ارتكبت القوات الصهيونية جرائم جديدة على الحدود مع كل من سوريا ولبنان وقطاع غزة اليوم الأحد، بعد أن أطلقت النار على محتجين مدنيين، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات في الوقت الذي أحيى فيه الفلسطينيون ذكرى النكبة. وأطلقت القوات الصهيونية الرصاص على المحتجين في ثلاثة مواقع منفصلة لمنع الحشود من عبور الحدود الصهيونية في أعنف مواجهة منذ سنوات. وحمَّلت الدولة الصهيونية كلا من إيران وسورية مسئولية جرائمها الجديدة التى ارتكبتها اليوم الأحد، في جنوب لبنان والجولان من مظاهرات في ذكرى "يوم النكبة"، والتي شهدت غزة والضفة الغربية مثيلات لها، وسقط فيها عشرات الشهداء والجرحى على أيدي الصهاينة.
فقد حمل عوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتانياهو، حكومة دمشق مسئولية المصادمات التي وقعت في الجولان، واعتبرها محاولة من النظام السوري لصرف الأنظار عن المجازر التي يرتكبها بحق شعبه على حد تعبيره.
ونقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم الجيش الصهيوني، اللفتينانت كولونيل يواف مردخاي، قوله "نحن نرى هنا تحرشا إيرانيا على كل من الجبهتين السورية واللبنانية، وذلك في محاولة لاستغلال احتفالات ذكرى النكبة"، والتي يحتفل بها الصهاينة على أنها ذكرى "استقلال" بلادهم.
كما قال متحدث باسم الحكومة الصهيونية لمراسلة "بي بي سي" في القدس: "إن ما جرى هو محاولة من قبل النظام السوري لتحويل الأنظار عمَّا يجري في سورية".
وقال مسئول صهيوني آخر لوكالة "رويترز" للأنباء: "يبدو أن هذه محاولة فاضحة من القيادة السورية لخلق أزمة متعمَّدة على الحدود من أجل تحويل الانتباه عن المشاكل الحقيقية التي يواجهها النظام في بلاده".
أما نتنياهو، فقال إن بلاده عازمة على حماية حدودها، ولكنها تأمل في استعادة الهدوء في هذه المناطق.
بيان رسمي سوري ما جانبها، سارعت الحكومة السورية بالتعليق على تصدي الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين السلميين بالنار، إذ أصدرت الخارجية السورية بيانا رسميا أدانت فيه بشدة ما وصفته ب "الممارسات الإسرائيلية الإجرامية التي قامت بها اليوم ضد أبناء شعبنا في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى".
ونقل البيان، عن مصدر مسئول في الوزارة قوله "نطالب المجتمع الدولي بتحميل إسرائيل كامل المسؤولية عمَّا قامت به من ممارسات".
وأضاف المسئول قائلا "إن الحراك الفلسطيني هذا اليوم ناجم عن استمرار تنكر إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة اغتصابها للأرض وللحقوق، وتهربها من استحقاق السلام العادل والشامل".
وتعليقا على تحميل الحكومة الصهيونية القيادة السورية مسئولية عبور مدنيين لخطة الهدنة في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، قال المحلل والكاتب الصحفي السوري من أصل فلسطيني، أحمد صوَّان "سورية معروفة بمواقفها ضد إسرائيل والمساندة لحق العودة وإنهاء الاحتلال. وطالما أن الاحتلال لا يتجزأ، فسورية تنطلق من حق الشعب بالتعبير عن نفسه وتحرير أرضه".
وأضاف "إن إسرائيل لا تجد أمامها أحدا سوى سورية لتحميله المسؤولية. عموما، نحن حريصون على أن يأخذ التحرير العربي مداه".
شهداء وجرحى ميدانيا، قالت مصادر فلسطينية إن الجيش الصهيوني قتل على الأقل 10 فلسطينيين وأصاب أكثر من 60 شخصا آخر بجروح.
وقال مراسل "بى بى سى": "لدى قيامي بمعاينة جثث بعض الشبان، رأيت أنهم في مقتبل العمر. وقد أفادني زملاء لهم بأنهم كانوا قد أطلقوا دعوة عبر الفيسبوك أعلنوا فيها عن عزمهم رفع الأعلام الفلسطينية عند الشريط الشائك".
وقالت المصادر نفسها إن عمليات القتل وقعت بالقرب من الشريط الشائك الحدودي عندما تجمهر مئات من اللاجئين الفلسطييين وألقوا الحجارة باتجاه المواقع الصهيونية.
وقد شارك في "مهرجان يوم النكبة" في مارون الراس حوالي 100 ألف فلسطيني ولبناني وسوري، حسب مصادر فلسطينية حضرت الحدث.
