بدأ ما يعرف بشباب 25 فبراير في موريتانيا أمس الثلاثاء، تنظيم تظاهرات في مقاطعات العاصمة نواكشوط تحضيرا لما يسمونه 'يوم الغضب' المقرر الاثنين المقبل. ودعا الشباب أصحاب المظالم والنقابات ومرتادي الأسواق أمس للمشاركة في تظاهرة الغضب، فيما كتب عدد من قيادات الحركة مقالات في شبكات التواصل الاجتماعي للتحريض على الاحتجاجات المقررة ضد نظام الرئيس ولد عبد العزيز.
وأكد الربيع ولد إدومو القيادي البارز في الثورة الشبابية المسماة "المؤسسة العسكرية لحماية خيار الشعب الموريتاني"، أن المعارضة وضعت أمام مسئولياتها في هذا الحراك، فبعد أن ضيعت عدة فرص لإبعاد ولد عبد العزيز عن السلطة لأنه لا يصلح لها، جاءتها الفرصة اليوم على طبق من ذهب.
وأضاف قائلا ان يوم 25 ابريل "يمثل أملنا في صناعة الأحداث كشعب.. يوم للخروج الى الشارع، سنتوحد فيه رغم اختلاف مشاربنا وأعراقنا وانتماءاتنا الايديولوجية والعرقية.. يوم يشكل رمزا تاريخيا في حياتنا. وقد أثبت المتظاهرون أنهم قادرون على تسيير مظاهراتهم بشكل محترم حتى عندما غابت الشرطة، أما القمع فقد جربه رؤساء آخرون مصيرهم اليوم لا يسر عدوا ولا صديقا".
وكان اجتماع الرئيس الموريتاني بقادة أحزاب الأغلبية مساء الإثنين حدثا آخر له تأثيره في هذا الحراك السياسي. فقد أيد الرئيس تأسيس حزب الشباب الذي يرى البعض أن الغرض منه الالتفاف على تحركات شباب 25 فبراير، فيما يعتبره ناشطو الحزب الحاكم تجاوزا للحزب وبحثا عن دماء جديدة.
وأربكت أقوال الرئيس ولد عبد العزيز خلال هذا الاجتماع قادة الأغلبية لكونه لم يتضمن تطمينات لهم ولا التجاوب مع شكاوى قادة أحزابها من التهميش والإقصاء، حسب المعارضين.
ودافع ولد عبد العزيز في اجتماعه مع الأغلبية عن سياساته وعن إنجازاته منذ توليه حكم موريتانيا في تموز/يوليو 2009. وقال ان موريتانيا قطعت في ظل حكمه 'مراحل كبيرة نحو الإصلاح ونشر العدالة ومحاربة الفساد'. وصب الرئيس الموريتاني جام غضبه على المعارضة مشيرا إلى أنها 'ليست على مسافة واحدة من النظام ولكل منها أجندته الخاصة'.
وحول مسألة الحوار أكد ولد عبد العزيز أن المعارضة كانت في "مرحلة ما مستعدة للحوار، إلا أن ثورات بعض البلدان جعلتها تنتظر حدوث ثورة في موريتانيا لركوب موجتها معلقة آمالا على تحركات الشباب التي تقلص المشاركون فيها والذين كان جلهم من معاوني جهات الأمن".
وقال "ستكون المعارضة اليوم، بعد أن تأكدت من زيف أوهامها، مستعدة للحوار الذي لا يعني المشاركة في الحكومة".
وشدد ولد عبد العزيز على القول انه لا يخشى من اضطرابات في موريتانيا، منوها الى أن بلاده لن تشهد ما شهدته بلدان أخرى لأنها لا تقارن بهذه البلدان.
وقال "موريتانيا ليست تونس ولا مصر، وليس قولي هذا مماثلا لما قاله حسني مبارك من أن مصر لا تشبه تونس". وأضاف "نعترف بأن لدينا بعض المشاكل، إلا أنه باستطاعتنا التغلب عليها ومنها البطالة الناجمة عن عدم تأهل الشباب للعمل".
وفي السياق ذاته، انتقد زعيم المعارضة أحمد ولد داداه في بيان وزعه أمس الثلاثاء ما أسماه "تصامم الحكومة عن الاحتجاجات النقابية وتظاهرات العمال والعاطلين وأصحاب المطالب وإضرابات نقابات الصحة"، داعيا "النظام للإنصات لكل هذه المطالب والتجاوب معها، خاصة أن موريتانيا تملك خيرات كثيرة تستخرج بشكل استنزافي"، حسب تعبيره.
وأعلن زعيم المعارضة أن هذه "الاحتجاجات بشتى أنواعها تعبر عن وجود خلل حقيقي في إدارة الشأن العام. كما أن التعنت الذي تقابل به السلطات إضراب نقابات الصحة يشي بكثير من عدم المسئولية تجاه المرضى الذين تكتظ بهم المستشفيات وتبقى حالاتهم دون علاج".
وانتقد ولد داداه الرئس الموريتاني قائلا "إن حاكما لا تقض مضجعه أنات المرضى وآلامهم لا يستحق أن يبقى في الحكم. وحاكم يبخل بعلاوة الخطر على الأطباء والممرضين وعمال الصحة، لا يسعى قطعا إلى تحسين ظروف عمال الدولة ولا يعطي لهذا القطاع الحيوي الاهتمام الكافي".