهودي المتطرف "باروخ جولدشتاين" بأطلاق النار على المصلين في المسجد الإبراهيمي أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان وقد قتل 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون ويقتلوه.