كشفت حيثيات حكم محكمة النقض المصرية، انعدام قرار إدراج 18 على قوائم الإرهاب، عن ضعف المستوى القانوني للنيابة العامة في مصر، خصوصاً في عهد النائب العام الراحل، هشام بركات، الذي اتخذ شخصياً قرار الإدراج مخالفاً الإجراءات المنصوص عليها في قانون الكيانات الإرهابية، والذي أصدره الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بداية العام الجاري. وعلى الرغم من أن القانون جاء واضحاً بسيطاً لتسهيل عملية إنشاء قائمتين للإرهاب؛ واحدة للكيانات الإرهابية والأخرى للإرهابيين، إلا أن النيابة العامة القائمة أساساً على تطبيق القانون، أخطأت، وأصدرت قراراً منفرداً بإدراج محمد بديع ومحمد مهدي عاكف وخيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد البلتاجي وآخرين، على قائمة الإرهابيين لإدانتهم في قضية أحداث مكتب الإرشاد. إلا أن محكمة النقض وصفت قرار النيابة العامة أنه "لغو لا أثر له" مما يسم تصرفها بالانعدام والسقوط، ما يحرر قيادات الإخوان رسمياً من وصفهم قانونياً بالإرهاب، ويلغي جميع الآثار المترتبة على إدراجهم، ومنها منعهم من التصرف في أموالهم ومغادرة البلاد في حالة خروجهم من السجون. ويرتب قانون الكيانات الإرهابية على المدرجين في قائمة الإرهابيين عقوبات مختلفة عن السجن أو الإعدام، ويسمح للسلطات بتقييد حرية حركة المدرجين ومنعهم من السفر وحظر دخولهم مناطق بعينها. وأقرت محكمة النقض في حيثياتها أن دور النيابة العامة في تنفيذ قانون الكيانات الإرهابية يقف عند حد تقديم طلبات إدراج الأشخاص والجماعات إلى دائرة أو أكثر بمحكمة استئناف القاهرة، تحددها الجمعية العمومية لهذه المحكمة، بحيث يكون قرار هذه الدائرة بالإدراج أو رفض طلب النيابة بمثابة حكم قضائي، يجوز للمتهمين أو النيابة العامة الطعن فيه أمام محكمة النقض. وسبق لمحكمة النقض أن ألغت عشرات الأحكام القضائية الصادرة ضد قيادات وأفراد جماعة الإخوان ومواطنين آخرين في قضايا أحداث ما بعد يونيو 2013، ووجهت عدة صفعات قانونية للنيابة العامة ومحاكم الجنايات، كان أبرزها تأكيد عدم صلاحية التحريات الأمنية لأن تكون دليلاً مطلقاً على الجريمة أو إدانة المتهمين. ووضعت محكمة النقض حيثيات حكمها الصادر بتاريخ 2سبتمبر الماضي، والخاص بإلغاء القرار الصادر من النائب العام السابق، المستشار، هشام بركات، بوضع عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين والمحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلامياً باسم قضية "أحداث مكتب الإرشاد"، على قائمة الإرهاب، بموجب القرار رقم 1 لسنة 2015 والصادر بتاريخ 23 مارس 2015. واعتبرت محكمة النقض في حيثياتها، أن القرار الصادر من النائب العام السابق، بإدراج 18 من قيادات جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب "لغواً لا أثر له ومنعدماً من الأساس ولا أثر له ولا يعتد به ولا يجوز نظره من الأساس لبطلانه"، مؤكدة أن النيابة العامة ارتكبت خطأً قانونياً بإصدار قرار الإدراج، موضحة أن النيابة العامة ليست سلطة لإدراج المتهمين على قوائم الإرهاب. وأوضحت محكمة النقض، أن النيابة العامة وعلى رأس سلطتها النائب العام لم تتبع القانون حينما أصدرت القرار، وذلك لأن قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية، قصَر دور النيابة على مجرد إعداد قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين، بعد أن تقرر الدائرة المختصة بمحكمة الجنايات إدراجهم في القائمة، أو من يصدُر بشأنهم أحكام جنائية نهائية بإسباغ وصف الإرهاب عليهم. وأضافت المحكمة أن القانون منح اختصاص نظر طلبات الإدراج على القائمتين والفصل فيها، بدائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، المنعقدة في غرفة مشورة، ويكون لها في جميع الأحوال نظر طلبات الإدراج، وسلطة الفصل في الطلبات بقرار مسبب خلال 7 أيام، وهي الأمور التي لم تحدث، حيث وضعت النيابة المتهمين على القائمتين، ثم أحيلت مباشرة إلى محكمة النقض، بخلاف أن ذلك الأمر استغرق نحو 6 أشهر، وليس 7 أيام كما هو محدد بالقانون. وأوضحت محكمة النقض أن قرار الدائرة الجنائية المختصة بالإدراج في قائمتي الإرهاب، يعد بمثابة قضاء، لا يصح إصداره من غير المختص به، ولا يحل لسلطة الادعاء العام (النيابة العامة) أن تستلب سلطة القضاء باختصاصٍ أفردها به المشرع، مشيراً إلى أن قرار الدائرة الجنائية المختصة بالإدراج، هو وحده الذى يجيز القانون الطعن عليه، سواء من ذوي الشأن أو النيابة العامة، أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، أما نظر الطعن مباشرة دون المرور على المحكمة فهو باطل. ويترتب على حكم محكمة النقض اعتبار قرار النائب العام المغتال، هشام بركات، بوضع المحكوم عليهم في القضية المعروفة باسم "قضية مكتب الإرشاد" على لائحة الإرهابيين، لاغياً ولا قيمة له وكل ما ترتب عليه من إجراءات، ولا أثر له.