أسفرت تحقيقات مباحث الأموال العامة ونيابة الأموال العامة في قضية توريد أكياس دم ملوثة لوزارة الصحة، والمتهم فيها الدكتور هاني سرور وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني وعدد من قيادات وزارة الصحة، عن العديد من المفاجآت المروعة . فقد كشفت التحقيقات عن تواطؤ العديد من موظفى وقيادات وزارة الصحة حيث أن الوزارة رفضت إبلاغ النيابة العامة عن الواقعة، رغم أن الشئون القانونية بالوزارة أكدت في تحقيقاتها ارتكاب عدد من المسئولين بالوزارة جرائم الإضرار بالمال العام وتسهيل الاستيلاء عليه . وكانت مديرة الشئون القانونية السابقة قد طلبت في مذكرة رسمية لرؤسائها إبلاغ النيابة العامة بجميع الوقائع، لكنهم رفضوا ذلك، وقاموا بإبعادها من منصبها، ونقلها إلي درجة وظيفية أقل بإدارة الفتوي بالوزارة. وأضافت التحقيقات أنه تمت ترقية أحد المشتبه بهم في القضية إلي منصب مدير الشئون القانونية وهو محمد عبدالحليم، مدير العقود في المناقصة التي فازت فيها شركة "هايدلينا" بتوريد أكياس الدم الفاسدة محل التحقيق في القضية، وأن الموظفة سهير الشرقاوي بقسم المحاسبة بالوزارة تطوعت من تلقاء نفسها وأبلغت الجهات الرقابية.
محاولة لطمس الجريمة .. وأوضحت التحقيقات أن أحد قيادات وزارة الصحة أصدر قرارا بإعدام آلاف من الأكياس الملوثة المعبأة بالدم من المتبرعين، وتم وضعها في مخازن الوزارة. ولكن الوزارة لم تستطع تنفيذ القرار، بسبب سرعة تحرك ضباط مباحث الأموال العامة، حيث سارعوا علي الفور بالتحفظ علي الأكياس، وقاموا بتحريزها علي ذمة القضية، علي اعتبار أنها من أهم الأدلة في القضية التي تثبت خطورة هذه الأكياس علي صحة المواطنين، كما أن عدم استفادة بنوك الدم من هذه الكميات من الدم لتلوثها بالبكتيريا والفطريات الموجودة داخل الأكياس يعد إهداراً للمال العام، أدي إلي تكبيد وزارة الصحة مبالغ مالية كبيرة لشراء كميات أخري بديلة من الدم لسد احتياجات المستشفيات.
فى انتظار سيد قراره المستشار علي الهواري المحامي العام الأول لنيابة الأموال ينتظر قرارا من مجلس الشعب برفع الحصانة عن الدكتور هاني سرور حتي تتمكن النيابة من تشكيل لجنة فنية لفحص الأكياس الملوثة وتحديد كمياتها، وتقدير الضرر الذي لحق بالمال العام، واستكمال التحقيقات التي يباشرها عماد عبدالله رئيس النيابة. تحريات مباحث الأموال العامة ومذكرة الشئون القانونية بوزارة الصحة، اتهمت العديد من قيادات الوزارة بالتورط في القضية، خاصة رؤساء وأعضاء لجان المناقصة والبت والفحص التي وافقت علي عرض شركة "هايدلينا". وقد أوضحت التحقيقات أن المسئولين عن لجنة طرح المناقصة وضعوا شروطا قاصرة، وترتب عليها قبول عرض شركة "هيدلينا"، رغم أن القواعد المعمول بها تقضى بإرسال عينات من أكياس الدم إلي إحدي الدول الأوروبية أو الولاياتالمتحدةالأمريكية، للتأكد من سلامتها ومطابقتها المواصفات، حيث إن معامل وزارة الصحة المصرية غير قادرة علي اختبار أكياس الدم لتحديد مدي صلاحيتها للاستخدام من عدمه.
جريمة قتل عمد .. وليست مخلفة مواصفات وأضافت التحقيقات أن المسئولين عن لجنة توريد أكياس الدم الملوثة عرفوا عيوبها لكنهم استمروا في عمليات توريد الأكياس، وأن الدكتورة فاتن محمد مفتاح مديرة المركز القومي لنقل الدم طرحت مناقصة جديدة لتوريد أكياس دم بعد شهر واحد من قبول وزارة الصحة عرض "هايدلينا"، وعندما تقدمت شركة "هايدلينا" بالعينات، رفضتها لوجود العديد من العيوب، وسارعت الدكتورة فاتن مفتاح بإبلاغ المسئولين عن توريد الأكياس من شركة "هايدلينا" بخطورة استمرار توريد الأكياس، لكنهم لم يحركوا ساكنا، واستمروا في توريد الأكياس، حتي رفضت جميع بنوك الدم التعامل معها. سلطات التحقيق تحاول الآن حصر أسماء جميع المتبرعين الذين أصيبوا بحالات إغماء أثناء تبرعهم بالدم، وكذلك أسماء المرضي الذين تلقوا الدم، وذلك لمعرفة حالتهم المرضية. يذكر أن حالة من الغموض تفرض على المعلومات الخاصة بالقضية رغم خطورة تداعياتها لمساسها بمقربين من القيادات السياسية فى الحزب الوطنى ودوائر القيادات فى مجلس الشعب .