وقد هتف المشاركون بشعارات تؤكد على حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم التي هجروا منها عام 1948، فيما يُعرف ب "يوم النكبة"، وجرى إحياؤه هذا العام تحت اسم "مسيرة العودة".
وقد انطلق مئات الفلسطينيين المشاركين في المهرجان من مخيمات اللاجئين في لبنان، وخاصة من صيدا وصور وبيروت والبقاع والشمال، حيث نقلتهم حافلات انطلقت صباحا من مختلف المناطق.
وأرسل الجيش الصهيوني على الفور مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، من بينها دبابات وناقلات جند وعربات مصفَّحة، حيث اتخذت لها مواقع قتالية في المنطقة تحسبا لأي تصعيد محتمل.
من جانبه، أرسل الجيش اللبناني أيضا تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، فيما تردد أن حزب الله وضع عناصره في "حالة تأهب قصوى لمواجهة أي طاريء".
اشتباكات الجولان وفي الجولان، قتل الجيش الصهيوني أيضا أربعة أشخاص وأصاب 60 شخصا آخر بجروح.
وقالت مراسلة "بي بي سي" في القدس، إن جثتى اثنين من الشهداء الذين سقطوا بعد دخولهم بلدة مجدل شمس قد نُقلوا إلى الجانب السوري من الحدود.
وقد أذاع التلفزيون السوري الرسمي نبأ "مقتل وإصابة المدنيين برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء مشاركتهم في مهرجان خطابي في عين التينة في الجولان ومجدل شمس بمناسبة ذكرى النكبة".
مواجهات غزة والضفة وفي قطاع غزة، استشهدا شاب فلسطيني وأصيب أكثر من 80 شخصا آخر بجروح في مواجهات وقعت بين فلسطينيين وبين الجيش الصهيوني بجانب معبر "إيريز" قرب بلدة بيت حانون شمال شرقي مدينة غزة.
أمَّا في الضفة الغربية، فقد استشهد شخص وأُصيب آخرون خلال اشتباكات جرت عند معبر قلندية شمال القدس بين فلسطينيين وبين الجيش الصهيوني.
كما شهدت الأردن أيضا مظاهرات احتجاجية في ذكرى "يوم النكبة" الذي أرغم فيه اليهود آلاف الفلسطينيين على النزوح من ديارهم قبل 63 عاما.
من جانبها، حثَّت قيادة قوات حفظ السلام التابعة الأممالمتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) كافة الأطراف على توخي ضبط النفس لتجنب المزيد من الخسائر.
وقال ناطق بإسم اليونيفيل إن القوة على اتصال بالجيشين الصهيوني واللبناني لضمان ضبط الوضع في المنطقة.
نشر الشرطة وكانت السلطات الصهيونية قد نشرت الآلاف من أفراد الشرطة في القدس وفي المناطق العربية في الشمال قبيل بدء الفعاليات المخصصة لإحياء ذكرى "يوم النكبة".
وقال ميكي روزنفيلد، وهو مسئول في الشرطة الصهيونية: "لقد نشرنا آلاف ضباط الشرطة في المناطق الحساسة، وخصوصا في القدس ومنطقة وادي عارة".
وأضاف قائلا "قواتنا وضعت في حالة تأهب قصوى بهدف تأمين الفعاليات المقررة اليوم، لكننا لن نتسامح مع أي تعكير للأمن العام".
واعتقلت الشرطة ليلة البارحة 13 فلسطينيا في أعقاب مظاهرات في القدسالشرقية، ما يرفع عدد الفلسطينيين المعتقلين إلى 63 شخصا منذ الجمعة الماضي، أضيف إليهم اليوم عشرات المعتقلين.
وقال الجيش الصهيوني إنه أمر بإغلاق الأراضي المحتلة لمدة 24 ساعة على أن ينتهي سريان مفعول قرار الإغلاق في منتصف الليلة المقبلة.
وجاء في بيان للجيش الصهيوني أنه لن يسمح سوى للحالات الإنسانية العاجلة بدخول إسرائيل من الأراضي المحتلة.
مصادمات في القدس وكانت القدسالشرقية قد شهت مصادمات على مر الأيام الثلاثة الماضية بين شباب فلسطينيين يلقون الحجارة وقوات الجيش الصهيوني.
وكانت إذاعة الجيش الصهيوني قد أعلنت أن شاحنة اصطدمت بعدة سيارات ودهست عددا من المارة في تل أبيب يوم الأحد، مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل.
وقال شهود إن ثورة غضب اعترت سائق الشاحنة، فصدم بسيارته عددا من السيارات ودهس مارة على مسافة كيلوميترين من الطريق.